شباط لـ «الشرق الأوسط»: سننسحب من حكومة ابن كيران إذا زادت في الأسعار.. ولا نريد المشاركة في وزارة تعاقب الشعب

أمين «الاستقلال» المغربي يعتبر حكم الإخوان المسلمين مجرد سحابة صيف عابرة ستنتهي مثلما انتهت الشيوعية

حميد شباط
TT

هدد حميد شباط الأمين العام لحزب الاستقلال المغربي بالانسحاب من حكومة عبد الإله ابن كيران في حال زيادة الأسعار، وقال إنه لا يريد أن يشارك في حكومة تعاقب الشعب. وأضاف أن ما قاله في حق عدد من الوزراء خلال احتفالات يوم العمال يدخل في إطار «حرية التعبير»، التي تريد الحكومة مصادرتها.

وذكر شباط أن حكومة ابن كيران وصلت من الغرور لدرجة أنها جعلت نفسها مقدسة، مشيرا إلى أنه حتى الملكية التي كانت في ظل الدستور السابق مقدسة، أصبح الملك اليوم، بمقتضى الدستور الجديد، مثله مثل جميع المغاربة، يجب احترامه فقط.

وقال شباط، في حوار أجرته معه «الشرق الأوسط» في الرباط، إن هذه الحكومة سائرة في طريق الرئيس المصري محمد مرسي، الذي جعل من نفسه «إلها» لا يمكن التحدث عنه. وانتقد شباط خروج رئيس الحكومة مع نقابة معينة في أول مايو (أيار)، وقال إن ذلك سب وقذف في حق الحركة النقابية ككل. وأضاف: «مطلبنا من السيد ابن كيران.. هو أن يرقى إلى مستوى رجل دولة، ولا يظل مجرد رئيس حزب». وأشار شباط إلى أن الناس أصبح لديهم حنين للفترة التي كان فيها عباس الفاسي الأمين العام السابق لحزب الاستقلال رئيسا للحكومة. ووصف الحكومة الحالية بأنها حكومة تعميق الأزمة، وأجهزت على مكتسبات الشعب المغربي ككل.

وحول ما إذا كان يعتبر نفسه تمساحا من التماسيح التي يتحدث عنها ابن كيران بكثرة، قال شباط: «إذا كان هناك من تمساح فهو داخل الحكومة، ولا يعرف التمساح إلا التمساح». وزاد قائلا: «نصف أعضاء هذه الحكومة تماسيح وعفاريت، يوجدون داخل البركة، هل رأيت تمساحا خارج البركة؟! نحن خارج البركة، وهم الذين يوجدون بداخلها. وقد يأكل بعضهم بعضا إذا لم يجدوا ما يأكلونه».

وبشأن مطالبته بالتعديل الحكومي، قال شباط: «إن هدفنا من التعديل الحكومي ليس تغيير شخص بشخص آخر، بل تغيير طريقة التسيير داخل الحكومة، وتسريع الوتيرة، والمصالحة مع الذات أولا». وردا على سؤال حول ما إذا كان يستشير الأمينين العامين السابقين للحزب؛ محمد بوستة وعباس الفاسي، قال شباط إن بوستة والفاسي ساهما في مرحلة سابقة، واستشاراتهما قد تتعلق بقضايا التاريخ والذاكرة، أما اليوم، يجب استشارة الشباب المتطلع إلى غد أفضل. وحول موقفه من حكم الإخوان المسلمين في بلدان الربيع العربي، قال شباط إن حكمهم مجرد سحابة صيف عابرة ستنتهي مثلما انتهت الشيوعية من قبل. وفيما يلي نص الحوار.

* استنكرت الحكومة المغربية بشدة تصريحاتكم بشأن عدد من الوزراء خلال الاحتفال بيوم العمال، واعتبرتها قذفا في حقهم، ما ردك على ذلك؟

- هذه ليست المرة الأولى التي تصدر فيها هذه الحكومة بيانا من هذا النوع، فقد كان لها رد فعل مماثل على الفريق النيابي لحزب الاستقلال أثناء مناقشة موازنة 2013، وأصدرت بيانا رسميا هو الأول من نوعه، ينتقد تصريحات برلمانيي الحزب، لهذا يمكن القول إن هذه الحكومة هي حكومة الفكر الواحد، والرأي الواحد، حتى إنها تريدنا أن نعتبرها مقدسة، ولا يمكن المساس بها، ولا التحدث عنها. هذا رجوع خطير إلى الوراء فيما يخص حرية التعبير، والمغرب الذي ننشده جميعا. الحكومة وصلت من الغرور لدرجة أنها جعلت نفسها مقدسة، مع العلم أن الدستور الجديد تضمن فصلا حقيقيا للسلطات، حتى الملكية التي كانت في ظل الدستور السابق مقدسة، أصبح الملك اليوم، بمقتضى الدستور الجديد، مثله مثل جميع المغاربة يجب احترامه فقط، لكن لا يجب تقديس أي مؤسسة من المؤسسات. لذا أعتقد أن هذه الحكومة سائرة في طريق مرسي (الرئيس المصري) الذي جعل من نفسه «إلها» لا يمكن التحدث عنه، حتى إن طفلة قالت قصيدة شعر عزم على متابعتها، هؤلاء الناس سائرون في هذه الطريق، وهذا ما قلناه قبل أشهر من خلال المذكرة التي أصدرتها القيادة الجديدة لحزب الاستقلال. فحتى في عهد سنوات الرصاص لم تصدر الحكومة بيانا بخصوص أول مايو، لأنه في هذه المناسبة يعبر الناس عما يعيشونه خلال السنة. لذا ليست هناك حرية نقابية حقيقية ولا حوار اجتماعي، والطبقة العاملة سيكون لها رد على ذلك.

* لكن بيان الحكومة تطرق إلى قذف الوزراء تحديدا، وليس إلى الانتقادات التي وُجهت إلى الحكومة من قبل النقابات، وهو أمر عادي.

- أن يخرج رئيس الحكومة مع نقابة معينة في أول مايو هو سب وقذف في حق الحركة النقابية ككل، مطلبنا من السيد ابن كيران كشعب هو أن يرقى إلى مستوى رجل دولة، ولا يظل مجرد رئيس حزب، فهو اليوم رئيس لكل النقابات وللشعب المغربي، فمن ينزل إلى هذا المستوى يجعل نفسه مستهدفا. ونحن نحاول إرجاعه إلى طريق الصواب، والسؤال الذي طرح خلال المسيرات العمالية هو: ما مستقبل بلادنا مع هذه الحكومة؟ وهل تعبير شخص عن رأيه، وقوله إن هناك وزيرا سكران، هل هذا قذف؟ وإن قال أيضا إن هناك وزيرا يكذب على الناس ويوهمهم بأن نظام المساعدة الطبية ناجح، وأن الأدوية متوفرة في المستشفيات، هل هذا قذف؟ هذا نقد للوضعية التي نعيشها، وهو أمر عادي وطبيعي، والحكومة كان عليها في اجتماعها الأخير أن تدرس الوضعية الاقتصادية للبلاد، وكيفية الخروج من الأزمة، ولكنها مع الأسف هي حكومة لتعميق الأزمة.

* ما الرسائل التي أردت توجيهها بحشدك الآلاف من مؤيديك في الرباط بمناسبة يوم العمال، هل كان الأمر يتعلق باستعراض للقوة بينك وبين ابن كيران الذي كان يوجد بالمناسبة نفسها في مدينة الدار البيضاء؟

- عندما خضنا معركة التغيير داخل حزب الاستقلال مع الشباب والأطر والكفاءات ونجحنا في هذه العملية، قلنا منذ البداية إن الهدف هو تقوية الحزب وليس منافسة أي حزب آخر، الحزب بتاريخه الذي يعود إلى 80 عاما، ومعاركه ضد المستعمرين الفرنسي والإسباني، وحتى في عهد سنوات الرصاص، كان مشهودا له أنه حزب يقاوم، قد تأتي عليه فترات من الهدوء لكنه حزب متحرك، ومن خلال تلك المظاهرة، أردنا أن نبرهن للعالم أننا حزب موحد، وحزب يدعم الحركة النقابية. فالقيادة الجديدة للحزب لديها اليوم مفهوم جديد للسياسة يتجلى في تخليق العمل السياسي، وإنشاء برامج موحدة للحركة النقابية، لأنها هي التي بإمكانها تغيير المنكر في هذا الوطن، لأن ما يحدث اليوم هو منكر حقيقي، والوطن سيؤدي الثمن، ولا يمكن أن نظل من الصامتين، لأننا كنا دائما ضد مؤامرة الصمت؛ إذ لا يمكن لأقلية قليلة أن تتحكم في رقاب المغاربة، علما بأنه عندما نتحدث عن الحزب الآخر، فإننا نتحدث عن الربيع العربي والمحيط الدولي.

لقد قررنا أن نقيم المظاهرة في العاصمة، وفي شارع النصر تحديدا لما لذلك من دلالات، ومنها انتصارنا في الأمم المتحدة بالنسبة لقضيتنا الوطنية (قضية الصحراء)، بالإضافة إلى أننا كنا نرغب في حشد القوى وتعبئتها استعدادا للمرحلة المقبلة، لأن حزب الاستقلال يعتبر نفسه هو البديل الحقيقي، لأن الناس جربت الحكومة السابقة في ظل الدستور السابق، وتحققت إنجازات لا يمكن أن ينكرها أحد في مختلف المجالات، ومنها الإصلاحات السياسية، وعلى رأسها دستور الأول من يوليو، وقانون التصريح بالممتلكات، وهيئة الوقاية من الرشوة، وكل المؤسسات التي تعنى بمحاربة الفساد والرشوة كانت في عهد الحكومة السابقة التي ترأسها حزب الاستقلال، وهي حكومة رفعت من الرواتب، ومن حدها الأدنى، وقلصت من الضريبة على الدخل، لكن الحكومة الحالية تقول إن الحكومة السابقة هي التي أوصلت البلاد لما وصلت إليه، وجوابنا من خلال تلك المظاهرة كان هو أن حزب الاستقلال سلم لهذه الحكومة موازنة سليمة، فيها نسبة العجز 5 في المائة، لكن في ظرف سنة بلغ العجز 7.2 في المائة، اكتشفنا من خلال تلك المظاهرة أيضا أن هناك غضبا شعبيا خطيرا على الحكومة وصل حتى البوادي، ووجدنا أن لدى الشعب المغربي وعيا كبيرا، لأنه حدث نصب واحتيال عليه من قبل الحزب الحاكم اليوم، لأنهم عندما تحملوا المسؤولية أصبحوا في عالم آخر غير العالم الذي عرفهم من خلاله الشعب المغربي أثناء وجودهم في المعارضة، وهذا الأمر ينطبق على بعض الأشخاص داخل حزب العدالة والتنمية، وليس الحزب ككل، هناك أشخاص استهوتهم الكراسي، مثل مرسي الذي سقط في عهده عدد كبير من الضحايا لم يسقطوا حتى في عهد مبارك، ومع ذلك ما زال متشبثا بالكرسي، والشيء نفسه ينطبق على حركة النهضة في تونس التي تتشبث بالبقاء في الحكومة لتأزيم الأوضاع، أما السيد ابن كيران فبدوره قال في مدينة الدار البيضاء إنه لن يرحل حتى الاستشهاد. هناك مخطط دولي نرى أنه خطر على الشعوب العربية ككل، وما يحدث في سوريا جزء من هذا المخطط، وحزب الاستقلال أراد أن يوجه رسالة قوية بأنه لا أحد يملك الحقيقة وحده، ولا أحد يمكنه القول إن الشعب في جيبه، والإنسان خلق حرا، ونحن ضد الاستعباد في هذا الزمان. الحكومة عليها أن تعي أن الشعب سائر في طريق الإصلاح الحقيقي.

* ظهر من خلال مظاهرة يوم العمال أن حزبكم لديه إمكانيات مالية ضخمة، بالنظر إلى عدد الحافلات التي أقلت المناصرين من مختلف مناطق البلاد، والمنصة الكبيرة التي نصبت، من أين تحصلون على الدعم المالي؟

- حزب الاستقلال يعتمد على الإنسان المغربي، لأنه هو مصدر الثروة، واغتنم الفرصة لأشكر كل الذين ساهموا، فمصدر التمويل يتكون من أطراف مختلف، هناك منتمون للحزب على الرغم من إمكانياتهم المحدودة تطوعوا وساهموا في توفير حافلة أو 10 حافلات، والبرلمانيون أيضا ساهموا في توفير النقل، والنقابة بدورها ساهمت لأن لديها مداخيل عن طريق الاشتراكات السنوية للمنخرطين، كما أن للحزب متعاطفين ساهموا أيضا، وأؤكد أن حزب الاستقلال لم يصرف من موازنته ولا سنتيما واحدا، لأن هذا عمل نقابي محض، والحزب يساهم بأطره وكفاءاته، فالعمل السياسي بالنسبة لنا يكمل العمل النقابي والعكس أيضا.

* يقال إن انتخابك أمينا عاما للحزب، جاء بدعم من جهات عليا من أجل الحد من شعبية عبد الإله ابن كيران، وأنت اليوم تؤدي هذا الدور بإتقان، ما تعليقك؟

- تتحدثين عن ابن كيران، وكأنه تشي جيفارا، أو رسول بعث من عند الله، حزب الاستقلال أقوى من كل هذه الأسماء، فهو تاريخ، وأسس من أجل تحرير الوطن، وتحرير المواطن من العبودية، ونحن استمرارية لهذا الحزب، وكل من أراد استعباد هذا الشعب نحن له بالمرصاد.

* أنت من المدافعين عن العاطلين الجامعيين الموقعين على محضر 20 يوليو، وتطالب بتوظيفهم، على الرغم من أن الحكومة حسمت بشكل نهائي قضية التوظيف المباشر، ألا تسعى من خلال ذلك لكسب أصوات العاطلين الجامعيين عموما في الانتخابات المقبلة؟

- أولا غالبية العاطلين غير مسجلين في لوائح الانتخابات، الحكومة أجهزت على مكتسبات الشعب المغربي ككل، وليس العاطلين فقط، عندما ندافع عن العاطلين الموقعين على محضر 20 يوليو، ندافع عن حزبنا ومسؤوليتنا في الحكومة السابقة، ندافع عن استمرارية الدولة. الإخوان الحاكمون يعتقدون أن هناك قطيعة مع تاريخ المغرب، وكأن المغرب بدأ مع حكومة ابن كيران، هذا غرور ما بعده غرور.. نحن نحارب عدم الاعتراف بالمؤسسات، وهذا خطير جدا. المحضر قانوني، أما قانون حصر التوظيف عن طريق المباريات من أجل تكافؤ الفرص والشفافية ومحاربة المحسوبية والزبونية، فقد صدر أيضا في عهد الحكومة السابقة، بيد أن المرسوم المتعلق به لم يصدر حتى ديسمبر (كانون الأول) 2011، في حين أن المحضر وقع في 20 يوليو 2011، إذن المحضر سابق للمرسوم، وحكومة ابن كيران هي التي تأخرت في إعداد الموازنة حتى يونيو 2012، الأمر الذي جعل حل هذه الملف يتأخر، وعلى الحكومة تحمل مسؤوليتها من الناحية الاجتماعية.

أما بالنسبة لاتفاق 26 أبريل (نيسان) 2011، الذي وقعته الحكومة السابقة أيضا مع النقابات، لم تنفذ منه الحكومة الحالية سوى مطلبين، هما جعل الحد الأدنى للتقاعد في مبلغ 1000 درهم، أما فيما يتعلق بالرفع من قيمة منح الطلبة، التي تتبجح بها الحكومة، فهذا أيضا كان ضمن برنامجنا الانتخابي،وكان ضمن الاتفاق، الذي يوجد به فصل فريد هو تخصيص 10 ملايين درهم لتكوين العاطلين المجازين، لكن ذلك لم يتم، والعاطلون ما زالوا يتظاهرون في الشوارع، ويتعرضون للضرب والتنكيل والتشهير بهم من قبل رئيس الحكومة، الذي يردد أنه «إذا وظف هؤلاء، فسأخرج أنا»، وهي لغة لم نسمعها من قبل حتى عندما لم يكن هناك دستور جديد، ولا حقوق الإنسان، لغة لا يمكن أن تسمعها حتى في الجزائر التي فيها حكم عسكري. نحن ندافع عن كرامتنا كحزب وكدولة، وليس من أجل محاباة أحد، فأنا لا أعرف من بين أولئك العاطلين أكثر من 5 أو 6 أشخاص. وبعضهم أعرفهم من خلال الهاتف فقط.

* هناك من يعتقد أنك أحد التماسيح والعفاريت والمشوشين على عمل الحكومة، الذين يتحدث عنهم ابن كيران، ما ردك على ذلك؟

- بالنسبة للتشويش أتساءل: هل أتى ابن كيران بمشروع واحد عارضناه؟ نحن نشوش على فساد هذه الحكومة. لا نريدها أن تبقى ماضية في إفساد الدولة، وأن تتراجع عن المكتسبات، ومنها على سبيل المثال وجود امرأة واحدة في الحكومة، وقد قلت بمناسبة أول مايو إن نصف أعضاء هذه الحكومة تماسيح وعفاريت، يوجدون داخل البركة، هل رأيت تمساحا خارج البركة، نحن خارج البركة، وهم الذين يوجدون بداخلها. وقد يأكل بعضهم بعضا إذا لم يجدوا ما يأكلونه.

* هل ستنتهي انتقاداتك للحكومة بمجرد قبول إجراء التعديل الحكومي الذي ما زلت مصرا على المطالبة به؟

- بالنسبة للتعديل الحكومي، إذا كان لرئيس الحكومة مستشارون يتشاور معهم، ويرشدونه للطريق الصحيح، فهو من كان عليه إجراء تعديل حكومي، لأن الحكومة لا تعمل كحكومة واحدة بل هي عبارة عن أقطاب حكومية.. كل وزير يعمل داخل وزارته بالطريقة التي يراها مناسبة له، وليس للدولة، بالنسبة للمغرب دائما كان يجري تعديل وزاري بعد مرور سنة أو سنتين، وعندما نطالب اليوم بتعديل حكومي فإننا نقوم بذلك من أجل إنجاح التجربة، وليس التشويش عليها، وإنجاح التجربة يعني إنجاح ابن كيران، عندما يأتي ابن كيران ويقول إنهم يشوشون عليّ، هل هذا موقف قوة أم موقف ضعف؟ وهذا الشعب من يحميه إذا لم يحمِه رئيس الحكومة الذي أعطاه الدستور اختصاصات واسعة، ويتحكم في كل شاردة وواردة؟

المغاربة يريدون رئيس حكومة قويا يأخذ بيدهم ويخرجهم من الفقر لا من يزيدهم فقرا على فقر، ويخرج البلاد من الأزمة لا أن يعمقها، يريدون من حكومة ابن كيران التي جاءت من الشعب، وعن طريق رياح الربيع العربي، توفير مقاعد في المدارس لتعليم أبنائهم، وعلاجا في المستشفيات، لا يريدون الكلام والقيل والقال.

ابن كيران لا يمل من ترديد أن هناك من يعارضه، أقول له: يا أخي لديك القانون.. تصرف، هل اعترضت على قانون أوتي به إلى البرلمان، الآفاق اليوم مسدودة، فحتى بالنسبة للوظائف العليا، ما أسند إلى النساء ضعيف، كما أن هناك تبادلا للهدايا بين الأحزاب المشاركة في الحكومة بشأن توزيع هذه المناصب. وأعود وأقول إنه إذا كان هناك من تمساح فهو داخل الحكومة، ولا يعرف التمساح إلا التمساح.

* يقال إن مطالبتك بالتعديل الحكومي هدفها التخلص من وزراء الحزب المحسوبين على الأمين العام السابق عباس الفاسي، وعلى رأسهم صهره نزار بركة وزير الاقتصاد والمالية؟

- بالنسبة لعباس الفاسي الأمين العام السابق، أنا أحترمه وأقدره. فهو ما زال يعمل داخل الحزب، وحضر المجلس الوطني، وهو رجل وطني. ولا شك أنك سمعت شعار «عباس يا عباس ابن كيران طلع في الرأس»، وهذا شعار من الشعب وليس شعار حميد شباط، أي أن الناس أصبح لديهم حنين للفترة التي كان فيها عباس الفاسي رئيسا للحكومة، وعندما سيكون هناك تعديل، فسنعرض الأمر على «فيس بوك» ونطلب من الناس إبداء رأيهم في من يريدون أن يظل وزيرا، ومن حاز تأييد الشعب فهو من سيتم اختياره، وليس شخصا آخر، كما أن لدينا لجنة الترشيحات داخل الحزب، وهدفنا ليس تغيير شخص بشخص، بل تغيير طريقة التسيير داخل الحكومة، وتسريع الوتيرة، والمصالحة مع الذات أولا، لأن النفس أمارة بالسوء، وعليهم أن ينفتحوا على المعارضة وعلى النقابات والمقاولات والمجتمع المدني الحقيقي، وتجنب الانتقائية، فهذا ليس تشويشا بل تنوير. يتحدثون عن إصلاح صندوق المقاصة، هل الإصلاح هو الرفع من الأسعار؟ هذا إفساد وليس إصلاحا. إذا رفعت أسعار الزيت والسكر والبنزين والغاز من سيدفع الثمن؟ الوطن هو من سيدفع الثمن. الإصلاح هو الذي أتينا به نحن، وقدمنا بدائل تتمثل في عدالة ضريبية حقيقة، هناك 50 في المائة نسبة التهرب من أداء الضرائب، إذا ما تم استخلاص الضرائب فقط، فهذا كافٍ لتوفير أموال الدعم المخصصة لصندوق المقاصة (صندوق دعم المواد الأساسية)، بل أكثر من ذلك، يمكننا تقديم دعم إضافي للمواد الاستهلاكية. أما إذا قلنا إننا نرفض الزيادة في الأسعار، يتهموننا بالتشويش، المشوش هو من يريد رفع الأسعار لبث الفتنة في البلاد

* هل تتشاور مع الأمينين العامين السابقين لحزب الاستقلال؛ عباس الفاسي ومحمد بوستة، بشأن مواقف الحزب؟

- لكل مرحلة رجالها. هذه مرحلة جديدة تأتي بعد دستور جديد وحراك عربي، وأزمة ضربت العالم، خصوصا في منطقة اليورو، وتطور حقوق الإنسان التي أصبحت تتحكم في مصير دول. المرحلة اليوم مرحلة الشباب وفريق جديد لبناء المستقبل، بوستة والفاسي ساهما في مرحلة سابقة، واستشارتهما قد تتعلق بقضايا التاريخ والذاكرة، أما اليوم يجب استشارة الشباب المتطلع إلى غد أفضل.

* اتفقت أحزاب الغالبية على عقد اجتماعات دورية لتذويب الخلافات، لكن يبدو أنكم فشلتم في ذلك، ماذا يجري داخل هذه الاجتماعات؟

- لا يتعلق الأمر بخلافات، بل اختلاف، والاختلاف عند العلماء رحمة، وسيستفيد منه المواطن المغربي، لأنه إذا ذبنا وأصبحنا حزبا واحدا، ماذا سيحدث، ستحدث الزيادة في الأسعار، والتضخم، وسنورط البلاد في متاهات نحن في غنى عنها، والخلافات تحدث حتى داخل الحزب الواحد، وعلى رئيس الحكومة أن يجمع هذه الأفكار والخلافات ويطورها ويجعلها إيجابية لفائدة الوطن، لكن رئيس الحكومة لا يقوم بهذا الدور.

* دعوت أخيرا حزب «الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية» المعارض لإحياء «الكتلة الديمقراطية»، علما أنك تهاجم مكونا رئيسا من المكونات السابقة لهذه الكتلة، هو حزب التقدم والاشتراكية، أليس في هذا تناقضا؟

- النواة الرئيسة للكتلة هي «الاستقلال» و«الاتحاد الاشتراكي»، وأنا لم أهاجم حزب التقدم والاشتراكية، بل ما قلناه كان من باب الرد على بعض وزراء هذا الحزب، خصوصا عندما نشعر نحن في حزب الاستقلال بأن الأمين العام لحزب التقدم والاشتراكية نبيل بن عبد الله، أصبح ناطقا رسميا باسم حزب العدالة والتنمية، وهذا في حد ذاته يخلق إشكالا، أما الحزب، فقد بقينا ملتزمين معه إلى آخر مدة، وحزب الاستقلال كان كريما مع هذا الحزب، ونحن نعرف أن عدد برلمانييه محدود، وأسندت إليه 4 وزارات مهمة جدا، ولم ندخل معهم في حسابات، اعترافا بالتاريخ المشترك للكتلة الديمقراطية، فنحن لا خلاف لدينا مع الحزب كحزب، وستجمعنا لقاءات في المستقبل، لأن مصلحة الوطن فوق أي اعتبار، وتتجاوز الصراعات الثنائية.

* إذا لم تكمل هذه الحكومة ولايتها، ما السيناريوهات التي تتوقعها لتشكيل حكومة جديدة؟

- أولا، نحن مع استكمال الحكومة ولايتها، ولسنا ضد ذلك، ولكن ليس على حساب الشعب المغربي، هناك سبب واحد سيجعلنا ننسحب من هذه الحكومة، هو الزيادة في الأسعار، والإجهاز على القدرة الشرائية للمواطنين، وعدم توظيف العاطلين، وعدم محاربة الفقر، إذا لم تذهب هذه الحكومة في المسار الاجتماعي الحقيقي الذي يطمح إليه الشعب المغربي، فإن حزب الاستقلال سيقول كلمته، لأنه لا يمكنه الاستمرار في حكومة تعاقب الشعب.

* إذن أنت تسعى للإطاحة بحكومة ابن كيران؟

- لا، ليست الإطاحة، الحكومة في أي لحظة يمكنها أن تسقط، فهي ليست قدرا منزلا من السماء، ما نسعى إليه هو تصحيح الأوضاع، فعندما تكون جالسا في مقعد داخل هذه الحكومة يجب أن تشعر أنه مريح، وأن تقدم شيئا لهذا الشعب، لأن لدينا عقدا معه كحزب، مثل باقي الأحزاب، ولا يمكننا أن نخونه، علينا أن نجتهد ونبتكر الحلول، هل كوريا الجنوبية لديها البترول؟ والصين كيف وصلت إلى ما وصلت إليه؟ عندنا قدرات كبيرة لكن الحكومة أوقفت كل شيء.

* هل تعتقد أن هناك مستقبلا لحكم «الإخوان» في بلدان الربيع العربي؟

- لا، هذه مجرد سحابة صيف عابرة، كما عبرت الشيوعية من قبل، لأنه ليس لديهم برنامج ولا مخطط، بل هناك تحوير واستغلال ومتاجرة بالدين، الدول العربية كلها مسلمة، لكنها تريد الحرية والانفتاح والاجتهاد والتنمية.