النائب الأسبق لرئيس أركان الجيش الإسرائيلي: أحمد الله أننا لم نتنازل عن الجولان

روسيا طالبت بوقف الغارات وتوضيح موقف تل أبيب من الصراع الداخلي

TT

في الوقت الذي واصلت فيه إسرائيل تهدئة التوتر على الحدود فلم ترد على قصف صاروخي نحو قواعدها في هضبة الجولان المحتلة، أمس وأول من أمس، كشفت مصادر سياسية في إسرائيل عن أن تدخل الرئيس الروسي فلاديمير بوتين بالأحداث الأخيرة منع نشوب حرب بين إسرائيل وسوريا.

وقالت هذه المصادر إن بوتين الذي نقل رسائل ما بين رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو والرئيس السوري بشار الأسد طلب من إسرائيل أن توقف عمليات القصف في سوريا يوم الأحد الماضي، وأقنع نتنياهو بأن يوضح أن إسرائيل ليست طرفا في الصراع الداخلي في سوريا، وأنه في الوقت نفسه أقنع الأسد بأن الرد الفوري على القصف الإسرائيلي سيكون أمرا متسرعا يخدم مصالح المعارضة، في وقت بدأت فيه بالتراجع في الميدان.

وعلى أثر ذلك، ووفقا لـ«يديعوت أحرونوت»، وجهت الحكومة الإسرائيلية إلى الرئيس الأسد، عبر طرف ثالث، رسالة من أجل تهدئة التوتر وعدم انزلاق الأمور إلى حرب إقليمية.

وقال مسؤول سياسي كبير سابق في الحكومة الإسرائيلية لـ«الشرق الأوسط»، أمس، إن «شيئا من الصبيانية ساد تصرفات القادة الإسرائيليين والسوريين في هذه المعركة، وكان لا بد من أخ كبير ينقذهم من ورطتهم. فالتصرف الإسرائيلي انطوى على عربدة مدمرة حتى للمصالح الإسرائيلية، إذ إن القصف للصواريخ يومي الجمعة والأحد تحول إلى استفزاز مهين للرئيس الأسد. والتصرف السوري كاد يتدهور إلى عصبية صبيانية لا تعرف كيف تدير المعارك بأعصاب باردة وعقل حكيم. وقد جاء تدخل بوتين ليضع حدا للتدهور، قبل أن يتفاقم إلى حرب إقليمية مهولة في الشرق الأوسط».

وفي السياق ذاته، أكد البروفسور أبراهام بن تسفي، المتخصص في العلاقات الإسرائيلية - الأميركية، أن الضربة الإسرائيلية لسوريا، وعلى الرغم من أنها جاءت محدودة النطاق جدا، إنما عززت مكانة إسرائيل لدى الولايات المتحدة. وأضاف: «البيت الأبيض لا يرى التدخل العسكري في المذبحة المستمرة في سوريا خيارا واقعيا لا لأن رواسب حربي فيتنام وأفغانستان لا تزال في وعي باراك أوباما، بل لأن ترتيب أولوياته الحالي يرفض التورط بتدخل بري آخر باهظ التكلفة. ومع ذلك وباعتباره رئيسا رفع راية الدفع قدما بقيم عامة وبحقوق الإنسان بلا هوادة، لا يستطيع أن يبقى ساكنا مدة طويلة في حين تستمر قوات بشار الأسد على زرع الموت والدمار. وبسبب هذه المعضلة وإزاء العجز الذي يظهره الغرب عن علاجه للجبهة السورية إلى الآن، يمكن أن نرى عمليات إسرائيل بحسب ما نشرت الصحافة الأجنبية، الموجهة على منشآت ووسائل قتالية على أرض سوريا بديلا ما عن عمليات استراتيجية من قبل واشنطن ولندن وباريس تأخر وصولها. إن الحضور الجوي الإسرائيلي في الميدان، يبدو كتعبير عملي بالغ الأهمية عن التحرش بالنظام القاتل في دمشق ومواجهته. إن مجرد دخول إسرائيل المكرر إلى ميدان القتال يلائم تماما المصالح الأميركية والأوروبية (بل يخفف شيئا ما عن ضمائر الديمقراطيات الغربية)، وذلك بالطبع مع فرض وأمل ألا يفضي ذلك إلى تصعيد وإلى توسيع مقدار العنف».

وكانت القيادة الإسرائيلية العسكرية، وفي سبيل تهدئة التوتر داخل إسرائيل وفي العلاقات ما بين سوريا وإسرائيل، قد أوقفت تحضيراتها لأحد أكبر التدريبات للجبهة الداخلية التي تحاكي سيناريو مواجهة حرب شاملة من عدة جبهات (إيران وسوريا وحزب الله اللبناني وقطاع غزة) في آن واحد. وقررت تأجيله إلى «وقت ملائم في القريب». كما خففت من حركة الجيش في مناطق السكن في الشمال. وألغت قرارها بإغلاق الأجواء في والمطارات المدنية في المناطق الشمالية. ولكنها حافظت على حالة التأهب القصوى لقوات سلاح الجو الإسرائيلية وللقوات المرابطة بمحاذاة الحدود مع سوريا ولبنان. كما حافظت على حالة الطوارئ التي أعلنتها في السفارات والقنصليات والممثليات الدبلوماسية الأخرى في الخارج ومراكز تجمع اليهود في عدة دول في العالم.

ومن جهته، واصل رئيس الحكومة، بنيامين نتنياهو، صمته إزاء القصف على سوريا، رغم ضغوط الصحافيين المرافقين له في زيارته إلى الصين. ولكنه انتهز فرصة زيارته لمتحف اللاجئين اليهود في شانجهاي الموجود في كنيس «أوهيل موشيه» (خيمة موسى) الذي دشن في عام 1927 وارتاده لاجئو الحرب العالمية الثانية الذين هربوا من المحرقة ليقول: «عندما أغلقت معظم دول العالم أبوابها أمام اليهود، كانت شنغهاي أحد الأماكن القليلة التي فتحت أبوابها واسعا أمامهم. ومنذ هذا الحين تغير مصير اليهود بشكل جوهري، فقبل 70 عاما كان يجب علينا أن نستجدي لكي ينقذونا، ولكن اليوم لدينا دولة وجيش. لسنا بحاجة إلى الاستجداء ونستطيع أن ندافع عن أنفسنا».

من جهة أخرى، دعا النائب الأسبق لرئيس أركان الجيش الإسرائيلي، الجنرال المتقاعد عوزي ديان، وهو من المقربين من نتنياهو، إلى تأييد تفكيك سوريا إلى دويلات إثنية وطائفية فيها، مثل دولة للأكراد وأخرى للدروز، مضيفا أن الأحداث الأخيرة في سوريا تدل على مدى صحة القرار برفض التفاوض مع معها للتوصل إلى سلام يقوم على إعادة هضبة الجولان. وقال ديان، في حديث له مع إذاعة المستوطنين، إن علينا أن نصلي ليل نهار لأن المفاوضات القديمة مع سوريا قد فشلت. فتصورا لو أن الجولان اليوم بأيدي السوريين، لكانت المعارك تجري قرب طبريا والصواريخ تهوي على إسرائيل من جبال الجولان الشاهقة.

إلى ذلك، قال وزير الدفاع الإسرائيلي موشيه يعالون أمس، إن بلاده «لا تتدخل في الصراع الدائر في سوريا». ونقلت الإذاعة الإسرائيلية عن الوزير القول: «إسرائيل لا تتدخل في سوريا، إلا أنها لن تسمح بنقل وسائل قتالية متقدمة وأسلحة كيماوية إلى منظمة حزب الله اللبنانية»، مشددا على أن «ذلك يعد خطا أحمر بالنسبة لإسرائيل». وأضاف أنه تم الإيعاز إلى «القوات المرابطة على الحدود الشمالية بالرد على أي إطلاق نار من الجانب السوري وبتدمير مصادر النيران حتى من دون تصريح مباشر منه أو من رئيس أركان الجيش أو قائد المنطقة الشمالية».