ابن كيران يطالب بتجنب إخضاع قضايا المهاجرين للمزايدات السياسية

رئيس الحكومة المغربية: الدعوات الدينية «الهدامة» هامشية ولا وزن لها

ابن كيران يتحدث خلال جلسة المساءلة في مجلس المستشارين أول من أمس (تصوير: منير محيمدات)
TT

انتقدت فرق الغالبية والمعارضة في مجلس المستشارين المغربي (الغرفة الثانية في البرلمان) التعامل الموسمي «للحكومة مع قضايا المهاجرين، وعدم منحها الأولوية، خصوصا فيما يتعلق بتمكينهم من المشاركة السياسية في بلدهم».

وطغى قرار الحكومة الهولندية بشأن تخفيض التعويضات الاجتماعية للمهاجرين المغاربة الذين قرروا العودة إلى بلدهم على محور الجلسة الشهرية المخصصة لمساءلة رئيس الحكومة، التي عقدت مساء أول من أمس، وتناولت أوضاع الجاليات المغربية في الخارج، والمشكلات التي تعاني منها في عدة مجالات؛ منها مجالا التعليم والتأطير الديني.

وقال عبد الإله ابن كيران، رئيس الحكومة المغربية، إن الحوار ما زال متواصلا بين الحكومتين المغربية والهولندية بشأن قرار تخفيض التعويضات الممنوحة للأرامل وأطفال المهاجرين بنسبة 40 في المائة، وأعرب عن تفاؤله بإمكانية توصل الطرفين إلى صيغة توافقية بشأن هذا القرار الذي يسري على 900 أرملة، و4300 طفل، قبل أن يستدرك قائلا: «نحن لا نتحكم في هولندا»، مشيرا إلى أن قرار خفض التعويضات لا يقتصر فقط على المهاجرين المغاربة.

وفيما يتعلق بالمشاركة السياسية للمهاجرين، ذكر ابن كيران أن حزبه طالب بتمكين المهاجرين المغاربة من أن يمثلوا داخل البرلمان منذ 2002، إبان وجوده في المعارضة، كما اقترح عام 2011 منح المهاجرين حصة 30 مقعدا، بيد أنه لم يجد أي مساندة من الأحزاب السياسية التي كانت تمثل الأغلبية، وأضاف قائلا: «لو ساندتمونا آنذاك لكانوا اليوم معنا في البرلمان». واستغرب ابن كيران كيف أن هذه الأحزاب نفسها تطالب الحكومة بمنح المهاجرين حق المشاركة السياسية عندما انتقلت إلى المعارضة. وأوضح أن قرارا من هذا النوع «يخضع لسياسة الدولة»، مشيرا إلى أنه يؤمن بحقهم في التصويت والانتخاب شأنهم شأن باقي المغاربة، مشيرا إلى أن قضايا المهاجرين لا يتعين إخضاعها لـ«مزايدات سياسية أو آيديولوجية».

وردا على سؤال للفريق الاشتراكي المعارض حول ضعف التأطير الديني لمغاربة المهجر، الذين أصبحوا عرضة لتأثير التيار الشيعي والتيارات الدينية المتشددة، قال ابن كيران إن هناك مجهودات كبيرة لتأطير المهاجرين على المستوى الديني، و«إن كانت بحاجة إلى التحسن»، مشيرا إلى أن «الدعوات الهدامة» وصلت حتى المغرب، «بيد أنه تم التصدي لها، وأصبحت هامشية، بينما في دول مجاورة أصبحت أساسية؛ بل كادت تصبح رسمية، وهي تربك الاستقرار والأمن»، من وجهة نظره. وأضاف: «نحن نؤمن بحق الاختلاف. ومن حق أي كان أن يصبح سلفيا، ولا يمكن أن نفرض على الناس المذهب المالكي، وهو المذهب الذي تتبناه الدولة رسميا، بيد أنه في المقابل لا يمكن أن نسمح بتهديد الأمن والاستقرار في البلاد».

وأكد ابن كيران أن تلك التيارات الدينية «هامشية ولا وزن لها» والمهاجرون أنفسهم يطالبون بأن يؤطروا على أيدي علماء من المغرب.

وسرد ابن كيران في الجلسة ذاتها معطيات وأرقاما حول الجالية المغربية، وقال إن عدد المغاربة حول العالم ارتفع خلال السنوات العشر الأخيرة بما يعادل 13 في المائة من سكان البلاد؛ إذ ارتفع من 1.7 مليون شخص سنة 1998 إلى نحو 4.5 مليون حاليا.

وأشار إلى أن 70 في المائة من المهاجرين لا تتجاوز أعمارهم 45 سنة؛ 20 في المائة منهم ولدوا في الخارج، مضيفا أن الجالية المغربية تقيم بأكثر من 100 دولة في القارات الخمس، إلا أنها تتمركز في أوروبا أكثر من باقي القارات بنسبة تصل إلى 80 في المائة موزعة بين فرنسا وإسبانيا وإيطاليا وبلجيكا وهولندا وألمانيا.

وقال رئيس الحكومة المغربية إن التحويلات المالية للمهاجرين المغاربة تساهم في تخفيض مؤشر الفقر بـ3.4 نقطة، أي ما يعادل مليون فقير، كما تساهم في الرفع من نسبة التعليم والتأمين الصحي خاصة بالقرى، إلا أن نسبة التحويلات المالية الموجهة نحو الاستثمار قليلة جدا، وتهم بالأساس قطاع العقار بما يناهز 41 في المائة من مجموع التحويلات، في حين لا تتعدى الاستثمارات في المشاريع الاقتصادية المنتجة نسبة 14 في المائة.

وأفاد ابن كيران أن البنك الدولي يصنف المغرب في المرتبة الثالثة عالميا بالنسبة لهجرة الأدمغة، مما يؤكد أن الجالية المغربية في الخارج جلها من ذوي الكفاءات، ورغم ذلك، فإنه لا تزال فئة مهمة من المهاجرين تعيش في أوضاع اجتماعية واقتصادية صعبة خاصة في ظل الأزمة الاقتصادية الراهنة.

وفي هذا السياق، أعلن ابن كيران عن قرار الحكومة تعميم نظام المساعدة الطبية «راميد» ليشمل مغاربة المهجر المعوزين الذين لا يستفيدون من نظام التأمين الصحي ببلدان إقامتهم.