مسيحيو لبنان ينسقون المواقف بشأن قانون الانتخاب.. و«المستقبل» يهدد بالانسحاب

مصادر: تنسيق بين الفرزلي وبري لاستطلاع ثبات المسيحيين على «الأرثوذكسي»

TT

أعاد رئيس المجلس النيابي اللبناني نبيه بري أمس التأكيد على عقد جلسات متتالية للمجلس اعتبارا من يوم الأربعاء المقبل لمناقشة وإقرار قانون جديد للانتخابات النيابية. وشدد بري، وفق ما نقله عنه عدد من النواب، على وجوب «التمثيل وفقا لحجم الكتل النيابية»، متسائلا: «من أين يأتي حق تمثيل الوسطية بالحجم الذي نسمعه ونقرأه؟». وقال: «فليعطنا أصحاب هذه النظرية تعريفا للوسطية وليفتحوا الباب أمام الانتساب لهذا النادي المحظوظ».

ويتزامن تحديد بري موعدا لانعقاد المجلس النيابي مع حراك على أكثر من مستوى في اليومين الأخيرين، من أجل الدفع باتجاه إقرار قانون انتخاب تمهيدا لضمان إجراء الانتخابات النيابية. وفي موازاة سلسلة لقاءات عقدها مطران بيروت للموارنة بولس مطر، مكلفا من البطريرك الماروني بشارة الراعي، بهدف إقرار قانون انتخاب وإجراء الانتخابات في موعدها، برز تحرك نائب رئيس مجلس النواب السابق إيلي الفرزلي، عراب قانون «اللقاء الأرثوذكسي» الذي ينص على أن تنتخب كل طائفة نوابها. إذ بعد زيارته رئيس حزب القوات اللبنانية سمير جعجع، موفدا من رئيس التيار الوطني الحر النائب ميشال عون، ومن ثم مرافقته وزير الطاقة في حكومة تصريف الأعمال جبران باسيل إلى معراب للقاء جعجع مجددا، ووضعه الرئيس بري في أجواء اللقائين، زار الفرزلي أمس، موفدا من عون، عضو كتلة «الكتائب» النائب سامي الجميل بحضور نائب رئيس حزب الكتائب سجعان قزي.

وأوضح الفرزلي أن لقاءاته في الأيام الأخيرة تركز على «الاقتراح الأرثوذكسي» الذي له أسبابه الموجبة، لافتا إلى أنه «حتى الآن وقبل خمسة أيام من الجلسة العامة، لم يأت أحد بقانون يلحظ حق المسيحيين ويلحظ تنفيذ المادة 24 من الدستور ووقف عملية الاعتداء على الحقوق الدستورية للمسيحيين منذ 1991». وأكد الفرزلي أنه «إذا وجد قانون يلبي الأسباب الموجبة للاقتراح الأرثوذكسي فنحن معه»، موضحا أنه بعد لقاء الأمس، زادت القناعة بأن «الأرثوذكسي هو الخيار مع أمل إيجاد قانون يلبي الأسباب الموجبة ويلقى توافق كل اللبنانيين».

وقالت مصادر مسيحية في «14 آذار» مواكبة لحراك الفرزلي لـ«الشرق الأوسط» إن تحرك الأخير يأتي في إطار «ضمان استمرار موقف القوى المسيحية على تأييدها للقانون الأرثوذكسي»، مؤكدة أن الفرزلي «على تنسيق كامل مع الرئيس بري الذي يستطلع مدى ثبات القوى المسيحية على موقفها من الأرثوذكسي، ما لم يتم التوصل حتى موعد الجلسة النيابية إلى قانون آخر يحظى بموافقة أوسع شريحة ممكنة داخل المجلس النيابي».

ولفتت هذه المصادر إلى أن الاتصالات أثبتت أن «الأطراف المسيحية كافة لا تزال على موقفها من (الأرثوذكسي)، لكنها في الوقت عينه تبذل جهودا في الأيام الفاصلة عن موعد الجلسة للوصول إلى قانون أكثر وفاقا، يؤمن من جهة القدر الأكبر من التأييد، ويرفع من جهة أخرى نسبة التمثيل المسيحي بشكل ملحوظ وواضح».

وشددت المصادر عينها على أن «المسيحيين في لبنان باتوا تحت الخط الأحمر ولم نعد نستطيع أن نساير أحدا، خصوصا في ظل ما يصيب المسيحيين في المنطقة». وقالت: «على القوى السياسية ألا تراهن على خجلنا وتتفهم وضعنا بعد أن تفهمنا وضعها في مراحل سابقة، وهذه هي الميثاقية بحد ذاتها».

في المقابل، يحافظ تيار المستقبل على رفضه المطلق لإقرار قانون «اللقاء الأرثوذكسي في جلسة المجلس النيابي في 15 مايو (أيار) الحالي، إذ جزم النائب أحمد فتفت أمس بـ«انسحاب المستقبل من الجلسة إذا ما طرح القانون الأرثوذكسي»، مشددا على «رفض أي تمديد للمجلس يتخطى مهلة الستة أشهر». واتهم فتفت عون «بالقتال ظاهريا بسيف القانون الأرثوذكسي في حين يريد قانون الستين لأن هناك إحصائيات تفيده في هذا المجال وكل ما عدا ذلك مناورات لا تفيد مصالح أحد».

لكن المصادر المسيحية في «14 آذار» أكدت «أننا سنستنزف آخر دقيقة للوصول إلى قانون جامع»، وجزمت أنه «بين القانون (الأرثوذكسي) وقانون الستين (الأكثري) سنختار حتما الأرثوذكسي». وتعليقا على موقف فتفت، قالت المصادر: «لم يتردد تيار المستقبل وقوى أخرى في المجاهرة برفض «الأرثوذكسي»، وموقفنا لا يفسد للود قضية، لكننا لن نتردد في التصويت على أي قانون يؤمن التمثيل المسيحي ولو كان «الأرثوذكسي». وخلصت إلى أن المشكلة اليوم «ليست بين القوى المسيحية ولا بد للجلسة النيابية من أن تنعقد بدستوريتها ويصوت على القانون الذي ينال الأكثرية»، معتبرة أن من «بإمكان من يرفضه (الأرثوذكسي) أن يقاطع الانتخابات أو يتقدم بطعن أمام المجلس الدستوري، وهذا شأنه لا بل واجبه».

في موازاة ذلك، أعرب وزير الداخلية في حكومة تصريف الأعمال العميد مروان شربل عن اعتقاده بأن «الفرقاء السياسيين لن يتفقوا على قانون انتخاب جديد إلا بأعجوبة، والمشاورات الحاصلة تشكل مضيعة للوقت». ونصح شربل «الأطراف جميعا بالتركيز على إجراء بعض التعديلات على قانون الستين تساعد على تحقيق التمثيل الصحيح المطالب به»، مشيرا إلى أنه «في هذه الحالة سنحتاج إلى التمديد للمجلس النيابي الحالي، فتجرى الانتخابات في سبتمبر (أيلول) المقبل».

وفي سياق متصل، قال وزير الشؤون الاجتماعية في حكومة تصريف الأعمال وائل أبو فاعور «إننا ننتظر ما ستؤول إليه الاتصالات الحالية مع البطريرك ليبنى على الشيء مقتضاه، ومن الواضح أن الاتجاه الغالب أو الأكثر قابلية للتحقيق هو القانون المختلط بين الأكثري والنسبي من دون أن يسقط ذلك فرضية اعتماد قانون الستين النافذ إذا لم يتم الاتفاق على أي قانون جديد، ويجب أن تكون الأولوية لإجراء الانتخابات على أساس قانون جديد لكن إذا لم يتم الاتفاق فلنعد إلى القانون المعمول به».

وعلى خط الملف الحكومي، رأى أبو فاعور أن «الأمور أصبحت في مرحلة يجب معها حسم كثير من الخيارات، بمعنى أننا لا نستطيع أن نبقى في هذه الدوامة، وما نسعى إليه ويسعى إليه الرئيس المكلف (تمام سلام) وفي شكل أساسي الرئيس اللبناني ميشال سليمان، هو أن تكون هناك حكومة تحظى بقبول كل الأطراف وهو ما يفترض ألا يكون هناك إصرار على الوقوف عند بعض الصيغ الجامدة من قبل بعض القوى، بمعنى أن التوزيع الذي يقترحه رئيس الحكومة هو توزيع عادل ومنصف ويجب القبول به».

وطالبت الأمانة العامة لقوى «14 آذار» رئيس الحكومة المكلف بـ«الإسراع في تشكيل حكومة قادرة على إدارة شؤون اللبنانيين وحماية مصالحهم».، مناشدة سليمان «الدفع بهذا الاتجاه منعا لأي ابتزاز من أي جهة أتى». واعتبرت أن «المصلحة الوطنية تمر حتما في تشكيل حكومة حيادية قادرة على منع انتقال العنف من سوريا إلى لبنان وتحمي اللبنانيين من إصرار البعض على ربط مصير لبنان بمصير أحداث سوريا»، داعية «الكتل النيابية إلى التجاوب مع طرح اعتماد الحياد الإيجابي».