تضارب أنباء حول إصابة قائد جبهة النصرة في ريف دمشق

خبير إسلامي: الجولاني كلف من أمير الدولة الإسلامية لنصرة السوريين

TT

تضاربت الأنباء، أمس، حول إصابة القائد العام لـ«جبهة النصرة في بلاد الشام» الفاتح أبو محمد الجولاني في ريف دمشق الجنوبي خلال معارك ضد قوات نظام الرئيس بشار الأسد، فبيما نفى قائد في الجبهة، عبر حسابه على «تويتر»، أن يكون قائدها العام قد أصيب أول من أمس، أصر مدير المرصد السورية لحقوق الإنسان رامي عبد الرحمن، والذي أذاع الخبر لأول مرة، على إصابة الجولاني في منطقة السبينة، جنوب دمشق، متوقعا أن تنفي «النصرة» الإصابة لرفع معنويات عناصرها.

وكان المرصد قد أعلن أول من أمس «إصابة الجولاني، ونحو 15 عنصرا من أتباعه، بجروح خلال القصف الذي نفذه الجيش النظامي على مناطق في ريف دمشق الجنوبي»، وذلك بالتزامن، مع إعلان وسائل إعلام سورية رسمية أن القوات النظامية أوقعت عددا من «إرهابيي النصرة» في عدرا والنبك ورنكوس وعسال الورد بريف دمشق.

وفي موازاة ذلك، دعا وزير الخارجية الفرنسي لوران فابيوس، أمس، الأمم المتحدة لتصنيف جبهة النصرة، المرتبطة بتنظيم القاعدة، كمنظمة إرهابية، وذلك سيرا على خطى الولايات المتحدة التي قامت في ديسمبر (كانون الثاني) من العام الماضي بتصنيف الجبهة على أنها جماعة إرهابية، وهو الأمر الذي لقي رفضا من ممثلي المعارضة السورية وقادة الجيش السوري الحر.

وعلى الرغم من امتلاكها لقدرات عسكرية ومالية جيدة، فإن جبهة النصرة تعاني ضعفا إعلاميا، فهوية أمير التنظيم غير معروفة، وتقول بعض التقارير إن الجولاني الذي قيل في السابق إنه قتل في العراق عام 2006، يجلس متلثما في اجتماعاته مع أمراء الجبهة في المحافظات السورية.

ويؤكد الخبير في الحركات الإسلامية الشيخ عمر بكري فستق لـ«الشرق الأوسط»، أن «سبب هذه الغموض هو شرعي بالدرجة الأولى، فالجبهة تتحفظ على هوية قياداتها لأن القيادة لله في الإسلام وليست لأشخاص، وفي الحركات السلفية الجهادية ليس هناك ولاء لأشخاص، حتى الأمير يصدر قراراته استنادا إلى الحديث والسنة». وبحسب فستق فإن «سببا أمنيا يمنع الجبهة من إعطاء التفاصيل عن قادتها لأن النظام السوري يقوم بالانتقام من عائلاتهم وأقربائهم كما فعل مع الكثيرين».

ويشير فستق إلى أن «الجولاني قد كلف منذ أكثر من عام ونصف العام من قبل أبو بكر البغدادي، أمير الدولة الإسلامية في العراق لنصرة إخوانه في سوريا وترتيب الشباب المسلم الذي يصل إلى سوريا من جميع أنحاء العالم لمحاربة نظام الأسد». وكان الجولاني قد أعلن في أبريل (نيسان) الماضي مبايعته لزعيم تنظيم القاعدة أيمن الظواهري، مؤكدا في الوقت ذاته عدم اندماج تنظيمه مع تنظيم القاعدة في العراق المعروف بـ«دولة العراق الإسلامية» رغم اعترافه بأنه تلقى منه الدعم المادي والبشري.

وحسب مراقبين، فإن الجبهة عموما مصبوغة بهذا النوع من التكتم والسرية، ليس على مستوى أميرها فحسب، بل على أمراء الجبهة في كل المحافظات. وترفض الجبهة التصوير والتصريح لأحد إلا بإذن مسبق من الأمير، كما ترفض بتاتا الإدلاء بأي معلومة تخص أسماء القيادات أو أعداد المقاتلين أو مصادر التمويل. ووفقا لتقارير بريطانية، كان «الجولاني من أوائل المشاركين في قتال الأميركيان إبان الاحتلال الأميركي للعراق 2033، كما أنه كان مسؤولا على تأمين الطرق داخل سوريا للمقاتلين الراغبين بالمشاركة في القتال».

واتهمت الجبهة، المؤسسة في 23 ديسمبر (كانون الأول) 2011، بالتبعية لنظام الأسد، ذاك أن نشاطها العسكري في بداية الثورة السورية واتباعها للعمليات الانتحارية كنهج حينئذ لم تخدم سوى نظام الأسد، لكن الجبهة ما لبثت أن اكتسبت ثقة السوريين، وخصوصا بعد خوضها لمعركة حلب، التي بدأت في 22 يوليو (تموز) 2012.

وتقوم جبهة النصرة بنشر بياناتها وإصداراتها بشكل حصري من خلال «مؤسسة المنارة البيضاء للإنتاج الإعلامي». وقد نمت قدراتها لتصبح في غضون أشهر من تشكيلها من أبرز القوى المقاتلة ضد النظام وأكثرها شراسة بسبب خبرة رجالها وتمرسهم على القتال. معظم عناصر الجبهة من الذين قاتلوا سابقا في «ساحات الجهاد» مثل العراق وأفغانستان والشيشان وغيرها، ممن لديهم خبرة طويلة في قتال الجيوش. وانضم إلى الجبهة لاحقا مقاتلين عرب وأتراك وأوزبك وشيشانيين وطاجيك وقلة من الأوروبيين. وللانضمام للجبهة يجب على المتقدم أن يستوفي عددا من الشروط مثل الالتزام بالفروض الدينية والحصول على تزكية من شخص موثوق وإثبات الجدية والانضباط. ويصل عدد مقاتلي جبهة النصر بحسب مصادر الناشطين السوريين إلى 20 ألفا، بينهم نحو 40 في المائة من الأجانب.