خصوم بلخادم في «جبهة التحرير» الجزائرية يجتمعون لمنع موال له من الوصول إلى قيادتها

مكتبها السياسي لا يستعجل عقد دورة اللجنة المركزية بسبب استمرار مرض بوتفليقة

TT

عقد قياديون بارزون في «جبهة التحرير الوطني» الجزائرية (حزب الغالبية)، أمس، اجتماعا لبحث اختيار خليفة للأمين العام السابق عبد العزيز بلخادم، الذي خسر معركة «الثقة» مع خصومه فانسحب من القيادة نهاية يناير (كانون الثاني) الماضي.

وقاد الاجتماع عبد القادر حجار، سفير الجزائر الحالي لدى تونس، والقيادي النافذ في الحزب، وحضره الوزير المكلف العلاقات مع البرلمان، محمود خوذري، ووزير الصحة عبد العزيز زياري، وأعضاء من «اللجنة المركزية» (أعلى هيئة في الحزب). وجرى الاجتماع بفيللا حجار في أعالي العاصمة، وهي المكان المفضل لقطاع من قياديي «الجبهة» لترتيب الخطوات المهمة التي تخص الحزب.

وقالت مصادر مطلعة على مجريات الاجتماع لـ«الشرق الأوسط»، إن حجار عاد إلى البلاد على وجه السرعة بناء على طلب عاجل من قياديين قريبين منه، «استنجدوا» بقوة نفوذه في الحزب لوقف التأييد الذي يكبر مع الوقت لصالح عمار سعداني، عضو اللجنة المركزية، ورئيس البرلمان الأسبق (المجلس الشعبي الوطني). ونقل عن خوذري قوله في الاجتماع: «لو تركنا المجال لسعداني كي يصل إلى منصب الأمين العام، هذا يعني أن كل المجهود الذي بذلناه للإطاحة ببلخادم ذهب أدراج الرياح».

وأفادت المصادر بأن مخاوف خوذري وزياري من وصول سعداني إلى القيادة، تعود إلى التأييد الذي يحظى به من بلخادم والموالين له في اللجنة المركزية للجبهة. وإذا ما ترشح لخلافته فسيحصل على عدد كبير من الأصوات التي عادت إلى بلخادم في انتخاب «الثقة» الذي نظم قبل أكثر من ثلاثة أشهر.

وهزم بلخادم في تلك الانتخابات المثيرة بفارق أربعة أصوات فقط، ومن المرتقب أن يستفيد سعداني من هذه الأصوات في الاقتراع المرتقب لاختيار أمين عام جديد. وصرح بلخادم في وقت سابق بأن قوانين الحزب الداخلية لا تمنعه من الترشح مجددا، ولكن لما تأكد أنه لن يكون مقبولا لدى خصومه فضل دعم سعداني، الذي يشاع أن الأجهزة الأمنية لا ترى مانعا في أن يقود الحزب الأكبر في البلاد. ومعروف أن «الأجهزة» لها الكلمة العليا في توجيه الخيارات الحاسمة في الأحزاب المهمة.

وفي اتصال هاتفي مع حجار لمعرفة الشخص الذي ترغب جماعته في ترشيحه، قال: «أنا في اجتماع.. الرجاء أن تتصل بي مجددا بعد ساعتين». وذكرت المصادر أن حجار وخوذري يريدان ترشيح الطبيب الوزير زياري، الذي أبدى رغبة في خلافة بلخادم، لكنه لا يملك تأييدا كبيرا في «اللجنة المركزية» التي ستنتخب الأمين العام.

ويعرف حجار بقدرته على المناورة في حزبه، ويسمى «رجل المؤامرة العلمية»، كناية عن الدور الذي قام به للإطاحة بالأمين العام الأسبق عبد الحميد مهري عام 1986، بسبب تحالفه مع إسلاميي «جبهة الإنقاذ» المحظورة.

وفي السياق نفسه، قال عبد الرحمن بلعياط، منسق المكتب السياسي في الحزب، في اتصال مع «الشرق الأوسط»، إن القيادة المؤقتة «لا تستعجل عقد دورة اللجنة المركزية لاختيار أمين عام جديد، ما دامت حالة التشنج التي خلفها الصراع على بقاء بلخادم أو إبعاده، ما زالت مستمرة. ولو توجهنا إلى الاجتماع في هذه الظروف فسنعرض الحزب لخطر الانقسام».

وقال عضو في المكتب السياسي للجبهة، فضل عدم ذكر اسمه، إن قيادة الحزب راسلت الرئيس عبد العزيز بوتفليقة بصفته رئيسا للحزب، منذ شهر، لمعرفة من يريده أمينا عاما، لكنه لم يرد عليها. ومن المفارقات أن بوتفليقة لم يحضر أبدا اجتماعات «جبهة التحرير»، وذلك منذ أن أصبح رئيسا لها في المؤتمر الثامن المنعقد في 2005. وذكر العضو نفسه أن بلعياط لن يستدعي «اللجنة المركزية ما دام بوتفليقة مريضا». ومعلوم أن الرئيس يوجد بمستشفى باريسي منذ 10 أيام، بعد إصابته بجلطة في الدماغ.