السعدي يرفض التفاوض نيابة عن المتظاهرين ويؤكد: فقدت الثقة في حكومة المالكي

المعتصمون يستعدون لتشكيل لجنة تفاوضية برعايته

TT

دخلت المظاهرات والاعتصامات في المحافظات الغربية والشمالية من العراق منعطفا جديدا بعد جمعة «الخيارات المفتوحة»، أول من أمس (الجمعة)، فبينما كانت المخاوف من احتمال تكرار سيناريو الحويجة في الرمادي أو الفلوجة قائمة حتى مساء الخميس، بعد أن تم دفع تعزيزات عسكرية من بغداد إلى الأنبار، واستمرار إغلاق منفذ طريبيل الحدودي مع الأردن، فإن الخيارات المفتوحة انحصرت في خيارين لدى قسم من المتظاهرين، وهما تشكيل إقليم سني في الأنبار، أو استبدال رئيس الوزراء نوري المالكي من قبل التحالف الوطني.

وفي مقابل هذين الخيارين ظهر خيار ثالث، وهو البدء بمفاوضات مباشرة مع الحكومة لتنفيذ مطالب المتظاهرين مقابل إنهاء الاعتصام، مع الإعلان عن تخويل رجل الدين البارز عبد الملك السعدي بمهمة المفاوضات.

وبعد تخويل السعدي بساعات، أعلن رفضه القيام بمثل هذه المهمة، مع استعداده لدعم أي لجنة يتفق عليها المعتصمون. وقال السعدي في بيان له تلقت «الشرق الأوسط» نسخة منه إنه «يدعو العراقيين إلى التمسك بما جاء في جميع بياناته السابقة ويؤكِّد عليها، ومنها ضرورة اتخاذ القرارات من داخل ساحات الاعتصام، ولا حاجة إلى تخويل طرف آخر للتفاوض نيابة عنهم، فالمتظاهرون هم أصحاب الشأن، وهم القادرون على تحقيق أهدافهم».

وأضاف البيان أنه بإمكان «المتظاهرين تفويض لجنة يرتضونها تفاوض عنهم، تضم علماء دين من بينهم وشيوخ عشائر ورجال قانون من غير السياسيين من دون تفويض شخص واحد»، معربا عن استعداده للتعاون مع هذه اللجنة، ومطالبا الحكومة «بالاعتذار لعوائل الضحايا من الشهداء في الفلوجة والحويجة والأنبار وتقديم الجناة إلى العدالة لينالوا جزاءهم».

وفي بيان آخر، أعلن السعدي أنه فقد ثقته بالحكومة العراقية. وقال إن «المتظاهرين استجابوا لما طلبته منهم في خطابي، فضربوا مثلا رائعا في سلمية المظاهرات، ورفعوا شعار التوحد والتآخي بين فئات العراقيين، وعدم التفريق بين قومية أو دين أو مذهب، ولم يكن للمتظاهرين هدف سوى تنفيذ حقوق جميع العراقيين التي طالبوا بها الحكومة العراقية».

وتابع السعدي أن «ثقتي كانت كبيرة في الحكومة أن تنفذ تلك الحقوق، لكن الآن تلاشت بخيبة أمل من خلال تعامل الحكومة مع المتظاهرين»، مشيرا إلى أن «الحكومة قد تعاملت تعاملا لا يليق بحق العراقيين الشرفاء، فواجهتهم بالتهديد والألفاظ النابية المسيئة، وضايقتهم بأنواع المضايقات، ولم تكترث بحقوقهم، وسوّفت وماطلت، ولم تنفذ شيئا يذكر من الحقوق ولم تشعر العراقيين بأي احترام أو تقدير لهم».

من جهتها، أعلنت لجان التنسيق الشعبية في الأنبار أنها «مع إيجاد حل سلمي لأزمة المظاهرات، وذلك من خلال خيار المفاوضات المباشرة مع الحكومة دون التنازل أو المساومة على أي من الحقوق التي رفعها المتظاهرون منذ أكثر من 4 شهور».

وفي هذا السياق، قال عضو اللجان التنسيقية للمظاهرات في الأنبار الشيخ غسان العيثاوي في تصريح لـ«الشرق الأوسط» إن «هناك إجماعا داخل الساحات بشأن التفاوض برعاية العلامة الشيخ عبد الملك السعدي، وهو ما جعلنا نخوله بالتفاوض نيابة عنا مع الجهات الرسمية لضمان حقوقنا ولكونه شخصية مقبولة من كل الأطراف».

وردا على سؤال بشأن إعلان السعدي اعتذاره عن القيام بهذه المهمة بشكل مباشر، قال العيثاوي إن «لجان التنسيق الشعبية، وبالاتفاق مع شيوخ العشائر ورجال الدين، سوف يقررون خلال الأيام القليلة المقبلة تشكيل لجنة من داخل الساحة، وطبقا للآليات التي وضعها الشيخ السعدي في بيانه، حيث لن يكون للسياسيين دور فيها؛ سواء كان مباشرا أم غير مباشر».

وبشأن الدعوات لإقامة إقليم سني في المناطق الغربية من العراق، قال العيثاوي إن «هذا الخيار لا يحل الأزمة، وإنما من شأنه أن يدخل البلاد في أزمة جديدة»، معتبرا أن «هذا الأمر لا يقرره عدد من السياسيين أو رجال الدين، بل هو خيار الشارع الأنباري، ومن خلال ما نراه فإن هناك عدم تقبل لهذه الفكرة، لأن من شأنها تقسيم العراق وهو أمر مرفوض من جانبنا، حتى لو تضمن الدستور ذلك، لأننا كنا منذ البداية ضد الدستور، لكونه تضمن من بين ما تضمن قضية الفيدرالية والأقاليم».