الرئيس اليمني: تم القضاء على حلم «القاعدة» بإقامة إمارة إسلامية في الجنوب

مصدر رفيع لـ «الشرق الأوسط» : الحوار ماض ولن يوقفه انسحاب عضو أو عضوين

TT

قال الرئيس اليمني عبد ربه منصور هادي إن الجيش اليمني واللجان الشعبية قضوا على حلم تنظيم القاعدة في إقامة إمارة إسلامية جنوب البلاد، هذا في وقت ألغت فيه محكمة يمنية، أمس، في صنعاء، قرارا صادرا من مجلس الشورى بترشيح أعضاء لهيئة مكافحة الفساد، لتنهي بذلك جدلا واسع النطاق بشأن قانونية الترشيحات المحسوبة على الرئيس السابق علي عبد الله صالح وحزبه.

وأجرى مبعوث فرنسي في صنعاء مباحثات مع الرئيس اليمني عبد ربه منصور هادي تتعلق بالتعاون اليمني - الفرنسي في مجال محاربة الإرهاب، وتهريب السلاح إلى اليمن، وهي الظاهرة التي تزايدت في الآونة الأخيرة، وقالت مصادر رسمية يمنية إن جون فرنسوا جيدو، مدير دائرة الشرق الأوسط بوزارة الخارجية الفرنسية بحث مع الرئيس هادي جملة من القضايا المتعلقة بالتسوية السياسية الجارية في اليمن، وأكد المبعوث الفرنسي موقف بلاده «الداعم والمتضامن بصورة مطلقة مع اليمن، من أجل إنجاح المرحلة الانتقالية وتقديم المساعدات الممكنة والمطلوبة في مختلف المجالات»، وقال إن «فرنسا تدعم الرئيس عبد ربه منصور هادي وتقدر وتشيد بكل قراراته وخطواته وإجراءاته من أجل إنجاح المبادرة الخليجية وآليتها التنفيذية المزمنة التي لقيت الدعم على المستوى الدولي والإقليمي»، وفي هذا السياق ذكر مصدر رسمي يمني طلب عدم ذكر اسمه في اتصال هاتفي مع «الشرق الأوسط» في لندن أن «الرئيس اليمني طلب من نظيره الفرنسي العمل على زيادة الاستثمارات الفرنسية في مجال الكهرباء إلى 5 آلاف ميغاواط على أن تكون شركة (توتال)، باعتبارها شريكا قديما لليمن، ضامنا للتمويل، حسبما يتم الاتفاق عليه»، وأضاف المصدر أنه «تم بحث قيام شركة (توتال) بالاستثمار في مجال استخراج النفط ضمن المياه الإقليمية اليمنية».

من جانبه، تناول الرئيس اليمني قضية مكافحة الإرهاب ومعاناة بلاده «جراء الإرهاب من تنظيم القاعدة، أو ما يسمى بـ(أنصار الشريعة) الذين استغلوا انشغال الجيش والأمن والحكومة بالأزمة والانقسامات التي حدثت جراءها وتجمعوا من مختلف أنحاء العالم إلى محافظة أبين لإقامة إمارة إسلامية»، وقال هادي إنه و«بعد حلحلة الأزمة قامت قوات متخصصة من القوات المسلحة بتعاون اللجان الشعبية بضرب أوكار الإرهاب في محافظ أبين وأجزاء من محافظة شبوة، حتى تم القضاء على حلمهم بإقامة الإمارة، وهزيمتهم وطرد ما تبقى منهم، ويتم ملاحقتهم كشراذم فارة إلى مختلف الأماكن التي يطأونها».

إلى ذلك، أقرت المحكمة الإدارية الابتدائية في صنعاء إلغاء قرار مجلس الشورى (الغرفة التشريعية الثانية - معين) بترشيح 30 شخصا لعضوية هيئة مكافحة الفساد الحكومية المنتهية ولايتها القانونية، التي رفعها «الشورى» إلى مجلس النواب (البرلمان) لانتخاب 15 شخصا من القائمة، ورفع القائمة الجديدة إلى رئيس الجمهورية لاختيار 11 عضوا في الهيئة بدلا من المنتهية ولايتهم.

وجاء القرار القضائي بعد جدل واسع النطاق بشأن الترشيحات التي، بحسب مصادر سياسية يمنية، قامت على أساس جهوي، وفي مجملها تتبع الرئيس السابق علي عبد الله صالح وحزبه (المؤتمر الشعبي العام)، ولم تخضع لأي عملية توافق سياسي، كما تنص المبادرة الخليجية وآليتها التنفيذية، وقال الدكتور عبد الكريم سلام أحد المرشحين المستبعدين من قبل مجلس الشورى لـ«الشرق الأوسط» إن قرار المحكمة «تاريخي ويؤسس لمرحلة جديدة غير المرحلة السابقة، ويؤكد على وجود نوع من التزوير في الترشيحات»، على حد قوله.

وفيما يخص مجريات الحوار الوطني، أكد مصدر يمني رفيع أن «الحوار الوطني يمضي في طريقه لتحقيق غاياته المرجوة»، نافيا أن يكون «انسحاب عضو أو عضوين من الحوار مؤثرا على مجريات الحوار الوطني أو مخرجاته»، وذكر المصدر الذي طلب عدم ذكر اسمه في اتصال هاتفي مع «الشرق الاوسط» في لندن أن «أعضاء الحوار يقتربون يوما بعد يوم من إيجاد الحلول للقضايا المهمة المطروحة على طاولة الحوار، وعلى رأسها القضية الجنوبية». وأضاف: «تناقش فرق العمل الـ9 القضايا المهمة، ولديها التصميم على الخروج بمخرجات يرتضيها الشعب اليمني»، منوها بأن الحوار بدأ يتجه بشكل جيد نحو تحديد ملامح الدستور الذي من المقرر أن يتم الاستفتاء عليه نهاية العام الحالي.

وفي موضوع آخر، حذر الرئيس اليمني الجنوبي الأسبق علي ناصر محمد مواطني جنوب البلاد من العودة إلى الماضي والانجرار إلى النعرات المناطقية، في ظل تزايد الانقسام في الحراك الجنوبي وعودة مصطلحات «الزمرة» و«الطغمة» التي كانت سائدة في ثمانينات القرن الماضي، وقال ناصر في تصريحات خاصة لـ«الشرق الأوسط» إنه يحذر «من عواقب هذه النغمة، وأن هناك من يسعى ويعمل على إذكاء الخلافات وتقسيم الحراك الجنوبي ومحاولة القضاء على التصالح والتسامح الذي جرى بين الجنوبيين مطلع عام 2006، عبر اجتماعات جمعية ردفان ولقاءات التصالح والتسامح التي جرت في أبين وشبوة والضالع وعدن وغيرها من المحافظات الجنوبية».

وأكد علي ناصر محمد لـ«الشرق الأوسط» أن الحوار هو الوسيلة المهمة والفضلى لتجاوز المآزق الراهنة لليمن ولتحقيق ما يصبو ويطمح إليه الجنوبيون، داعيا الجنوبيين إلى الاحتكام إلى الحوار لمعالجة القضايا الخلافية وتجاوزها، وقال: «علينا أن نستفيد من دروس وعبر الماضي، وأن نحافظ على التصالح والتسامح الذي جسدته الجماهير قولا وفعلا، وعلى القيادات أن تكون في مستوى تطلعات الناس».

وعلى صعيد آخر، استغرب مصدر مسؤول بوزارة الخارجية اليمنية ما تداولته بعض وسائل الإعلام، بخصوص عدم قيام الوزارة بالتنسيق مع الجانب الأميركي بشأن قضية الإفراج عن المعتقلين اليمنيين في معتقل غوانتانامو. وأكد المصدر أن وزارة الخارجية «بذلت جهودا حثيثة وعملت كل ما عليها في متابعة قضية المعتقلين خلال السنوات الماضية»، موضحا أن تأخير المواعيد كان نتيجة اعتذار الجانب الأميركي لاستقبال وفد في هذا التوقيت، حسبما ذكرت وكالة الأنباء اليمنية «سبأ»، أمس. وأشار المصدر إلى أن وزارة الخارجية «ستستمر في متابعة هذه القضية مع كل الجهات، وفي مقدمتها الجانب الأميركي الذي عملت الوزارة على التواصل معه سواء عبر المراسلات الرسمية أو عقد الاجتماعات، التي كان آخرها اجتماعا ضم وزير الخارجية ووزيرة حقوق الإنسان والسفير الأميركي بتاريخ 24 أبريل (نيسان)».