الحكومة الليبية ترفض استقالة البرغثي من «الدفاع»

وزير العدل لـ «الشرق الأوسط»: مسلحون ما زالوا يحاصرون مقر الوزارة

وزير الدفاع الليبي محمد البرغثي
TT

قال وزير العدل الليبي صلاح المرغني، إن رئيس الحكومة الدكتور علي زيدان رفض استقالة وزير الدفاع محمد البرغثي، بعد ساعات من إعلانها على وسائل الإعلام صباح أمس. وأضاف وزير العدل لـ«الشرق الأوسط» عبر الهاتف من طرابلس الغرب، أن الحكومة الليبية تحظى بثقة المؤتمر الوطني العام (البرلمان المؤقت)، وهي الجهة التي تملك سحب الثقة منها، مشيرا إلى أن الدكتور زيدان رفض استقالة البرغثي، وقال إن «الاستقالة رفضت، ووزير الدفاع لا يزال يمارس مهامه».

وتحاصر ميليشيات مسلحة عدة وزارات ومبنى المؤتمر الوطني منذ أكثر من أسبوعين، للضغط من أجل إقرار قانون يبعد كل من عمل مع نظام العقيد الراحل معمر القذافي عن تولي المناصب القيادية. وأقر البرلمان بالفعل القانون يوم الأحد الماضي، لكن الحصار ما زال مضروبا حول بعض المباني الحكومية المهمة، ومن بينها وزارة العدل. ووضع عدد من المسلحين مطالب جديدة؛ من بينها إقالة الحكومة المؤقتة، ووضع قانون العزل السياسي في دستور ليبيا المقبل حتى يكون غير قابل للإلغاء أو الطعن عليه أمام المحكمة العليا في المستقبل. وتقدم البرغثي أمس باستقالته احتجاجا على ما قال إنه استمرار شغل المسلحين مبان حكومية. وتعليقا على الأحداث المتسارعة التي تجري في بلاده، واستقالة وزير الدفاع، وعما إذا كانت «استقالة بالفعل» أم «مجرد احتجاج فقط»، قال وزير العدل الليبي إن «الاستقالة رفضت، ولا يزال وزير الدفاع يمارس مهامه، ورفضها رئيس الوزراء الدكتور علي زيدان».

وفي سؤال حول ما إذا كانت الحكومة الحالية تشعر بأن هناك ضغوطا للإطاحة بها، (بعد أن تم إقرار قانون العزل) قال المرغني: «نحن ليس لدينا أي مشكلة في بعض الضغوط السياسية، ولكن المشكلة تتعلق بوجود بعض المسلحين في وزارات سيادية. الجدل السياسي لا مشكلة فيه، لأن الديمقراطيات تقوم على الجدل السياسي، وهذا أمر طبيعي». وأضاف أن الإطاحة بالحكومة تحتاج لقرار من المؤتمر الوطني، مشيرا إلى أن الحكومة «(ما زالت) تنال ثقة المؤتمر الوطني ولا توجد أي مشكلة، لكن المشكلة في وجود السلاح». وتابع قائلا: «وجود سلاح في وزارات سيادية هذه مشكلة عويصة، لا بد أن تنتهي. الجدل السياسي لا يعني الكثير، وهو أمر طبيعي ويومي، ولا يشكل خطورة على الدولة، ولكن وجود السلاح هو الذي يشكل الخطورة».

وعما إذا كان قادرا على الذهاب إلى مبنى وزارته المحاصر منذ عدة أيام، قال وزير العدل الليبي إن «مبنى وزارة العدل حتى ظهر اليوم (أمس) مشغول بعناصر مسلحة.. وطلبنا من جميع الموظفين والموظفات عدم دخول المبنى إلى حين خروج جميع الأسلحة بكل أنواعها».

وحول ما إذا كان لدى الحكومة إجراءات يمكن أن تتخذها لإبعاد هؤلاء المسلحين عن الوزارات، قال: «بالتأكيد، ولكن دائما سنحاول أن تكون هذه الأمور في إطار سياسي، وأن نحقن الدماء قدر الإمكان. أعتقد أننا نحن الليبيين أخذنا نصيبنا من إهدار الدماء. ولن يكون هناك عنف إن شاء الله».

وكان البرغثي قال في بيان ألقاه في مؤتمر صحافي بمقر وزارة الدفاع بطرابلس ظهر أمس مخاطبا الشعب الليبي: «أخاطبكم كوزير للدفاع جئت لهذا المنصب ثائرا، وأقسمت أن لا أشارك في مقاتلة أبناء وطني. وأتمنى أن يقتدي بي كل ليبي ثائر يحمل السلاح أو يملك السلطة في استخدامه، ولن أرضى أن تمارس السياسة بقوة السلاح في دولتنا الجديدة». وأضاف البرغثي أن «اقتحام الوزارات بالزي العسكري وآلة القتل يمثل اعتداء صارخا على الديمقراطية والسلطة المنتخبة التي أقسمت أمامكم جميعا أن أحافظ عليها.. لقد حانت الساعة ولحظة الشجاعة لأجد نفسي مضطرا، رغم المعارضة الشديدة التي مورست علي من زملائي طيلة الأيام الماضية دون راحة، أن أعلن عن تقديم استقالتي طواعية ودون تردد».

على صعيد متصل، ذكرت تقارير إخبارية ليبية أن أعضاء المؤتمر الوطني العام قرروا أمس بقاء رئيس الأركان الليبي يوسف المنقوش لشهر آخر حتى إيجاد بديل له، وذلك بعد نحو شهر من قرار لجنة الدفاع بالمؤتمر الوطني إقالته من منصبه لتأخره في بناء الجيش الليبي. وقال عضو المؤتمر الوطني العام محمد الجويلي لـ«وكالة أنباء التضامن» في ليبيا إن «الأعضاء قرروا بقاء المنقوش لشهر في منصبه لحين إيجاد بديل له، على أن لا يحق له تقديم استقالته خلال هذه الفترة»، مضيفا أنه «بعد انقضاء الشهر سيحال موضوع إقالة المنقوش للتصويت في المؤتمر الوطني العام».

من جانبه، قدر محمود جبريل، رئيس وزراء ليبيا السابق، عدد المسؤولين المستهدفين بقانون العزل السياسي الذي أقره البرلمان يوم الأحد الماضي بأكثر من 500 ألف شخص، معتبرا في مقابلة مع قناة «العربية الحدث» أن القانون «سيتسبب في تفريغ الدولة من كوادرها». وحذر جبريل من خطورة قانون العزل السياسي، واصفا إياه بأنه «غير مسبوق في التاريخ المعاصر، ولم يحدث في أي دولة».

وقال: «نحن شاركنا في إسقاط نظام القذافي، لكن قانون العزل يقول لنا: (اذهبوا). وأنا أقول إنني قمت بدوري في ثورة 17 فبراير (شباط)، ولا يستطيع أي قانون عزل أن يمحو ذلك من سجلات التاريخ». وأضاف أن الوضع الأمني في بلاده «مترد، والحدود مخترقة، وليست هناك حماية كافية لها. وهذا كله يعود إلى تأخر بناء المؤسسة الأمنية والعسكرية».