مسؤول فلسطيني يؤكد أن فتح «جبهة الجولان» مجرد كلام

الأسد يؤكد أنه قادر على مواجهة «المغامرات الإسرائيلية»

TT

حين دوت صافرات الإنذار من الغارات الجوية في دمشق كان أوان الحذر قد فات، وكانت الطائرات الإسرائيلية قد ضربت أهدافها في العمق السوري، دون أن تستطيع الدفاعات الجوية والمدافع الثقيلة المثبتة على قمة جبل قاسيون القيام بأي شيء. وشملت الأهداف التي ضربتها إسرائيل، مركز البحوث والدراسات العلمية بجمرايا في ريف دمشق واللواء 105 و104 الملاصقين لها، بالإضافة إلى مخازن أسلحة تابعة للفرقة الرابعة موجودة في قمة جبل قاسيون.

وأثارت الغارات مخاوف من احتمال أن تقحم إسرائيل نفسها في الصراع الدائر في سوريا بين نظام الرئيس بشار الأسد، المتمسك بالسلطة «حماية لوحدة البلاد»، على حد زعم المدافعين عنه، والقوى الساعية لإسقاطه والتي «تسعى للتخلص من عقود الاستبداد والديكتاتورية التي تميز بها الحكم في سوريا منذ انقلاب حزب البعث العربي الاشتراكي عام 1963»، على حد قول ناشطي الثورة. وفي هذا الصدد، اتهم الأسد، في حديث نقلته عنه وكالة الأنباء السورية «سانا» خلال اجتماعه بوزير خارجية إيران علي أكبر صالحي، إسرائيل بتقديم مساعدة فعلية لمن تصفهم بأنهم إرهابيون لهم صلات بتنظيم القاعدة، قائلا إن «الاعتداء الإسرائيلي الأخير يكشف عن حجم تورط الاحتلال الإسرائيلي والدول الإقليمية والغربية الداعمة له في الأحداث الحالية بسوريا».

ونقل عن الأسد أيضا، وفقا لوكالة الأنباء السورية «سانا»، قوله إن «الشعب السوري وجيشه الباسل الذي يحقق إنجازات مهمة على صعيد مكافحة الإرهاب والمجموعات التكفيرية قادر على مواجهة المغامرات الإسرائيلية التي تشكل أحد أوجه هذا الإرهاب الذي يستهدف سوريا يوميا».

وكان الرد السوري المباشر للغارات الإسرائيلية يومي الجمعة والأحد الماضيين هو تسهيل عبور الفصائل الفلسطينية نحو القسم غير المحتل من هضبة الجولان، والسماح لهم بالقيام بعمليات ضد إسرائيل انطلاقا من هناك، لكن موقع صحيفة «هآرتس» الإسرائيلية الإلكتروني نقل، أمس، عن «مصدر كبير في الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين - القيادة العامة، يقيم في الضفة الغربية ويحافظ على علاقة وثيقة مع الجبهة وقائدها أحمد جبريل في دمشق، قوله إن إعلان نظام الأسد سماحه للفصائل الفلسطينية بتنفيذ عمليات ضد إسرائيل انطلاقا من حدود الجولان لا يعدو كونه إعلان موقف لا غير، وبالتالي فإن الفصائل الفلسطينية لا تنوي إشعال جبهة الجولان». وأضاف المصدر «الجبهاوي» أنه «يدور الحديث عن مجرد إعلان موقف ليس إلا، لأن انطلاق عمليات من هضبة الجولان قد يشعل المنطقة برمتها، إذ ستعتبر إسرائيل أن نظام دمشق هو المسؤول عن هذه العمليات حتى وإن نفذت بأيد فلسطينية وعلى وجه الخصوص على أيدي عناصر القيادة العامة».

وعلى صعيد آخر، أكد المسؤول ذاته أن إسرائيل نقلت بالفعل، عبر روسيا، رسائل تطمينية لنظام الأسد بأن الضربة الجوية الأخيرة لا تستهدف تقويض حكمه، بل الحيلولة دون وصول أسلحة متطورة لحزب الله اللبناني.

وكان مسؤول أمني إسرائيلي، أكد في وقت سابق، لوسائل الإعلام في بلاده، أن التصريح السوري بالسماح للفلسطينيين بمقاومة إسرائيل من الجولان هو مجرد كلام. وقال: «في إسرائيل نأخذ بجدية كل تصريح كهذا ونتصرف كما يجب إزاءه، ولكنني لا أعتقد أن مقاومة فعلية ستكون. فالنظام السوري ليس مغامرا لهذه الدرجة مع إسرائيل ويعرف تماما ماذا تكون تبعات مثل هذا التصرف والتنظيمات الفلسطينية الموالية للنظام السوري هي أكثر من يعرف أن النظام لا ينوي تسليمهم جبهة القتال مع إسرائيل». وأضاف: «الفلسطينيون في سوريا هم أيضا يعانون من وضع فوضوي لا يستهان به. قادة حماس اضطروا إلى الهرب من سوريا بسبب الخلاف مع النظام. وقد قتل من الفلسطينيين في سوريا منذ بداية الصراع أكثر من 1000 لاجئ».

يشار إلى أن إسرائيل لم ترد على إطلاق قذيفتين باتجاه أراضي هضبة الجولان السوري المحتل، يومي الاثنين والثلاثاء الماضيين، لكن وزير الدفاع الإسرائيلي، موشيه يعلون، الذي يشغل منصب القائم بأعمال رئيس الحكومة بنيامين نتنياهو في غيابه، هدد بالرد على أي عملية لإطلاق النار من الأراضي السورية، مؤكدا تلقي القوات الإسرائيلية التابعة للقيادة الشمالية تعليمات بالرد على أي قذائف أو نيران تأتي من سوريا.

وأضاف يعلون الذي أسمع تهديداته خلال زيارته لكتيبة «غزة» في المنطقة العسكرية الجنوبية، أن «القوات في الميدان تلقت تعليمات واضحة بتدمير مصادر النيران السورية فور سقوط قذائف أو طلقات نارية داخل المنطقة المحتلة من الجولان، دون انتظار موافقة رئيس الأركان أو قائد المنطقة الشمالية».

وعاد يعلون وكرر ادعاءات إسرائيل وخطوطها الحمراء قائلا: «نحن لا نتدخل في الصراع الدائر في سوريا، وسبق وأوضحنا مصالحنا وخطوطنا الحمراء ومن بينها نقل أسلحة نوعية لحزب الله».