جبريل: بإمكان المغرب مساعدة ليبيا في إعادة بناء المؤسسة العسكرية وصياغة الدستور

رئيس التحالف الوطني الليبي: لا نريد أن يتحول قانون العزل السياسي إلى أداة لتصفية حسابات شخصية

عبد الإله ابن كيران رئيس الحكومة المغربية لدى استقباله السياسي الليبي محمود جبريل في مقر رئاسة الحكومة بالرباط مساء اول من امس (تصوير: منير محيمدات)
TT

قال محمود جبريل رئيس التحالف الوطني الليبي، إن رؤساء الكتل البرلمانية في المجلس الوطني (البرلمان) يتداولون صيغة توافقية بشأن قانون العزل السياسي، الذي تطالب بعض المجموعات المسلحة بإقراره للتخلص من رموز النظام السابق.

وأضاف جبريل الذي كان يتحدث في لقاء صحافي عقده، الليلة قبل الماضية، في الرباط، في ختام زيارة غير رسمية للمغرب بدعوة من مركز الشروق للديمقراطية وحقوق الإنسان، أن التحالف الوطني يرى أن قانون العزل السياسي ضرورة لحماية الثورة، لكن لا بد أن يكون مبنيا على العدل وغير منتهك لحقوق الإنسان، مشيرا إلى أن «العزل بالنسبة إلينا هو عزل السلوك وليس الأشخاص والمناصب، ولا نريد أن يتحول هذا القانون إلى أداة لتصفية الحسابات الشخصية».

وأشار المسؤول الليبي إلى أن الاضطرابات التي تعرفها بلاده طبيعية ومتوقعة، وتحدث في العادة بعد الثورات الكبرى، وأضاف أن ليبيا تعرف «شيئا من الانفلات الأمني»، بيد أنه أشار إلى أن الحوار هو المدخل الرئيس لتطويق الخلافات، ووضع حد لعدم الاستقرار. وقال إنه من المتوقع تنظيم الانتخابات في البلاد قبل 2014، وذلك بعد المصادقة على قانون جديد حول التقطيع الانتخابي، وصياغة الدستور الجديد.

وأوضح جبريل أن هناك توقا كبيرا لدى الليبيين لتحقيق إنجازات سريعة وبدء مسيرة التنمية، بيد أن هذه العملية تتطلب وقتا، نظرا للانقسامات القبلية وانعدام الثقة، والشكوك التي زرعها العقيد الراحل معمر القذافي، لترسيخ نظامه على مدى عقود من الزمن.

وأضاف جبريل أن الحوار الوطني سيكون هو الأداة لمد جسور الثقة بين أبناء الشعب الواحد، وإلا فسيكون البديل هو الانزلاق إلى الفوضى.

ودعا جبريل الأطراف الخارجية، ومنها بعض دول الخليج، التي ساعدت ليبيا في التخلص من الحكم الاستبدادي إلى المساعدة أيضا في إنجاح هذا الحوار، وأن لا «تنحاز لطرف ضد طرف آخر».

وأوضح المسؤول الليبي أن ثنائية الإسلاميين والعلمانيين التي يروج لها اليوم على نطاق واسع لم تكن موجودة نهائيا قبل الثورة في ليبيا، وأضاف أنه ليست مصادفة أن تعزف المعزوفة ذاتها في دول الربيع العربي (مصر وتونس وليبيا)، مشيرا إلى أن الغرض منها هو زرع الفتنة في هذه الدول، بيد أنه قال إنه «غير مهتم ولا منجذب للدخول في هذا الجدل بين التيارين العلماني والإسلامي.. هناك وطن يسع الجميع، والتطرف بجميع أشكاله معادٍ للاعتدال».

وأوضح جبريل أن وسائل الإعلام تساهم بشكل كبير في تكريس هذا الانقسام، وعلى رأسها وسائل الإعلام الأجنبية التي تسلط الضوء على بعض السلوكيات المتطرفة الصادرة من المجموعات التي تسميها «إسلامية»، في حين لم نسمع وسائل الإعلام هذه تتحدث عن التطرف الليبرالي.

وأضاف جبريل: «لست ضد السلفيين ولا (الإخوان). كلهم أبناء الوطن، والحوار من شأنه أن يزيل كثيرا من سوء الفهم بين مختلف الأطراف». وبشأن تعثر بناء اتحاد المغرب العربي، قال جبريل إنه لو أعيد طرح فكرة هذا المشروع من منظور اقتصادي بحت، وليس من منظور سياسي، لنجحت الفكرة، وتحولت المنطقة إلى كتلة اقتصادية فاعلة بالنظر إلى ما تتوافر عليه من ثروات نفطية وبشرية، مشيرا إلى أن المغرب أمامه فرصة نمو حقيقية والاستفادة من الاستقرار الذي يعرفه، لجذب رجال الأعمال من مصر وتونس وليبيا، وفي المقابل عليه سن تشريعات أكثر تحفيزا وأقل بيروقراطية، حتى يمنح للتنافس الاقتصادي في المنطقة معنى حقيقيا.

وحول ما إذا كانت ليبيا تسعى للاستفادة من تجربة الانتقال الديمقراطي في المغرب، قال جبريل إن المغرب يمكنه مساعدة بلاده في إعادة بناء المؤسسة العسكرية، وصياغة الدستور، بالإضافة إلى تجربة هيئة الإنصاف والمصالحة، لأن ليبيا مقبلة بدورها على المصالحة.

وردا على سؤال حول مستقبل المهاجرين المغاربة الذين كانوا يعملون في ليبيا، والذين عادوا إلى بلادهم بعد اندلاع الثورة، ولم يتمكنوا من العودة إليها بعد فقدانهم عملهم، قال جبريل إن المسؤولية تقع على الشركات الأجنبية التي كانت توظف العشرات من المهاجرين، ورفضت استئناف نشاطها بعد الثورة، بحجة انعدام الاستقرار الأمني، في حين أن شركات البترول عادت بعد شهر واحد ولم تتذرع بالحجة نفسها، حسب قوله.

وكان جبريل قد التقى خلال زيارته غير الرسمية للرباط مسؤولين مغاربة، بينهم عبد الإله ابن كيران رئيس الحكومة، وكريم غلاب رئيس مجلس النواب، ومحمد الشيخ بيد الله رئيس مجلس المستشارين، ومسؤولون بالمجلس الوطني لحقوق الإنسان. ووصف هذه الزيارة بأنها «زيارة ود ومجاملة».