منظمة إسرائيلية: ثلث ضحايا حرب «عمود السحاب» على غزة أطفال

«بتسيلم» في تقرير لها تفند مزاعم الهجوم الأخير على غزة بأنه استهدف «مواقع عسكرية لتنظيمات فلسطينية»

TT

فند تقرير جديد لمنظمة «بتسيلم» الإسرائيلية لحقوق الإنسان الفلسطيني، المزاعم الإسرائيلية بأن الهجوم الإسرائيلي «عمود سحاب»، على قطاع غزة في نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي، استهدف «مواقع عسكرية للتنظيمات الفلسطينية». وقال إن نحو نصف الضحايا هم من أناس لم يشاركوا في القتال وثلثهم من الأطفال. وقال التقرير «في الأيام الأربعة الأخيرة من الحملة قتل من الفلسطينيين العزل أربعة أضعاف قتلى الأيام الأربعة الأولى».

وجاء في التقرير، الذي حصلت «الشرق الأوسط» على نسخة منه: «بعد استقصاء ميداني وفحص تقاطعي للبيانات خلال أشهر عديدة، تشير منظمة (بتسيلم) إلى أنه في الهجوم الذي وقع ما بين 14 – 21 نوفمبر 2012، لم يكن الضحايا من المسلحين بالأساس، وأن هناك شكوكا إزاء الإدراك المتجذر لدى الجمهور والإعلام في إسرائيل بأن الحديث يدور عن حملة (جراحية دقيقة) أديرت من دون أن تلحق تقريبا أي خسائر في أرواح الفلسطينيين الذين لم يشاركوا في الاقتتال، بل هنالك فارق كبير بين البيانات الإسرائيلية الرسمية وبين الواقع». وكشف التقرير أيضا الفارق الكبير القائم بين بداية الحملة وبين نهايتها، في سياق هذا المس، إذ تبين أن 80 في المائة من القتلى الذين لم يشاركوا في الاقتتال قضوا في الأيام الأربعة الأخيرة للحملة.

ويتضح من خلال استقصاء «بتسيلم» مقتل 167 فلسطينيا أثناء الهجوم بنيران الجيش الإسرائيلي، 62 شخصا منهم شاركوا في الاقتتال و7 آخرون كانوا مستهدفين للاغتيال، وأن 87 منهم لم يشاركوا في الاقتتال. أما بخصوص الـ11 المتبقين فلم تنجح «بتسيلم» بحسم ما إذا كانوا قد شاركوا في الاقتتال أم لا. كما قتلت فلسطينية أخرى جراء إصابتها بصاروخ فلسطيني. وقتل 5 فلسطينيون آخرون في حادثتين تثيران الشك بأن الإصابة نجمت عن صاروخ فلسطيني، إلا أن «بتسيلم» لم تنجح في إثبات هذا الشك. كما قتل 7 فلسطينيون آخرون بالرصاص أثناء الحملة بأيدي فلسطينيين، 6 منهم أدانتهم حكومة حماس بالتعاون مع إسرائيل، بينما لم تنته بعد محاكمة السابع بتهمة التعاون. واحتجز جميعهم حتى لحظة قتلهم في السجن.

وأكد التقرير أن ثلث القتلى الفلسطينيين كانوا من الأطفال ما دون 18 عاما، وأن عددهم الإجمالي بلغ 31 ضحية، بينهم 6 إناث و14 ذكرا تقل أعمارهم عن 12 عاما، و9 ذكور وأنثيان اثنتان في جيل 12 – 18 عاما.

وقال التقرير إن أربعة مدنيين إسرائيليين قتلوا جراء إطلاق النار من قطاع غزة، ثلاثة منهم بإصابة مباشرة لصاروخ «غراد» في كريات ملاخي، والرابع مدني قتل جراء إصابته بقنبلة «هاون». كما قتل اثنان من أفراد قوات الأمن الإسرائيلية جراء إصابتهما بقنبلة «هاون».

ويشير تحليل المعطيات حين تقسيمها وفق أيام الهجوم، إلى فارق كبير في حجم المس بالفلسطينيين الذين لم يشاركوا في الاقتتال، بين الأيام الأربعة الأولى للحملة، والأيام الأربعة الأخيرة، ففي الأيام الأربعة الأولى قتل في المجمل 48 فلسطينيا، بينما قتل في الأيام الأربعة الأخيرة 119 فلسطينيا، أي نحو ضعفين ونصف الضعف.

وشدد متحدثون رسميون، أثناء الهجوم وبعده، على أن المس بالمدنيين أثناءه كان مقلصا بشكل كبير عما كان عليه أثناء حرب «الرصاص المصبوب». صحيح أنه تقرر في هجوم «عمود السحاب» سياسة مقيدة لإطلاق النار، فكان إطلاق النار مقلصا ومركزا حسب قولهم، خصوصا في الأيام الأربعة الأولى، ومع ذلك، فإن المس غير المسبوق بالمدنيين أثناء حرب «الرصاص المصبوب» لا يمكن أن يكون مقياسا أو معيارا لفحص مسألة ما إذا كان الجيش قد تصرف بشكل قانوني أثناء الهجوم الأخير.

ويشير تقرير «بتسيلم» إلى اشتباه بأن الجيش نشط خلافا لقوانين الحرب، وخصوصا من خلال بعدين اثنين أساسيين: غياب إنذار فعال قبل الهجوم، وتوسيع تعريف الهدف الشرعي للهجوم، بصورة غير لائقة. ويشمل التقرير أيضا تحليلا لتسع حالات قتل وأصيب بها مدنيون في الهجمات العسكرية، في حين تثير هذه الحالات مثل هذا الاشتباه. وبررت جهات رسمية قسما من المس بالمدنيين بسلوك المجموعات الفلسطينية المسلحة، التي كانت تطلق النار باتجاه إسرائيل من أماكن مجاورة لبيوت السكان، ودفنوا مواد تفجيرية في داخل البيوت، وغيرها. إلا أن سلوكيات التنظيمات الفلسطينية، التي تشكل انتهاكا لقوانين الحرب، لا يمكن أن تبرر خرق هذه القوانين على يد الجيش الإسرائيلي، حتى في عدم غياب أي شك في أنها تصعب من أدائه.

ويتضح من تصريحات جهات عسكرية أن القدرات التقنية القائمة تمكن من الإصابة بشكل دقيق وتسمح بالحصول على معلومات موثوقة تتعلق بوجود المدنيين، وعليه يجب توفير تفسير للارتفاع الكبير (4 أضعاف) في عدد القتلى الفلسطينيين الذين لم يشاركوا في الاقتتال في أيام الحملة الأخيرة.