ماليزيا تشهد اليوم أول انتخابات عامة غير محسومة منذ الاستقلال

تقدم طفيف للمعارضة قد يأتي بأنور ابراهيم رئيسا للوزراء.. ويطوي صفحة نصف قرن من حكم «الجبهة»

ناشط من المعارضة يحمل لافتة انتخابية لأنور إبراهيم في بينانتي بولاية بينانغ الشمالية عشية الاقتراع أمس (أ.ب)
TT

يتوجه الماليزيون إلى صناديق الاقتراع اليوم للإدلاء بأصواتهم في انتخابات تشريعية تشهد تنافسا شديدا وقد تنهي نصف قرن من الحكم المطلق للحزب الحاكم الذي تلطخ بفضائح فساد وواجه تطلعات شعبية إلى التحرر.

وهتف مئات المعارضين المتحمسين لدى استقبالهم زعيمهم أنور إبراهيم، «إصلاح، إصلاح». ورد الداعية الجديد للتغيير الذي كان يرتدي الجلباب التقليدي الطويل «إن شاء الله، نستطيع أن نحقق الإصلاح». وأكد أنور إبراهيم الذي يمكن أن يصبح أول رئيس حكومة في ماليزيا لا ينتمي إلى تحالف الجبهة الوطنية الحاكمة حاليا: «أعتقد أن فرصنا في الفوز جيدة جدا».

وقد حقق الحزب الحاكم منذ الاستقلال في 1957، طفرة اقتصادية رائعة في ماليزيا المسلمة التي يبلغ عدد سكانها 29 مليون نسمة والتي انتقلت خلال 25 عاما من مرحلة البلد النامي إلى مرحلة البلد المتطور، لكن شعبية «الجبهة» التي تعذر التغلب عليها خلال 12 انتخابا تشريعيا نظمت منذ 1957، بدأت تشهد تراجعا.

وأظهر استطلاع للرأي أجراه «مركز ميرديكا لأبحاث الرأي العام» ونشرت نتائجه عشية الاقتراع، أن 42% يريدون منح الفرصة للتحالف المعارض لحكم البلاد. وقال 41% إن الائتلاف الحاكم فقط هو الذي يمكنه حكم البلاد في الوقت الذي لم تحسم فيه النسبة الباقية موقفها. وأوضحت نتائج الاستطلاع أن السباق كان متقاربا للغاية ويصعب التنبؤ بنتيجته، وهو ما يعني أنه للمرة الأولى منذ الاستقلال عن بريطانيا، سيتوجه الماليزيون إلى صناديق الاقتراع من دون فكرة واضحة عمن سيفوز.

في غضون ذلك، حذرت منظمة محلية تعنى بمراقبة الانتخابات أمس من حدوث عمليات تزوير وسط تقارير عن ترتيب الأحزاب السياسية لنقل الناخبين. وقال الائتلاف من أجل انتخابات حرة ونزيهة: «يجري نقل عشرات الآلاف من الناخبين المزعومين بالطائرات والحافلات إلى الولايات والدوائر الانتخابية الحاسمة». واعترف عدنان منصور، الأمين العام للجبهة الوطنية الحاكمة، أن حلفاء الجبهة نظموا رحلات طيران عارض (شارتر) لنقل الناخبين إلى ولاياتهم التي ينحدرون منها، لكنه نفى أن يكونوا ناخبين وهميين. ومن جانبه، قال رئيس مفوضية الانتخابات عبد العزيز يوسف إن دفع نفقات السفر للناخبين ليس جريمة طالما أن الراعي لا يوجه الناخبين إلى دعم أحزاب سياسية محددة أو مرشحين.

ويقول معارضو «الجبهة الوطنية»، إنها أرست سلطتها على عمليات تزوير وترهيب، وأدى أخطرها إلى سجن أنور إبراهيم ست سنوات. وكان أنور، نائب رئيس الوزراء والمرشح لتولي رئاسة الحكومة، قدم استقالته بسبب أفكاره الإصلاحية وحكم عليه في 1998 بتهمة ممارسة الجنس مع مثلي، لكن قسما كبيرا من الرأي العام اعتبر تلك التهمة سياسية. ولطخت فضائح الفساد بصورة منتظمة صورة الحزب الحاكم، وليس أقلها فضيحة غواصات سكوربن، وهي قضية فساد تورطت فيها على ما يسود الاعتقاد شركة «تاليس» الفرنسية ورئيس الوزراء نجيب عبد الرزاق. وفتح تحقيق أولي في فرنسا في شأن هذا العقد الذي تبلغ قيمته مليار يورو.

وحيال الاستياء الشعبي، يقدم عبد الرزاق نفسه على أنه إصلاحي وألغى القوانين القمعية المثيرة للجدل. لكن ذلك لم يمنع أنور إبراهيم الذي يتمتع بشعبية واسعة، من تحقيق تقدم انتخابي خلال الانتخابات التشريعية في 2008 إذ نجح في أن يزيد ثلاثة أضعاف عدد نواب تحالفه «الميثاق الشعبي» الذي يضم ثلاثة أحزاب.

وبات التحالف يشغل 75 من أصل 222 مقعدا في البرلمان الوطني في مقابل 135 للجبهة الوطنية. ويعد «الميثاق الوطني»، وهو تحالف متعدد الأعراق، بوضع حد للفساد والمحسوبية.

وينطوي الفوز على جانب ثأري لأنور الذي يطمح لتولي منصب رئيس الوزراء منذ خمسة عشر عاما. وجعلت منه معركته في السجن ضد الاتهامات التي وجهت له نيلسون مانديلا ماليزيا. وفي الخامسة والستين من عمره، يريد أن يشبه مصيره مصير مانديلا جنوب أفريقيا.