قوى سلفية في مصر تطوي خلافاتها مع الأزهر لمواجهة «الإخوان»

قيادي بـ«الدعوة السلفية»: رصدنا انخفاضا في شعبية الجماعة

TT

سعت قوى سلفية رئيسة في مصر إلى طي خلافاتها مع مؤسسة الأزهر وشيخه الدكتور أحمد الطيب، في محاولة لمواجهة ما وصفته قيادات سلفية بـ«مطامع إخوانية» في الهيمنة على المؤسسة العريقة. وقال قيادي في الدعوة السلفية إن كوادر الدعوة وذراعها السياسية حزب النور رصدت انخفاضا ملحوظا في شعبية «الإخوان»، وسط مخاوف من تأثير هذا الانخفاض على شعبية القوى الإسلامية الأخرى.

وبدأت قوى سلفية في السعي لاستعادة علاقات طيبة مع الدكتور الطيب، وأعلنت رفضها المساس بمنصب الإمام الأكبر، فيما لم يستبعد مصدر مسؤول بجامعة الأزهر أن «يثير تقارب قيادات الدعوة السلفية مع قيادات الأزهر الشريف القلق داخل حزب (الإخوان)».

وأثار لقاء أخير جمع الطيب بقيادات الدعوة السلفية، وعلى رأسهم نائب رئيس الدعوة السلفية الدكتور ياسر برهامي، جدلا في الأوساط السياسية والدينية، على خلفية ما اعتبروه تقاربا بين الأزهر والدعوة السلفية على حساب «الإخوان»، خاصة بعد أن ربط مراقبون حوادث تسمم طلاب الأزهر داخل المدن الجامعية خلال الفترة الماضية، واعتصام عدد من علماء الأزهر بمقر مشيخة الأزهر، بما يقال عن وجود مخطط من جماعة الإخوان لإفشال المؤسسة الأزهرية والمطالبة بتغيير قيادات الأزهر بمن فيهم الدكتور الطيب.

وتعرضت علاقة الأزهر بالسلفيين للشد والجذب عقب الثورة المصرية في يناير (كانون الثاني) عام 2011، واتهم علماء الأزهر الدعوة السلفية بمحاولة الزج باسم الأزهر في صراعات سياسية وتفريغه من دوره الحقيقي في الدعوة الوسطية. وتوترت العلاقة بين الدعوة السلفية وشيخ الأزهر على خلفية اتهامات قيادات الدعوة للطيب بعقد صفقة مع «الإخوان» لتمرير مادة تسمح بتفسير أوسع لكلمة مبادئ الشريعة في الدستور مقابل النص في الدستور على عدم قابلية شيخ الأزهر للعزل. واعتذرت للطيب قيادات سلفية على رأسها عبد المنعم الشحات المتحدث باسم الدعوة السلفية، لكن شيخ الأزهر ظل على موقفه، مفضلا اعتذار برهامي شخصيا، حسب مصدر مسؤول في الأزهر، وهو ما تم بالفعل قبل يومين.

من جانبه، قال قيادي في الدعوة السلفية إن «الدعوة ترفض الهجوم على الأزهر أو الإساءة إلى أي من رموزه أو إقحامه في أي صراعات سياسية»، واستنكر محاولات استثمار أحداث تسمم طلاب في المدينة الجامعية سياسيا. وقال القيادي السلفي الذي فضل عدم الكشف عن هويته، إن الدعوة السلفية سوف تطالب الحكومة ومجلس الشورى (الذي يمتلك سلطة التشريع) باعتبار رأي الأزهر في المواد والقوانين المتعلقة بالشريعة فرضا عينا ويجب الالتزام به.

ويختص الأزهر ممثلا في هيئة كبار العلماء، بحسب الدستور، بالبت في المسائل الدينية ذات الطابع الخلافي والقضايا الاجتماعية بعد أن يقدم مجمع البحوث الإسلامية رأيه فيها. وأضاف القيادي السلفي لـ«الشرق الأوسط»: «نرفض أي محاولات لأخونة الأزهر أو جامعته»، لافتا إلى أن الدعوة السلفية تمد يدها للأزهر باعتباره مؤسسة دعوية لا تبحث عن دور سياسي، كاشفا عن وجود مخطط من «الإخوان» لإحداث نوع من الخلاف بين الدعوة السلفية وحزبها «النور»، بسبب وجود تقارير تفيد بارتفاع شعبية حزب النور عن شعبية حزب «الحرية والعدالة» الإخواني في الشارع رغم مخاوف من تأثير تراجع شعبية الجماعة وحزبها على القوى الإسلامية بشكل عام.

في المقابل، لم يستبعد مصدر مسؤول في جامعة الأزهر أن يكون هناك هدف آخر وراء اعتصام أساتذة الجامعة الذي دخل يومه الثالث بمقر المشيخة أمس، بعدما استجاب الدكتور الطيب لمطالبهم بإحالة قواعد انتخاب رئيس جامعة الأزهر إلى مجلس جامعته لإبداء الرأي. وربط المسؤول بين استمرار إضراب أساتذة الأزهر الذين ينتمون لجماعة الإخوان - على حد قوله - وزيادة التقارب بين الأزهر والسلفيين. ولفت المسؤول الذي فضل عدم ذكر اسمه لحساسية موقعه في الجامعة، لـ«الشرق الأوسط»، إلى أنه علم بأن «قلقا انتاب عددا من قيادات (الإخوان) بعد زيارة السلفيين الأخيرة للأزهر». ودلل المسؤول على كلامه بأن جميع القوى السياسية والإسلامية حضرت لتهنئة الإمام الأكبر بجائزة العام الثقافية من دولة الإمارات، والإشادة بالإفراج عن المصريين المعتقلين هناك، إلا قيادات «الإخوان»، وهو ما يؤكد أن الأزمة بين شيخ الأزهر و«الإخوان» ما زالت قائمة.