الهوني يحذر من التدخل الأجنبي في ليبيا على خلفية الانفلات الأمني

وسط انقسام حول عزل أنصار القذافي.. وحدات الجيش تنسحب بعد انتشار مؤقت في العاصمة طرابلس

مواطن ليبي يسقي الشجيرات المحيطة بمقابر الجنود البريطانيين والإيطاليين الذين قتلوا في الحرب العالمية الثانية (رويترز)
TT

بدأت وحدات الجيش الليبي التي انتشرت أول من أمس في ساحات وميادين، وتمركزت أمام مقار الجهات الرسمية والحكومية في العاصمة الليبية طرابلس لحمايتها، في الانسحاب من مواقعها بعد انتهاء المظاهرات الشعبية التي أظهرت انقساما بين الشارع الليبي حول قانون العزل السياسي لمنع أنصار النظام السابق من تولي أي مناصب رسمية في الدولة الليبية.

وكان الرائد حسين الفايدي مدير المركز الإعلامي برئاسة الأركان العامة، قد اعتبر أن انتشار هذه الوحدات يأتي لتأمين مداخل مدينة طرابلس وبعض مرافق ومنشآت المدينة الهامة والاستراتيجية، مثل المصارف والجسور والمستشفيات ومحطات الكهرباء.

ونقلت عنه وكالة الأنباء المحلية قوله إن وجود هذه الوحدات استهدف أيضا تفادي حدوث أي طارئ، والتأكيد على أن المؤسسة العسكرية بعيدة عن أي تجاذبات سياسية، وتدعم الشرعية المتمثلة في المؤتمر الوطني العام (البرلمان) والحكومة الانتقالية برئاسة الدكتور علي زيدان. وكان العشرات من أعضاء تنسيقية العزل السياسي قد تجمعوا في ميدان الشهداء بطرابلس لإعلان دعم الشرعية الوطنية والمطالبة بإصدار قانون العزل السياسي. وأعرب المتظاهرون عن رفضهم الاعتداءات التي طالت مقار الوزارات السيادية في طرابلس ومحاصرتها، حيث رفعوا لافتات مكتوبا عليها «نحن مع العزل وشرعية الدولة»، «لا يصلح من أفسد» و«الطاغية لم يحكم لوحده».

من جهته، أعرب عبد المنعم الهوني مسؤول مكتب تحالف القوى الوطنية في القاهرة، عن أسفه لما آلت إليه الأمور في العاصمة طرابلس، كما أعلن استنكاره ورفضه الشديد لاقتحام مئات المسلحين عددا من مقار الوزارات التابعة لحكومة زيدان في ظل ما وصفه بغياب كامل من قوات الشرطة والجيش التي لم تتدخل لوقف الاعتداء على ما تبقى من هيبة الدولة الليبية. وقال الهوني في بيان صحافي تلقت «الشرق الأوسط» نسخة منه، إنه يستنكر ما وصفه بهذا الاعتداء الغوغائي والهمجي الذي يضع ليبيا على أعتاب التدخل الأجنبي من جديد، معتبرا أن من قاموا باقتحام مقار الوزارات واعتدوا بالضرب على بعض الوزراء لا يمكن أن يكونوا مواطنين ليبيين ويتمتعون بالجنسية الليبية.

وأكد الهوني أن المؤتمر الوطني والحكومة يتحملان جميعا مسؤولية التدهور والانفلات الأمني والسياسي الراهن في ليبيا، عبر الاستمرار في الممارسات الفاشلة التي اتبعها المجلس الوطني الانتقالي السابق.

ورأى الهوني أن قيام الميليشيات المسلحة بنشر الفوضى وعدم الاستقرار ومهاجمة مقرات الجهات الحكومية والاعتداء عليها، جريمة كبرى تتحمل مسؤوليتها السلطة التشريعية والتنفيذية الراهنة في البلاد. وحذر الهوني الذي شغل في السابق منصب مندوب ليبيا الدائم لدى الجامعة العربية، من السماح للميليشيات المسلحة بخطف الثورة والانقلاب على الشرعية التي انتخبها الشعب الليبي، معتبرا أن أي خلل في المسار الديمقراطي يجب أن لا يتم حله باستخدام السلاح. وأضاف: «لم نتخلص من نظام القذافي السابق وننهِ حكما ديكتاتوريا دام أكثر من أربعة عقود، لكي نرى المسلحين مجهولي الهوية يعيثون فسادا في الأرض، ويهددون استقرار الوطن وأمن المواطن». وقال الهوني إنه يتعين على الشعب الليبي أن يستعد للوقوف في مواجهة هذه الميليشيات التي رأى أنها تريد اختطاف الوطن وثورة السابع عشر من شهر فبراير (شباط) عام 2011، محذرا من أن فشل السلطات الليبية في التعامل الحازم مع هذه الميليشيات سيدمر البلاد ويضعها على أعتاب حرب أهلية تسمح للأجانب والقوى الغربية بالتدخل من جديد في إدارة الشؤون الداخلية للبلاد. وتساءل الهوني: «لمصلحة من يتم ضرب وزير أو اقتحام مقر لوزارة حكومية؟»، مضيفا: «هذا عبث واستهتار بمقدرات الوطن، وتلاعب خطير بأمنه واستقراره». إلى ذلك، ندد حزب العدالة والبناء، الذراع السياسية لجماعة الإخوان المسلمين، بالاتهامات التي وجهها محمد بازوم وزير خارجية النيجر لليبيا بأنها أصبحت من أكبر قواعد الإرهاب. واستغرب الحزب في البيان الذي أصدره أمس وتلقت «الشرق الأوسط» نسخة منه، هذه التصريحات التي تصدر من قبل بعض ساسة دول الجوار وتحرض على العدوان على ليبيا، معتبرا أن حاجة ليبيا لدعم المجتمع الدولي لا تعني المساس بمبدأ سيادتها.