اشتباكات بين قوات حكومية ومسلحين في واد قبلي بباكستان

طالبان تلتزم الهدوء في المناطق التواقة إلى التغيير

عمران خان بطل الكريكيت السابق زعيم حركة الإنصاف الباكستانية قبل أن يلقي خطابا أمام أنصاره في لاهور أمس (أ.ف.ب)
TT

يكثف مقاتلو حركة طالبان، حليفة تنظيم القاعدة، الهجمات على الحملة الانتخابية في مختلف مناطق باكستان، لكنهم استثنوا المناطق القبلية الباكستانية (شمال غربي البلاد) التي تعتبر معاقلهم، وذلك بهدف عدم إثارة غضب السكان المحليين التواقين إلى التغيير.

وتعتبر المقاطعات السبع في تلك المنطقة الخاضعة لحكم شبه ذاتي والمحاذية لأفغانستان، معقل حركة طالبان الباكستانية التي أشهرت الحرب منذ 2007 على الحكومة الباكستانية، آخذة عليها دعمها للسياسة الأميركية. ونددت حركة طالبان بالانتخابات العامة التي قالت إنها «مناهضة للإسلام»، وضاعفت الهجمات على الأحزاب العلمانية، لا سيما في منطقة بيشاور (شمال غرب) وكراتشي (جنوب)، وفي المجموع قتل منذ منتصف أبريل (نيسان) أكثر من ستين شخصا في أعمال عنف تخللت الحملة الانتخابية، لكنها لم تنفذ أيا من الهجمات في تلك المناطق القبلية المعتادة على المعارك والتجاوزات. وذلك لأن الجيش، مع اقتراب موعد الاقتراع، كثف العمليات ضد المقاتلين ودحرهم على الأقل مؤقتا، وعزلهم في الجبال، كما يقول السكان. غير أن ذلك يعود خصوصا إلى استراتيجية حركة طالبان التي قررت استثناء المناطق القبلية من الهجمات، حيث دعم السكان المحليين حيوي بالنسبة إليها. وصرح إحسان الله إحسان الناطق باسم طالبان لوكالة الصحافة الفرنسية: «إننا نحن والقبائل المحلية شعب واحد ولا نريد إلحاق الضرر بهم».

ولأول مرة في هذه المنطقة المتمردة تاريخيا عن السلطة المركزية، أفسح المجال أمام الأحزاب السياسية الوطنية لترشيح مرشحين، وذلك لإعطاء القبائل قدرا أكبر من التمثيل بأمل إبعادها عن نطاق المتمردين. وقال الطبيب ميراج علي الذي يشرف على مستوصف ميشني بمقاطعة مهمند القبلية، لوكالة الصحافة الفرنسية، إن «الناس يريدون التغيير وليس فقط في العقول»، وكما جرى في مناطق قبلية أخرى، اتهمت الحكومة في مهمند بعدم بذل جهد من أجل حماية السكان، وبشن هجمات دفعت بمئات الآلاف منهم إلى النزوح بعيدا عن ديارهم.

وهذه المرة يأمل كثيرون في تقدم الأحزاب التي كانت حتى الآن في المعارضة: الأحزاب الدينية وحركة الإنصاف الباكستانية بقيادة عمران خان بطل الكريكيت السابق، وحزب الرابطة الإسلامية لنواز شريف، وأكد الطبيب علي أن «خان وشريف هما الزعيمان اللذان يحظيان بأكبر دعم في المناطق القبلية». وبلغت الحملة الانتخابية أوجها بالنسبة للمرشحين الـ339 للمقاعد الاثني عشر المخصصة للمناطق القبلية في الجمعية الوطنية. وانتشرت أعلام وملصقات وصور ولافتات المرشحين فوق الأسطح والمحلات التجارية والسيارات، ونظم المرشحون الكثير من المهرجانات واللقاءات، وغالبا ما يحمل السكان شارات أحزابهم على صدورهم.

وتعتبر ظروف حياة المناطق القبلية الأشد قسوة مقارنة بمختلف مناطق باكستان الأخرى؛ لافتقارها إلى الكهرباء والتوظيف والتربية، ورغم هجمات الجيش وانتشاره فإنه لا يتجرأ كثيرون على الخروج بعد غروب الشمس كي لا يواجهوا المقاتلين.

وقال المعلم محمد شاه (43 سنة): «سننتخب نوابا شرفاء ليحلوا مشاكلنا». وكما جرت العادة سيكون النواب من أبناء العائلات الكبرى لملاكي الأراضي التي تحمل لقب «خان». فهم الوحيدون القادرون على القيام بحملة انتخابية تتماشى مع التقاليد المحلية واستقبال أكبر عدد ممكن من الناس واستضافتهم بالطعام، في معظم الأحيان وجبة بالأرز واللحم تطبخ في قدور كبيرة، مرتين في اليوم، وتوفير الشاي باستمرار.

من جهة أخرى ذكر الجيش الباكستاني أمس أن اشتباكات اندلعت في منطقة قبلية متاخمة لأفغانستان، ما أسفر عن مقتل 16 مسلحا وجنديين اثنين. وأوضح الجيش أنه «في عملية ناجحة، سيطرت قوات الأمن الليلة الماضية على منطقتي قسمت سور وسنغار، وهما مخبآن للمسلحين في وادي تيراه، كما أصيب ثلاثة من أفراد الأمن».

ويتمتع وادي تيراه، وهو منطقة جبلية في إقليم خيبر، بأهمية استراتيجية نظرا لأنه يتقاسم حدود إقليمي كورام وأوراكزاي القبلين، بالإضافة إلى الحدود الأفغانية. وتتقاتل الميليشيات المحظورة المتناحرة للسيطرة على المرتفعات في تيراه منذ يناير (كانون الثاني) الماضي. وشنت قوات حكومية هجوما بريا الشهر الماضي بعد أسابيع من الغارات الجوية. ولم يتسن التأكد من أعداد الضحايا من خلال مصدر مستقل؛ لأن المنطقة مغلقة بصورة كبيرة أمام الصحافيين. وقدر الجيش حصيلة القتلى في الشهر الماضي بـ28 جنديا وما يربو على 140 مسلحا.

وقال مسؤولون في مكتب إدارة الكوارث الحكومي إن القتال شرد ما يربو على 48 ألف شخص. وانتقل معظم المشردين إلى بيشاور، عاصمة إقليم خيبر باختون خوا المجاور، والمناطق القريبة منه.