وزراء خارجية دول اتحاد المغرب العربي يجتمعون اليوم في الرباط

العمراني يدعو إلى بلورة «نظام مغاربي جديد» يرتكز على تعزيز المكتسبات وتكريس المصالح المشتركة

TT

يجتمع وزراء خارجية دول اتحاد المغرب العربي في الرباط اليوم بعد أسبوعين على التام وزراء داخلية دول الاتحاد.

وكانت أشغال لجنة المتابعة المغاربية في إطار دورتها الـ48 قد انطلقت أمس في العاصمة المغربية تمهيدا لاجتماعات مجلس وزراء خارجية دول الاتحاد في دورته الـ31.

وأجمعت مختلف مداخلات الوفود المغاربية المشاركة في اجتماعات اللجنة على ضرورة التقدم والتسريع من وتيرة الاندماج المغاربي، وتفعيل آليات عمل مختلف الهيئات والمؤسسات والمشاريع المغاربية التي من شأنها تحقيق التكامل المغاربي لمواجهة مختلف التحديات التنموية والأمنية في سياق تحولات إقليمية ودولية، وأوضاع أمنية غير مستقرة في منطقة الساحل والصحراء.

وفي سياق ذلك، دعا يوسف العمراني الوزير في الخارجية المغربية، في كلمة خلال الجلسة الافتتاحية للاجتماع، إلى ترجمة الإرادة السياسية لقادة وشعوب المنطقة في ترسيخ اتحاد المغرب العربي، إلى قرارات حاسمة ومقدامة، وأفعال ومشاريع وبرامج تعود بالنفع المباشر على المواطنين المغاربيين.

وأضاف العمراني أن هذا المطلب يحتاج إلى بلورة «نظام مغاربي جديد» يرتكز على تعزيز المكتسبات وتكريس المصالح المشتركة على أساس التشاور والتضامن والتنمية، واستثمار الموارد البشرية والطبيعية الهائلة التي تزخر بها بلدان الاتحاد، وبناء شبكات الربط بين مختلف البنيات التحتية، وخلق الشروط الضرورية للاستثمار، وإقامة مشاريع مندمجة، وتوحيد السياسة الجمركية والمالية، وتعزيز التعاون المصرفي، وتحقيق حرية تنقل الأشخاص والخدمات والسلع ورؤوس الأموال، وتشجيع التبادل الحر، وصولا إلى الوحدة والتكامل، مع الحفاظ على القيم الروحية وصيانة الهوية المغاربية.

وبعد أن أشار العمراني إلى تنامي الوعي لدى المجتمعات المغاربية بضرورة التحرك العاجل والفعال للتقدم في مسلسل الاندماج المغاربي، الكفيل بتحقيق نسبة نمو تسمح بتلبية حاجيات الشعوب المغاربية في الشغل والسكن والتطبيب والتعليم وحرية التنقل والاستثمار في جميع أقطار المغرب العربي، شدد على أن التأسيس لهذا النظام المغاربي، الذي لن ينطلق من الصفر على اعتبار أن الاتحاد راكم تجربة كبيرة وغنية على مدى 24 سنة، ويتوفر على الهياكل والمؤسسات الضرورية والإطار القانوني، يتعين أن يشرك مختلف الفاعلين الاقتصاديين والمهنيين، والقطاع الخاص، والبرلمانيين، وجمعيات المجتمع المدني، والجماعات الترابية، والمؤسسات الجامعية.

وأشار إلى حصول انتعاش نسبي على مستوى العمل المغاربي من خلال اجتماعات مختلف الهيئات واللجان المتخصصة، واجتماعات فرق العمل والمنتديات، مؤكدا أنه كلما «حدث انفراج أو ديناميكية على مستوى العلاقات الثنائية بين الدول المغاربية، انعكس ذلك إيجابيا على المسار الاندماجي المغاربي، وهذا ما يثبت أن تحقيق التكامل المغاربي في المتناول، بل واجب وضرورة ملحة تستلزم منا تجاوز مختلف العقبات التي تحول دون التقدم الطبيعي لمسيرة الاتحاد». وذكر العمراني أن هذا الاجتماع يأتي في ظروف إقليمية وسياسية تتسم بتحولات سياسية عميقة تشهدها المنطقة المغاربية، وبأوضاع أمنية غير مستقرة في منطقة الساحل والصحراء تهدد أمن واستقرار بلدان الاتحاد الخمس، بالإضافة إلى الركود الاقتصادي والأزمة المالية «لشريكنا الأول الاتحاد الأوروبي»، معتبرا أنه بالنظر إلى كل ذلك أضحى بناء الاتحاد ضرورة أمنية أيضا.

ومن جهته، أعرب الأمين العام لاتحاد المغرب العربي، الحبيب بن يحيى، عن أمله في أن تتمخض أشغال المجلس الوزاري المغاربي عن توصيات وقرارات من شأنها المساهمة في تدعيم الاندماج المغاربي حتى يعم الأمن والاستقرار والرخاء المنطقة.

وأشار بن يحيى إلى أن هذا الاجتماع ينعقد في ظروف دقيقة تحتم تنسيق الجهود ورفع التحديات المختلفة لتحقيق التنمية المستديمة، وشدد على ضرورة إيلاء قضية الشباب الأهمية المركزية والأساسية داخل كل اجتماعات هيئات الاتحاد، تمهيدا لإعداد استراتيجية مغاربية للشباب بهدف النهوض بأوضاعهم، والاستجابة لمطالبهم المختلفة، وتقوية انتمائهم إلى المنطقة المغاربية.

من جهتها، شددت ليلى بحرية، كاتبة الدولة (وزيرة الدولة) لدى وزير الخارجية التونسي، على ضرورة تفعيل وتعزيز العمل المغاربي المشترك، من خلال تطوير هياكل وآليات عمل الاتحاد ليجسد طموحات وآمال قادة وشعوب المنطقة في وحدة مغاربية أساسها التكامل والتضامن.

ودعت بحرية إلى الإسراع بإقامة منطقة التبادل الحر في منطقة المغرب العربي، ومصرف مغاربي، ودعم المبادلات التجارية البينية، وتسهيل تنقل رؤوس الأموال، وذلك لمواجهة التحديات المختلفة من منطلق كون الاتحاد خيارا استراتيجيا لشعوب المنطقة، وفضاء للتكامل والتضامن علاوة على ضرورة التنسيق في المجال الأمني لتعزيز شروط الاستقرار على أساس التنمية الشاملة والمتوازنة.

وأكد عبد الحميد شبشوب، المدير العام للبلدان العربية بوزارة الشؤون الخارجية الجزائرية، أن هذا الاجتماع يترجم الإرادة السياسية لبلدان الاتحاد لتطوير مؤسساته، وإجراء تقييم شامل، والنظر في مختلف الصعوبات المعيقة لتطوره، وفرصة لمواصلة التنسيق والتشاور للوصول إلى أفضل السبل لتحقيق الأهداف المشتركة في ظل تحديات أمنية وتطورات تعرفها البلدان المغاربية.

وأشاد شبشوب بالمكاسب التي حققها الاتحاد المغاربي رغم الصعوبات، ودعا إلى اعتماد رؤية جديدة ومراجعة منهجية العمل لإصلاح منظومة الاتحاد المغاربي لدعم القدرات الاقتصادية لبلدان المنطقة، من خلال عدد من المبادرات، من بينها على الخصوص إنشاء البنك المغاربي، والمجموعة الاقتصادية المغاربية؛ لإقامة مشاريع اقتصادية مهيكلة، خصوصا في مجالات الفلاحة وتكنولوجيات الإعلام والاتصال والبنيات التحتية، ومزيد من التنسيق لمواجهة مكافحة الإرهاب والجريمة المنظمة، والتصدي لشبكات المخدرات وتجفيف منابع الإرهاب.

ومن جهته، قال محمد ولد كحلة، القائم بأعمال السفارة الموريتانية لدى المغرب، إنه يتعين العمل من أجل تسريع دينامية العمل المغاربي لتحقيق تطلعات الشعوب، ومواجهة تحديات العولمة، وخلق شروط الاندماج المغاربي، مما يتطلب «انطلاقة جديدة تمر عبر سعي جاد لإصلاح منظومة الاتحاد باقتراحات جديدة، ووضع آليات لمواجهة التحديات».

يذكر أن اجتماعات لجنة المتابعة يرأسها عبد الرزاق محمود القريدي، وكيل وزارة الخارجية والتعاون الدولي في ليبيا، ودرست اللجنة عددا من محاور الدورة، ومنها متابعة العمل الاندماجي المغاربي لاستكمال بلورة مشروع جدول الأعمال الخاص بالدورة الـ31 لمجلس وزراء الخارجية.