رئيس وزراء ماليزيا يدعو إلى «المصالحة الوطنية» بعد فوزه

يواجه مستقبلا صعبا بعد أسوأ أداء انتخابي

رئيس الوزراء الماليزي نجيب عبد الرزاق (يمين) يؤدي اليمين الدستورية لولاية رئاسية ثانية تستمر ست سنوات أمام ملك ماليزيا عبد الحليم معظم شاه في القصر الملكي بالعاصمة كوالالمبور أمس (إ.ب.أ)
TT

دعا رئيس وزراء ماليزيا، نجيب عبد الرزاق، أمس، إلى «المصالحة الوطنية» بعد فوز ائتلافه الحاكم في الانتخابات التشريعية أول من أمس، بينما رفضت المعارضة هذه النتائج، منددة بعمليات تزوير مكثفة. وقال نجيب رزاق، صباح أمس، وسط هتافات أنصاره بعيد إعلان فوز حزبه «الجبهة الوطنية الموحدة لماليزيا» التي تقود ماليزيا منذ استقلال البلاد عام 1957: «هذا القرار هو قرار الشعب». وتابع: «أحد البرامج التي سنطبقها سيكون المصالحة الوطنية»، رافضا اتهامات التزوير الانتخابي. وفازت «الجبهة الوطنية»، ائتلاف رئيس الوزراء الذي تشكل «الجبهة الوطنية الموحدة» أبرز عناصره، بـ133 مقعدا من مقاعد البرلمان الـ222، متراجعة بمقعدين فقط، رغم وعود المعارضة بوضع حد لـ56 عاما من الهيمنة شبه المطلقة للحزب الحاكم. واستطاع رئيس الوزراء أن يستعيد من المعارضة إحدى الولايات الماليزية الأربع من أصل 13 التي انتزعتها من «الجبهة الوطنية» في الانتخابات الأخيرة عام 2008. غير أن زعيم المعارضة أنور إبراهيم نقض على الفور نتائج انتخابات أول من أمس، معتبرا أنها جاءت نتيجة «تزوير انتخابي». وأعلن خلال الليل أن «هذه الانتخابات شابها تزوير، واللجنة الانتخابية أخفقت»، مضيفا: «إن ما بين 20 إلى 30 مقعدا خسرناها بفارق ضئيل. سنقوم بكل الطعون القانونية الممكنة». وكان زعيم المعارضة حذر مرارا أثناء الحملة من أنه لن يسمح بـ«سرقة الفوز»، متهما الحزب الحاكم بالتزوير الانتخابي. وندد، خصوصا أثناء الحملة، بوجود عشرات آلاف الناخبين «المشبوهين». وتعززت المخاوف من التزوير الأسبوع الماضي مع اكتشاف أن الحبر الذي يفترض أن يكون من المستحيل محوه لمنع الناخب من تعداد عمليات التصويت، يزول بمجرد غسل اليد. لكن رزاق دعا المعارضة إلى «قبول نتيجة» الانتخابات «من أجل المصلحة الوطنية». وحتى لو أن أنور لم ينجح في إحداث أول انتقال سياسي في تاريخ ماليزيا، فإنه نجح في تعزيز موقع ائتلافه «الميثاق الشعبي» بعد الاختراق التاريخي الذي حققه في انتخابات 2008. وزاد «الميثاق الشعبي» تمثيله البرلماني بـ14 مقعدا، حيث يشغل حاليا 89 مقعدا مقابل 75 في المجلس المنتهية ولايته. وقالت مصادر في الائتلاف الحاكم في ماليزيا إن رئيس الوزراء عبد الرزاق قد يستقيل بحلول نهاية العام بعد أن نجح ائتلافه في تمديد حكمه المستمر منذ 56 عاما، ولكنه فقد ناخبين من الأقلية الصينية وأغلبية الملايو في أسوأ أداء له في انتخابات برلمانية حتى الآن.

ورهن نجيب مستقبله السياسي بزيادة الأغلبية البرلمانية للائتلاف الحاكم في الانتخابات العامة التي أجريت أول من أمس، في ظل اقتصاد قوي وإصلاحات تهدف إلى الحد من السياسات العرقي،ة إلى جانب إعانات اجتماعية للأسر الفقيرة بلغت قيمتها 6.‏2 مليار دولار. لكنه أصبح يواجه الآن معارضين داخل الحزب بعد حصول ائتلاف «الجبهة الوطنية» على 133 مقعدا فقط في البرلمان المؤلف من 222 مقعدا، وهو ما يقل عن أغلبية الثلثين التي كان يطمح إليها، كما أن النتيجة تقل سبعة مقاعد عن نصيب الائتلاف بعد انتخابات 2008. وحصل «تحالف الشعب» بقيادة زعيم المعارضة أنور إبراهيم على 89 مقعدا، وهو ما يزيد سبعة مقاعد عن نتيجة انتخابات 2008 وإن كان أقل من المقاعد اللازمة للإطاحة بأطول الحكومات بقاء في الحكم في العالم. وقال أنور، وهو نائب سابق لرئيس الوزراء، في بيان أمس، إنه لن يقبل النتيجة لأنه شابتها مخالفات انتخابية «غير مسبوقة». ودعا إلى تجمع حاشد في العاصمة كوالالمبور يوم الأربعاء.

ويواجه نجيب بعد هذه النتيجة مهمة صعبة تتعلق بإقناع حزبه «المنظمة الوطنية المتحدة للملايو» بالمضي في الإصلاحات الاقتصادية والتخلي تدريجيا عن السياسات التي تناصر الغالبية من الملايو على حساب مجموعات أخرى. وقال مسؤول في «المنظمة الوطنية المتحدة للملايو» التي تقود الجبهة: «يمكننا أن نتوقع استقالة نجيب بحلول نهاية هذا العام... لا نعرف.. ربما يبدي مقاومة، لكن أداءه كان أسوأ بالتأكيد». وكان رئيس الوزراء السابق، مهاتير محمد، الذي لا يزال شخصية قوية في «المنظمة الوطنية المتحدة للملايو»، قد قال لـ«رويترز» العام الماضي إنه يتعين على نجيب زيادة عدد المقاعد التي فاز بها في 2008 وبلغ عددها 140 مقعدا وإلا فلن يكون وضعه مستقرا.

واستمر الماليزيون المنحدرون من أصل صيني، الذين يمثلون ربع عدد سكان البلاد، في الانسحاب من «الجبهة الوطنية»، في تسارع لاتجاه لوحظ في 2008. وقال المسؤول في «المنظمة الوطنية المتحدة للملايو» إن تأييد الملايو الذين يشكلون غالبية الماليزيين ضعف أيضا، في اتجاه ينذر بالخطر بالنسبة لنجيب، وهي علامة على أن الطبقة الوسطى من الماليزيين تسعى للتغيير. وتظهر استطلاعات الرأي أن نجيب يتمتع بشعبية أكبر مما يتمتع بها حزبه، وربما يواجه تحديا لزعامته للبلاد في أكتوبر (تشرين الأول) أو نوفمبر (تشرين الثاني) عندما يجري أعضاء «المنظمة الوطنية المتحدة للملايو» انتخابات لاختيار زعيم الحزب.

وقال المسؤول الذي كان يشغل منصبا وزاريا في الحكومة في الجولة التالية من الانتخابات: «داخل (المنظمة الوطنية المتحدة للملايو) سنرى ظهور بعض المعارضين يطالبون باستقالة نجيب. وقال إن مهاتير سيكون من بين من يؤيدون المعارضين».