مواجهات عرقية جنوب الجزائر تخلف جرحى واعتقالات

«الميزابيون» يتهمون السلطات بـ«التواطؤ» مع الشعانبة الناطقين بالعربية

TT

عاد الهدوء إلى منطقة غرداية بجنوب الجزائر، بعد فترة عصيبة عاشها سكانها الليلة ما قبل الماضية بسبب مواجهات عنيفة اتخذت شكلا عرقيا، بين قطاع من السكان ينطقون بالأمازيغية وقطاع آخر يتحدثون العربية.

وقال صحافي من غرداية لـ«الشرق الأوسط» إن وجهاء بالمنطقة عقدوا أمس لقاء حضره رموز الميزاب المتحدثون بالأمازيغية والمنتمون إلى المذهب الديني الإباضي، والشعانبة الناطقون بالعربية المنتمون إلى المذهب المالكي، وطلبوا منهم تهدئة نفوس العشرات من الشباب من الطرفين الذين احتدمت المواجهة بينهم.

وتعود الوقائع إلى صباح الاثنين الماضي، عندما فوجئ عدد كبير من التجار الميزابيين، المعروفين أيضا بـ«الإباضيين»، بمشهد محلاتهم وهي محطمة، وبعضها تعرض للحرق والنهب من طرف أشخاص مجهولين. فثارت ثائرتهم واتهموا الشعانبة بالوقوف وراء الحادثة، وحملوا السلطات المسؤولية بدعوى أنها «متواطئة مع المعتدين».

وللتعبير عن احتجاجهم إزاء ما حدث، أغلق كل الميزابيين محلاتهم وأعلنوا الإضراب وتوجهوا إلى مقر ولاية غرداية (الجهة الحكومية محليا) لمطالبة السلطات الإدارية وقوات الأمن بضمان أمنهم وحفظ ممتلكاتهم. وأثناء الاعتصام أمام مقر الولاية تدخلت قوات الأمن لتفريق المتظاهرين، ثم التحق شباب من الشعانبة بمكان المظاهرة ما أثار غضب الميزابيين فاندلعت مواجهة بين الطرفين خلفت جرحى واعتقالات. واستمرت المواجهات إلى الليل دون أن تتمكن قوات الأمن من السيطرة على الوضع.

وقال كمال الدين فخار مسؤول «الرابطة الجزائرية للدفاع عن حقوق الإنسان» في بيان أمس: «ليست المرة الأولى التي يتعرض فيها المجتمع الميزابي للاعتداء وبتواطؤ مفضوح من طرف السلطات الأمنية والإدارية والقضائية». يشار إلى أن غالبية المسؤولين والموظفين في الإدارات والمرافق الرسمية بولاية غرادية هم من الشعانبة، وهو ما جعل الميزابيين يشعرون بالتفرقة. ويقولون إنهم يتعرضون للإقصاء في التوظيف والإبعاد من مواقع المسؤولية في ولايتهم.

وفرضت السلطات مطلع 2009 حظرا للتجوال في مدينة بريان الواقعة بولاية غرداية، وذلك غداة اشتباكات عرقية وقعت بين مصلين إثر صلاة الجمعة وخلفت 27 جريحا. وهدد وزير الداخلية آنذاك يزيد زرهوني بإصدار عقوبات ضد المتورطين في الأحداث، وقال إن ما حدث «لا يعدو أن يكون معارك بين مجموعات من الشباب نشبت بعد صلاة الجمعة»، مشيرا إلى أن «مثل هذه الأحداث تقع في مناطق أخرى من البلاد بما فيها العاصمة».