المغرب يوسع المعبر الحدودي البري مع مدينة سبتة المحتلة

التجهيزات الحالية عاجزة عن استيعاب أفواج العابرين في الصيف

TT

يعد الوضع في المعبر الحدودي البري الفاصل بين المغرب ومدينة سبتة التي تحتلها إسبانيا (شمال البلاد)، أحد المؤشرات الدالة على مستوى العلاقات الثنائية القائمة بين البلدين. وكلما كان الضغط والتعامل بنوع من العصبية مع العابرين في الاتجاهين، اعتبر ذلك علامة على وجود سحب خفيفة أو داكنة في السماء بين مدريد والرباط.

ولطالما اشتكت السلطات الإسبانية لدى نظيرتها المغربية في غضون السنوات الماضية من ضيق المعابر على الجانب المغربي باعتباره معرقلا لتدفق الحركة، بينما يرجعها المغاربة إلى قلة الإمكانيات اللوجيستية والبشرية القادرة على استيعاب قوافل بشرية مستمرة، تريد «سبتة المحتلة» أن تقذف بها إلى المغرب يوميا، بما تحمله من بضائع مهربة وممنوعات، ما يضع أعباء مضاعفة على مصالح رجال الأمن والجمارك المغربية الذين يخامرهم أيضا شعور داخلي كمواطنين أنهم يفرطون في حق المطالبة باستعادة «سبتة» ونظيرتها «مليلية» التي تواجه أوضاعا مماثلة ولكنها أخف.

وتشعر السلطات المغربية بالإحراج يوميا، وخاصة في أيام ذروة حركة التنقل بين الاتجاهين، حيث يصل معدل العابرين يوميا إلى نحو 20 ألف مسافر، ونحو 2500 عربة. ولا يستطيع المغرب أن يفتح الأبواب على مصراعيها لما في ذلك من مخاطر على الأمن الداخلي، ولا أن يظهر بمظهر الدولة المغلقة، يرهق المسافرين ببطء الإجراءات، خاصة أن المدينة المحتلة تؤوي إلى جانب المهربين الفارين من العدالة، عناصر إرهابية، تنطلق من سبتة نحو أفغانستان والعراق وسوريا، كما أثبتت التحريات الأمنية المتوالية.

وكان الجانبان الإسباني والمغربي قد اتفقا على سلسلة تدابير بغية التخفيف من الضغط على المعابر. هكذا سمحا للباعة «المهربين» باستعمال معابر خاصة تقودهم إلى سوق كبيرة في ضواحي سبتة، تتوفر فيها كل البضائع التي يعودون محملين بها إلى المغرب مساء كل يوم، وتلك الفئة معفاة من الحصول على تأشيرة الدخول، كونها لا تتجاوز مساحة السوق الذي يحمل اسما عربيا هو «المضربة».

ورغم «مخاطر» تجارة التهريب على الاقتصاد المغربي والسلامة الصحية لمواطنيه، فإنه يضطر لصرف النظر عن المخالفة اليومية للقانون عند المعبر المفضي إلى سبتة؛ فقد باتت تلك الممارسة مع مرور الزمن وسيلة لعيش الآلاف من الأسر في شمال المغرب، بل إن تعاطي ممارسة التهريب القوتي يغري مغاربة من أقاليم أخرى يهاجرون إلى الشمال، للانضمام إلى قافلة المهربين الذين يطلق عليهم نعت «البراغدية»، وهي لفظة مشتقة من «بريغاد» بالفرنسية والإسبانية.

وتتوقع سلطات البلدين الجارين أن يرتفع خلال الأسابيع المقبلة عدد العابرين من إسبانيا في اتجاه المغرب. ولمواجهة ذلك يضع الإسبان والمغاربة الترتيبات الأخيرة قبل إطلاق ما يسمى «عملية العبور» التي يشرع في تطبيقها منتصف شهر يونيو (حزيران) من كل سنة، وتعرف تحسنا مطردا كل موسم عبور بالنظر إلى التعاون والتنظيم المحكم بين الجانبين.

ويبدو أن الجانب المغربي اقتنع، لأسباب عملية، بوجاهة مطالب الإسبان، فزاد من عدد المعابر، ووفر لها المستلزمات اللوجيستية للتسريع بإجراءات التفتيش والمراقبة، كما أحدث فضاء مجهزا للراحة. ويسود الاعتقاد لدى الإسبان أن الجانب المغربي سينتهي من أشغال التوسيع وتعبيد المساحات بالإسفلت، وكذا تجهيز المعابر، قبل إطلاق عملية العبور، بما تشمله من إجراءات الأمن والأمان. وتساعد الأجواء الهادئة حاليا بين البلدين على تسريع التنقل بينهما، علما بأن الاتحاد الأوروبي يعتبر، بضغط من الإسبان، معبر «تاراخال» النقطة القصوى في حدوده الجنوبية مع أفريقيا، وهي إشارة مؤلمة في حق المغرب تذكره بواقع استعماري عنيد اقتطع جزءا من ترابه، في تناقض تام مع التاريخ والجغرافية والمنطق.