بغداد ترفض دخول مسلحي «العمال الكردستاني» الأراضي العراقية و«دولة القانون» يطالب بموقف أقوى

نائب كردي: ما صدر عن الخارجية العراقية مجرد كلام إعلامي

صورة وزعتها وكالة «الفرات» للأنباء تظهر مقاتلة ومقاتلا من حزب العمال الكردستاني في انتظار التوجه إلى جبل قنديل في الأراضي العراقية أول من أمس (إ.ب.أ)
TT

في وقت اعتبر فيه نائب كردي في البرلمان العراقي أن «وجود مسلحي حزب العمال الكردستاني في الأراضي العراقية وبالذات على سفوح جبل قنديل عند المثلث العراقي - التركي - الإيراني أمر واقع ولا يجب الخشية منه»، اعتبرت مستشارة في مكتب رئيس الوزراء العراقي نوري المالكي أن الموقف العراقي من حزب العمال المصنف حتى الآن في خانة الإرهاب لا ينبغي أن يختلف عن الموقف من منظمة مجاهدي خلق أو غيرها من المنظمات والمجاميع الإرهابية». ويأتي هذان الموقفان المتباينان في وقت أعلنت فيه الحكومة العراقي رسميا ومن خلال وزارة الخارجية رفضها دخول مسلحي حزب العمال الكردستاني إلى الأراضي العراقية، بموجب اتفاق مع الحكومة التركية على وقف أعمال العنف بين الطرفين.

وقالت الخارجية في بيان لها نشر على موقعها الإلكتروني أمس إن «الحكومة العراقية لا تقبل من باب الحفاظ على مبدأ السيادة وأمن المجتمع دخول جماعات مسلحة إلى أراضيها»، مؤكدا أن «الحكومة ترحب بأي تسوية سياسية وسلمية للمساءلة الكردية في تركيا من أجل وضع حد لإراقة الدماء ودوامة العنف بين الطرفين». وأضافت الوزارة أن «الدستور العراقي ومبادئ القانون الدولي لا يسمحان بأن تستغل الأراضي العراقية للمساس بأمن واستقرار العراق أو أمن واستقرار ومصالح دول الجوار والتدخل في الشؤون الداخلية للدول الأخرى».

من جهته اعتبر لطيف مصطفى عضو البرلمان العراقي عن حركة التغيير الكردية المعارضة في إقليم كردستان العراق، التي يتزعمها نوشيروان مصطفى، في تصريح لـ«الشرق الأوسط» أن «مسلحي حزب العمال الكردستاني موجودون داخل الأراضي العراقية عند جبال قنديل، وهي مساحات شاسعة ووعرة ويصعب السيطرة عليها منذ ثمانينات القرن الماضي أيام كانت الحكومة العراقية على عهد صدام حسين آنذاك في أوج قوتها، ومع ذلك لم تتمكن من القضاء عليهم أو مطاردتهم». وأضاف أنه «ورغم وجود اتفاق موقع بين الحكومتين العراقية والتركية آنذاك يقضي بملاحقة معارضي البلدين داخل الأراضي العراقية بعمق 15 كيلومترا وداخل الأراضي التركية بواقع 5 كيلومترات فإن العراق لم يتمكن من منع دخولهم أو وجودهم». واعتبر مصطفى أن «ما صدر عن الخارجية هو مجرد كلام إعلامي ومحض خيال، وأنه موجه ليس إلى حزب العمال الكردستاني بقدر ما هو موجه إلى تركيا وإلى حكومة أردوغان لأن هناك مشكلة بين الحكومة العراقية والحكومة التركية». وأوضح أن «ما صدر عن حزب العمال الكردستاني مبادرة بالغة الأهمية ويجب أن تحظى باهتمامنا لأنها تعني نهاية عقود من القتال بين الطرفين ويمكن أن تؤسس لعهد من الحلول السلمية للمشكلات بين الحكومات ومعارضيهم». وتابع مصطفى أن «الكرة الآن في ملعب الحكومة التركية لأن حزب العمال يبدو جادا وهو يعلن أنه سوف ينسحب من على مسافة 1000 كلم».

وردا على سؤال حول المواقف التي ظهرت بشأن ذلك سواء من الخارجية أو من بعض أعضاء البرلمان قال مصطفى: «إننا كأكراد نأسف لهذه المواقف لأنه يجب الترحيب بهذه المبادرة وأن ننظر إلى المسالة من جانبها الإنساني وبالتالي فان ما نأمله هو الترحيب بهم على الأقل لأنهم أصلا موجودون كواقع حال، وذلك احتراما لمشاعرنا ككرد، ولكي نشعر بما يقابل ذلك عاطفيا تجاه العرب، أما أن نواجه بمواقف رافضة ومنددة فإن هذا يعني أن هناك من لا يزال ينظر إلى الأكراد بوصفهم عصاة ومارقين».

من جانبها أكدت مريم الريس المستشارة السياسية في مكتب رئيس الوزراء نوري المالكي في تصريح لـ«الشرق الأوسط» أن «ما عبرت عنه وزارة الخارجية يمثل الموقف الرسمي للحكومة العراقية بالكامل». وأضافت أن «سيادة العراق أمر لا يمكن التهاون فيه، وأي اتفاق لا يجب أن يكون على حسابنا، ونحن نرفض دخول مسلحي هذا الحزب إلى داخل أراضينا مثلما نرفض منظمات إرهابية أخرى مثل مجاهدي خلق، حيث إن حزب العمال لا يزال مصنفا على لائحة الإرهاب». وأكدت الريس أن «موقفنا منسجم مع القانون الدولي ومع مبدأ حسن الجوار».

وعلى صعيد متصل فقد اعتبر القيادي في ائتلاف دولة القانون ياسين مجيد خلال مؤتمر صحافي عقده بمبنى البرلمان أمس أن «الاتفاق بين الحكومة التركية وحزب العمال الكردستاني على انسحابه إلى جبال قنديل في شمال العراق دخل حيز التنفيذ، ونحن لا نعارض مثل هذا الاتفاق ولكن لا يجب أن يكون على حساب العراق»، متسائلا: «هل وزارة الخارجية العراقية لديها علم بهذا الاتفاق؟ وهل أراضي شمال العراق وخصوصا جبال قنديل هي أراضٍ تركية حتى يتفق أوجلان وأردوغان على انسحاب حزب العمال إليها؟». كما تساءل مجيد: «هل أخبرت تركيا الجانب العراقي بهذا الاتفاق؟ وهل إقليم كردستان لديه علم بهذا الاتفاق؟»، مطالبا وزارة الخارجية العراقية والبرلمان ببيان موقفهما بشأن هذا الاتفاق، مؤكدا أن «سيادة العراق واستقلاله عرضة للخطر بموجب هذا الاتفاق».