البرلمان العراقي يستأنف جلساته على وقع خلافات عميقة تؤجل طرح القوانين المختلف عليها

التحالف الوطني يرفض شمول الإرهابيين بالعفو العام

TT

حتى بعد اكتمال النصاب القانوني إثر عودة كتلة التحالف الكردستاني إليه لم يتنفس البرلمان العراقي الذي يستأنف جلساته اليوم الصعداء، فبينما كانت جلساته طوال الشهور الثلاثة الماضية تشاورية بسبب انسحاب القائمة العراقية أول الأمر لتلحق بها كتلة التحالف الكردستاني التي جاء انسحابها على خلفية التصويت على الموازنة العامة للدولة بالأغلبية وليس بالتوافق، فإن جلسة اليوم يفترض أن تكون كاملة النصاب. لكن حتى مع اكتمال النصاب فإن العلة لا تكمن هنا بقدر ما تكمن في كمية الخلافات السياسية العميقة التي تقف حائلا دون إقرار وتمشية عدد من القوانين الهامة التي يرى مقرر البرلمان محمد الخالدي في تصريح لـ«الشرق الأوسط» أنها «لن تر النور إلى أبد الآبدين بسبب طغيان الخلافات السياسية».

لكن القيادي البارز في ائتلاف دولة القانون وعضو البرلمان سامي العسكري بدا في تصريح مماثل لـ«الشرق الأوسط» أقل تشاؤما من زميله الخالدي، معترفا بأن «البرلمان مشلول بالفعل وأنه يمكن أن يقدم إنجازا مهما من الآن إلى نهاية الدورة البرلمانية الحالية، ويتمثل في إقرار قانون الانتخابات وتمشية موازنة العام القادم 2014». التحالف الوطني استبق بدء جلسات البرلمان واحتمال بحث بعض تلك القوانين، وبخاصة قانوني العفو العام والمساءلة والعدالة، كجزء من تلبية مطالب المتظاهرين في المحافظات الغربية، وذلك بإعلان رفضه شمول الإرهابيين بهذا القانون. وقال التحالف في بيان له عقب اجتماع عقده في مكتب رئيسه إبراهيم الجعفري وبحضور كل مكوناته إن «التحالف الوطني ناقش إصدار قانون العفو العام، حيث شدد المجتمعون على عدم شمول الإرهابيين الذين شاركوا في جرائم القتل والتفجير التي طالت الأبرياء من أبناء شعبنا بالعفو في هذا القانون، وعلى أن يؤدي إصداره إلى إشاعة روح التسامح، والعفو عن بعض من ضل عن الطريق السوي في المرحلة السابقة». وأضاف أن المجتمعين «ناقشوا أوضاع الساحة السياسية ومستجداتها، وحيّا المجتمعون كل الفائزين في انتخابات مجالس المحافظات، مشددين على ضرورة أن تشهد الدورة القادمة لمجالس المحافظات تطورا واضحا في مستوى الخدمات، وتحقيق آمال الناخبين».

ويأتي بيان التحالف الوطني في وقت كانت اللجنة الخماسية المشكلة من الكتل السياسية لبحث مطالب المتظاهرين قد أعلنت على لسان نائب رئيس الوزراء صالح المطلك أنها انتهت من تعديلات قانون المساءلة والعدالة، وكذلك تقديم مشروع قانون العفو العام. غير أن التحالف الوطني كان قد رفض مناقشة تعديلات المساءلة والعدالة قبل أن يتم إقرار قانون تجريم حزب البعث. وفي هذا السياق أعلن عضو البرلمان العراقي عن القائمة العراقية ومقرره محمد الخالدي في تصريح لـ«الشرق الأوسط» أن «كل ما يجري الحديث عنه الآن بشأن هذا القانون أو ذاك هو إما مضيعة للوقت وإما لمجرد الاستهلاك الإعلامي لأن الحقيقة التي لا بد أن نقولها وبكل صراحة هي أنه ليس هناك توافق على حزمة القوانين الإشكالية ومنها العفو العام والمساءلة والعدالة ومكافحة الإرهاب وغيرها من مشاريع القوانين التي تحتاج إلى توافق سياسي قبل إقرارها، وهو مفقود تماما الآن».

وأضاف الخالدي أن «رئاسة البرلمان ومن أجل أن لا تحصل مقاطعة شاملة أو تنسحب بعض الكتل ولم يكتمل النصاب فإنها قررت أن لا تدرج عددا من القوانين المختلف عليها، بل تحاول إدراجها بالتقسيط، وهو ما لم يتم الانتهاء منه لأن الأزمة السياسية تزادا تعقيدا يوما بعد آخر».

وأشار الخالدي إلى أن «جدول أعمال مجلس النواب للأيام القادمة يحتوي على بعض القوانين العامة وغير المختلف عليها مثل قانون العمل والخدمة والتقاعد لقوى الأمن الداخلي والمنافذ الحدودية، أما القوانين ذات الطابع السياسي فلنقرأ عليها السلامة».

من جانبه أكد عضو البرلمان العراقي عن دولة القانون سامي العسكري في تصريح لـ«الشرق الأوسط» أن «موقف التحالف الوطني على صعيد عدم شمول الإرهابيين بالعفو العام ليس جديدا وإنما تكراره جاء بهدف قطع الطريق أمام من يحاول حصد مكاسب على حساب دماء الأبرياء».

وأضاف العسكري أن «قانون العفو العام كان قد قدم منذ البداية من قبل الكتلة الصدرية وكان لديهم هدف معين من تقديمه ولكنه توسع، وهو اليوم جزء من مطالب المتظاهرين، وإننا في الوقت الذي نريد أن ننتهي من مسألة المظاهرات بتنفيذ الدستوري والواقعي منها فإننا لا بد أن نوضح أن قوانين الإرهاب والمساءلة والعدالة والعفو العام بالطريقة التي يريدون إقرارها لن تحظى بموافقتنا أبدا».

وبشأن القضايا التي يمكن أن يناقشها البرلمان ويحقق نتائج إيجابية من خلالها قال العسكري إن «البرلمان مشلول ولن يستطيع أن يعمل شيئا، وإن أقصى ما يمكن عمله هو إقرار قانون الانتخابات وتمشية موازنة العام القادم، أما ما عداها فإنه لن يتمكن من عمل شيء».