قادة الأمن الإسرائيليون مقتنعون بأن سوريا لن ترد

مصادر عسكرية: ضمن أهداف القصف تجربة قنابل ذكية تخترق الخنادق تحت الأرض

لقطة من فيديو لـ«أخبار الشام» يصور النيران التي خلفها القصف الإسرائيلي لمواقع في محيط العاصمة السورية دمشق فجر أمس (إ.ب.أ)
TT

رغم عدم إعلان إسرائيل رسميا عن وجبة الغارات الجديدة على مواقع في محيط العاصمة السورية دمشق، فجر أمس، اجتمع رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو، مع قادة الجيش والمخابرات وأعضاء المجلس الوزاري الأمني المصغر، في مكان خارج مبنى الحكومة، وبحث معهم التطورات العسكرية في المنطقة. واختتم الاجتماع بقناعة أن سوريا لن ترد على هذا القصف وأن احتمالات رد من حزب الله ما زالت ضعيفة. وتقرر أن يتابع نتنياهو برنامجه بـ«راحة بال» فانطلق في رحلة تدوم خمسة أيام إلى الصين، للتوقيع على اتفاقيات اقتصادية جديدة، بينما أعلن الجيش أنه متأهب لمواجهة أي احتمال. ورغم ذلك ومن باب الاحتياطات اللازمة نشرت إسرائيل بطاريتين من القبة الحديدية المضادة للصواريخ في مدينة حيفا الساحلية وصفد القريبة من الجولان.

وقال الجنرال عاموس يدلين، رئيس الاستخبارات العسكرية السابق ورئيس مركز أبحاث الأمن القومي، إن هناك عدة أسباب تجعل إسرائيل مطمئنة إلى أن سوريا لن ترد على القصف، أهمها: أولا أن إسرائيل ليست القوة التي تهدد نظام بشار الأسد بالسقوط، وأن وضع الأسد آخذ في التحسن حاليا في مواجهة المعارضة فإذا دخل في حرب مع إسرائيل فسينهار نظامه في أيام قليلة. وثانيا أن إسرائيل، بامتناعها عن أخذ مسؤولية القصف، تساعد الأسد على ألا يرد. وثالثا أن الأسد يعرف أن نقل أسلحة لحزب الله هو أمر غير شرعي حتى حسب قرار مجلس الأمن الدولي رقم 1705، ولذلك فإن العالم سيقف إلى جانب إسرائيل في معركة كهذه.

ومع ذلك قال يدلين إن هناك احتمالا ضعيفا أن يرد الأسد، وهو أنه كان قد وعد في مرة سابقة بأن يرد وأنه يتعرض لهجوم كاسح اليوم من العالم بسبب المذبحة التي نفذها في الأسبوع الماضي وراح ضحيتها 1200 مدني، «فقد يحشر في زاوية يرى نفسه فيها مضطرا إلى إزاحة الأنظار عن المذبحة فيشغل العالم في صدام محدود مع إسرائيل».

وكانت إسرائيل الرسمية قد واصلت التزام الصمت المطبق إزاء الأحداث الأمنية المتدهورة، رافضة تأكيد أو نفي الأنباء المتلاحقة عن شنها غارات على أهداف سورية، أمس، وكذلك ليل الخميس الماضي. ومع ذلك تناقلت وكالات الأنباء ووسائل الإعلام الفرنسية والأميركية والبريطانية تصريحات لمسؤولين إسرائيليين، اشترطوا عدم نشر أسمائهم، يؤكدون فيها أن إسرائيل هي التي قصفت، وأن القصف في المرتين (ليل الخميس وفجر أمس) كان على مخازن تحت الأرض وفوقها تضم أربعة أنواع من الأسلحة الاستراتيجية، إضافة إلى كميات هائلة من الذخيرة. وحسب هذه المصادر الإسرائيلية، فقد تم ذكر الأسلحة التالية:

* شحنات من صاروخ «سام-17»، وهو صاروخ روسي الصنع يعتبر من الصواريخ المتطورة الموجهة أرض – جو، التي في حال وقوعها بأيدي حزب الله اللبناني ستضطر إسرائيل إلى وقف خروقاتها الجوية اليومية لسماء لبنان، خوفا من إصابتها وسقوطها بهذه الصواريخ.

* شحنات من صاروخ «سكود- دي»، وهو صاروخ أرض – أرض قادر على حمل رؤوس كيماوية ويبلغ مداه 700 كيلومتر وفي حال امتلاكه بأيدي حزب الله سيمكنه من قصف أي بقعة في إسرائيل، بطولها وعرضها.

* صاروخ «ياخونت»، وهو صاروخ بحري طويل المدى، بإمكانه تهديد سفن سلاح البحرية الإسرائيلية وغير الإسرائيلية في عرض البحر وبإمكانه أن يحدث أضرارا مدمرة في آبار الغاز الإسرائيلية في عمق البحر الأبيض المتوسط.

* صواريخ «الفتح 110»، وهي ذات مدى قصير، ولكنها معروفة بدقتها وبقوة الدمار الذي تحدثه.

وحاول المتحدثون الإسرائيليون تبرير هذا القصف بالقول إنه موجه لتدمير هذه الأسلحة حتى لا يتمكن حزب الله من الحصول عليها، باعتبار أن وجودها بحوزته سيغير من معادلة التوازن العسكري. لكن المحرر العسكري في موقع صحيفة «يديعوت أحرونوت» الإلكتروني، روني بن يشاي، قال إن الضربات الإسرائيلية استهدفت مخزون الصواريخ السورية ووقود هذه الصواريخ، وبشكل خاص المخزون تحت الأرض، وذلك ليس فقط بغية منع وقوعها بأيدي حزب الله، مع ما يمثله ذلك من تهديد لإسرائيل، بل إن إسرائيل تستغل اللحظة المناسبة لضرب مخزون الصواريخ السورية، مشيرا إلى أن مثل هذه الضربات تستهدف تجربة قنابل ذكية حصلت عليها إسرائيل قادرة على اختراق الملاجئ الواقعة تحت الأرض والمسلحة بالإسمنت المسلح. وقال إن هذا الأمر انجلى بشكل بارز من قوة الانفجارات المرافقة للضربة، التي قدرتها روسيا بقوة زلزال أرضي بدرجة تقارب 5 في المائة.

وفي السياق ذاته، قال وزير الدفاع الإسرائيلي الأسبق، ورئيس حزب «كديما»، الجنرال المتقاعد، شاؤول موفاز، إن الغارات الجوية الإسرائيلية ضد أهداف في سوريا هدفها منع تعاظم قوة حزب الله وردع إيران، بينما حذر محللون إسرائيليون من عواقب دخول إسرائيل في الحرب الدائرة في سوريا واحتمال اندلاع حرب إقليمية. وأضاف موفاز، الذي كان يدلي بتصريحاته للإذاعة العامة الإسرائيلية، أمس، أن «المبدأ الذي يوجه إسرائيل هو منع تسرب أسلحة متطورة إلى أيدي حزب الله، والعمليات (العسكرية الإسرائيلية) التي نفذت في الماضي في سوريا تبعث رسالة ردع إلى إيران وأعداء آخرين لإسرائيل». وأردف أنه «بالتزامن مع تفكك سوريا، يتطلع حزب الله لأن يتحول إلى قوة ذات تأثير كبير في المنطقة وتحاول إيران مساعدته في ذلك». لكن المحرر العسكري في صحيفة «يديعوت أحرونوت» ألكس فيشمان، أشار إلى أن الغارات الإسرائيلية ضد سوريا لن تردعها وتشكل خطرا حيال احتمال نشوب حرب إقليمية. وأضاف أنه «إذا كانت الأنباء من الولايات المتحدة صحيحة، فإن من شأن ذلك أن يدخل إسرائيل إلى طقوس شاقة بشن غارات في سوريا من خلال المخاطرة بأن تخرج المواجهة عن السيطرة، وستؤدي إحدى هذه العمليات (الغارات) إلى اشتعال إقليمي».

ومع أن بن يشاي أكد أن القصف الإسرائيلي حظي بموافقة الولايات المتحدة وتفهمها، فقد أشار فيشمان إلى أنه «ليس الجميع في الإدارة الأميركية يحبذون هذا الاستقلال (الإسرائيلي بشن هذه الغارات) وربما هذا هو السبب للتسريبات التي تدعي أن هذه غارات إسرائيلية قد جاءت من جانب موظفين أميركيين».

من جانبه، اعتبر المحلل العسكري في صحيفة «هآرتس»، عاموس هارئيل، قيام إسرائيل بشن غارات ضد سوريا أنه «سير ببهلوانية على حبل رفيع للغاية، وهي تحاول الإصرار على الخطوط الحمراء التي رسمتها، بمنع نقل سلاح كيماوي وسلاح متطور إلى حزب الله، من دون أن تحول الحرب الداخلية في سوريا إلى مواجهة بينها وبين نظام (الرئيس السوري بشار) الأسد».