حكومة مصر تغير 9 وزراء.. والرئيس مرسي يعتبرها خطوة جديدة للتطوير

جددت الجدل الدائر حول «أخونة الدولة»

الرئيس المصري محمد مرسي يتوسط وزارة الدكتور هشام قنديل المعدلة بعد أداء 9 وزراء جدد اليمين الدستورية أمس (أ.ف.ب)
TT

بعد فترة مخاض استمرت أكثر من أسبوعين، خرج التعديل الوزاري الذي أعلن عنه الرئيس المصري محمد مرسي إلى النور أمس، وشمل 9 حقائب وزارية في حكومة الدكتور هشام قنديل، أبرزها المالية والاستثمار والبترول والتخطيط. ولوحظ أن عددا من الوزراء الجدد ينتمون إلى جماعة الإخوان أو من القريبين من الجماعة، ما أثار جدلا جديدا حول «أخونة الدولة».

وأعلن أمس عن تعيين المستشار حاتم بجاتو وزيرا للدولة لشؤون المجالس النيابية، والمهندس شريف هدارة وزيرا للبترول والثروة المعدنية، والدكتور أحمد عيسى وزيرا للآثار، والدكتور أحمد محمود علي الجيزاوي وزيرا للزراعة، والدكتور فياض عبد المنعم حسنين إبراهيم وزيرا للمالية، والدكتور عمرو دراج وزيرا للتخطيط والتعاون الدولي، والدكتور علاء عبد العزيز السيد عبد الفتاح وزيرا للثقافة، ويحيى حامد عبد السميع وزيرا للاستثمار.

وأثار التعديل جدلا كبيرا على المشهد السياسي المصري، حيث ضم سبعة وزراء ينتمون لجماعة الإخوان المسلمين أو من المقربين منها، الأمر الذي فتح الجدل مجددا حول اتجاه حكومة قنديل لـ«أخونة الدولة». كما ضمت التعيينات المستشار حاتم بجاتو وزيرا لشؤون المجالس النيابية، والذي سبق أن اتهمته جماعة الإخوان المسلمين وحزبها الحرية والعدالة بانتمائه لفلول النظام السابق، وأنه من أتباع المجلس العسكري الذي أدار شؤون البلاد عقب ثورة 25 يناير (كانون الثاني) 2011.

وأدى الوزراء التسعة اليمين القانونية أمس أمام الرئيس مرسي، قبل سفره إلى البرازيل في زيارة تستغرق يومين. وعقد مرسي أول اجتماع للحكومة بتشكيلها الجديد، أوضح خلاله أن التعديل الوزاري يُمثل خطوة جديدة تُستكمل فيها مسيرة التطوير في الأداء العام، وضخ دماء جديدة لتحسين المستوى النوعي للخدمات المقدمة للمواطن.

وأكد مرسي أهمية أن تتاح الفرصة للحكومة بتشكيلها الجديد لكي تعمل على تلبية احتياجات المواطن خاصة في هذه المرحلة التي يتصدر الملف الاقتصادي فيها أولوية العمل الحكومي، وكذلك العمل على استعادة الأمن والاستقرار في مصر، مؤكدا أن المسؤولية تضامنية بين مؤسسات الدولة.

وفي أول تعليق له على التعديل الوزاري قال الرئيس مرسي في تدوينة على صفحته الرسمية بموقع «فيس بوك» للتواصل الاجتماعي أمس: «أتوجه بالشكر للسادة الوزراء الذين أدوا واجبهم وتحملوا عناء العمل في وزاراتهم؛ وستذكر لهم مصر عطاءهم وتصديهم للعمل العام في ظروف حساسة»، مضيفا: «دعونا لا نستبق الأحكام على الوزراء الجدد والمسؤولية تضامنية بيننا جميعا، وأرحب بكل نقد بناء يدفعنا إلى تجويد الأداء وتلافي الأخطاء». وتابع قائلا: «تمكين الشباب في الوزارة الجديدة والاستفادة من طاقاتهم يأتي في إطار الحرص على تحقيق التكامل والتناغم وتنويع الخبرات».

وقال الدكتور هشام قنديل رئيس مجلس الوزراء، في مؤتمر صحافي عقده أمس بحضور الوزراء الجدد إن «التعديل الوزاري الجديد ركز على المجموعة الاقتصادية، نظرا لوجود تحديات كبيرة في هذه المرحلة الراهنة خاصة مع بداية الاستقرار السياسي»، مضيفا أنه «تم التركيز في التعديل الوزاري الجديد على دقة الاختيار والملاءمة بالمهمة المطلوبة بجانب التشاور المجتمعي». وأشار إلى اعتذار عدد من الجهات المختلفة عن عدم المشاركة في هذا التعديل الوزاري، لافتا إلى وجود تنسيق وتوافق بين رئاسة الوزراء ورئاسة الجمهورية حول الوزراء الجدد.

وأكد قنديل أن الحكومة الحالية ستواجه كافة التحديات التي تواجهها مصر، سواء كانت محلية أو أمنية أو اقتصادية أو إقليمية أو دولية، من دون مساعدات خارجية. وقال: إن «مصر ستبنى بسواعد أبنائها بالعمل والجهد والعرق لمواجهة تلك التحديات الكبيرة». وكشفت مصادر حكومية لـ«الشرق الأوسط» عن أن التعديل الوزاري كان مقررا أن يشمل 11 حقيبة، وهو ما أعلنه رئيس الوزراء أول من أمس، إلا أن اعتذار اثنين من المرشحين في اللحظات الأخيرة، أدى إلى تخفيض الحقائب التي شملها التعديل إلى 9 فقط.

وقالت المصادر إن وزارة الإعلام كانت إحدى حقيبتين اعتذر المرشحان عنها في اللحظات الأخيرة، حيث كان مرشحا لها أحد أساتذة الإعلام بجامعة المنيا، إلا أن اعتذاره أبقى على الوزير الحالي صلاح عبد المقصود، المنتمي لـ«الإخوان المسلمين»، في منصبه.. رغم الانتقادات الحادة التي وُجهت له في الفترة الماضية بسبب ردود اعتبرت «غير لائقة» على صحافيات.

من جهته، أعرب الدكتور محمد سعد الكتاتني، رئيس حزب الحرية والعدالة، عن ترحيبه بالتعديل الوزاري رغم أنه قال: إن «الحزب يتفهم الصعوبات التي تواجه تشكيل الحكومات في المراحل الانتقالية، وإنها قد لا تلبي كل الطموحات». وأعلن الكتاتني، عبر صفحته على موقع «فيس بوك»، أنه أصدر تعليماته لوضع إمكانات الحزب الفنية وكوادره في خدمة الحكومة الجديدة حتى تستطيع عبور المرحلة الانتقالية بسلام حتى انتخابات مجلس النواب.

من جانبه، اعتبر الدكتور عصام العريان، زعيم الأغلبية بمجلس الشورى، نائب رئيس حزب الحرية والعدالة، أن «الأفضل في التعديل الوزاري هو التغييرات المتعلقة بالمجموعة الاقتصادية، وهو ما يعكس رغبة الحكومة والرئيس في الإصلاحات الاقتصادية وإنهاء مفاوضات قرض صندوق النقد الدولي»، على حد قوله.

واعتبر العريان أن أبرز التعديلات تمثلت في وزير المالية الذي لم ينجح في أداء مهامه بالفترة الأخيرة، فيما نفت مصادر حكومية أن يكون تغيير 4 وزراء من أعضاء المجموعة الاقتصادية، له علاقة بصندوق النقد الدولي. وأكدت المصادر أن المؤسسة المالية الدولية تنظر إلى السياسات والإجراءات الاقتصادية ولا تتدخل في عمل من أعمال السيادة وهو اختيار الوزراء، حيث إنه يخضع لرؤية مؤسسات الدولة العليا ولا تتدخل فيه المؤسسات الدولية.

ودافع حزب البناء والتنمية، الذراع السياسية للجماعة الإسلامية، عن التعديل الوزاري الجديد. وقال على لسان خالد الشريف المستشار الإعلامي للحزب، إن التعديلات «هي بمثابة ضخ دماء جديدة في الوزارة بهدف الخروج من المحنة الاقتصادية التي نعاني منها».

من جانبها، أعربت حركة «شباب 6 أبريل» عن رفضها لإجراء تعديل وزاري محدود مع الإبقاء على الدكتور هشام قنديل في منصبه، معتبرة أن هذه الخطوة بمثابة المسكنات والحلول الجزئية للمشكلة. وقال خالد المصري، المتحدث باسم الحركة، إن «الحكومة الحالية فشلت في تحقيق آمال الشعب»، منتقدا بقاء وزير الداخلية اللواء محمد إبراهيم في منصبه رغم الانتقادات الواسعة التي وجهت له بسبب سياسات الشرطة في عهده.

واعتبر أن اختيار المستشار حاتم بجاتو لمنصب وزير الشؤون القانونية أمر يحسب للرئيس بحسب تعبيره، مشيرا إلى أن اختياره يؤكد أن الرئيس يختار بناء على الكفاءة والخبرة وليس وفقا لمعيار الانتماء والولاء، على حد قوله.

واعتبر الدكتور ياسر برهامي، نائب رئيس الدعوة السلفية، أن التعديل الوزاري لن يحقق الاستقرار والتفاهم، موضحا أن الدعوة السلفية ترفض التعديلات لعدم وجود مشاورات حقيقية مع القوى السياسية المختلفة، ولعدم إقالة رئيس الحكومة.

وفي السياق ذاته، قال الدكتور محمد أبو الغار رئيس الحزب المصري الديمقراطي، إن «التعديل الوزاري الجديد ليس له معنى، وكان من المفترض أن يتم تغيير الحكومة بالكامل قبل إجراء الانتخابات البرلمانية بشهرين مباشرة».

أما عصام سلطان نائب رئيس حزب الوسط للشؤون السياسية، فاعتبر أن التعديل الوزاري لم يحمل جديدا.. مشيرا إلى أن حزبه اعترض من البداية على تشكيل حكومة هشام قنديل وطالب بتغييرها بالكامل.

وأبدى صلاح عبد المعبود، المتحدث باسم الكتلة البرلمانية لنواب حزب النور بمجلس الشورى، تخوفه من استمرار «سياسة الأخونة» وقال: «التعديل الوزاري عكس حالة من التخبط».