موسكو ولندن تتفقان على ضرورة تشكيل حكومة سورية انتقالية

أردوغان يؤكد استخدام الأسد للكيماوي وتجاوزه لـ«الخط الأحمر»

ديفيد كاميرون وفلاديمير بوتين أثناء المؤتمر الصحافي في سوشي (جنوب روسيا) أمس (إ.ب.أ)
TT

قال رئيس الوزراء البريطاني ديفيد كاميرون، بعد اجتماعه بالرئيس الروسي فلاديمير بوتين، في منتجع سوشي بجنوب روسيا، إنهما اتفقا على العمل معا من أجل الدفع باتجاه تشكيل حكومة انتقالية في سوريا.

وتأتي زيارة كاميرون لروسيا بعد ثلاثة أيام على زيارة لوزير الخارجية الأميركي جون كيري التقى خلالها بوتين ووزير خارجيته سيرغي لافروف، في زيارة وصفت بأنها «ردم لهوة تباعد الرؤى بين موسكو وواشنطن»، وأفضت إلى اتفاق على السعي للتوصل إلى تسوية سياسية للنزاع المستمر منذ أكثر من سنتين في سوريا، الذي أوقع ما يزيد على 80 ألف قتيل بحسب الأمم المتحدة.

وسيلتقي رئيس الوزراء البريطاني الاثنين المقبل الرئيس الأميركي باراك أوباما في البيت الأبيض.

وفي ختام محادثاته مع كاميرون، أعلن بوتين أنه بحث مع ضيفه «خيارات ممكنة» لحل الأزمة، مشيرا إلى أنه و«بمبادرة من رئيس الوزراء ناقشنا خيارات ممكنة لإحراز تطور إيجابي في الوضع (في سوريا) وإجراءات ملموسة بهذا الخصوص».

وأضاف الرئيس الروسي: «لدينا مصلحة مشتركة في إنهاء العنف سريعا وإطلاق عملية الحل السلمي والحفاظ على وحدة أراضي سوريا كدولة ذات سيادة». من جانبه، قال كاميرون إنه رغم الاختلاف في وجهات النظر بين بلاده وروسيا حيال حل الأزمة في سوريا، فالبلدان يسعيان إلى الهدف نفسه، أي وقف النزاع والقضاء على التطرف في البلاد. كما رحب باقتراح تنظيم مؤتمر دولي للتوصل إلى حل سياسي يتماشى مع اتفاق أبرم في جنيف في 30 يونيو (حزيران) 2012 بين القوى الكبرى.

كما رحبت إيران بالمؤتمر أيضا؛ إذ قال نائب الرئيس الإيراني محمد جواد محمدي زاده من جنيف أمس، إن بلاده ترحب بالاقتراح الأميركي - الروسي بعقد مؤتمر دولي يستهدف إنهاء الصراع في سوريا، وتأمل أن يعقد في جنيف. وأضاف محمدي زاده أن طهران «سيسعدها كثيرا ويسرها أن تساعد بأي طريقة ممكنة في هذا الشأن، ونتوقع أن نكون جزءا من العملية لاستعادة السلام وسبل معيشة أفضل للشعب السوري».

إلى ذلك, طالب رئيس الوزراء التركي رجب طيب أردوغان أميركا بـ«تحمل مزيد من المسؤولية واتخاذ مزيد من الخطوات» في النزاع السوري، مضيفا أنه يعتزم إجراء محادثات حول ذلك خلال لقائه بأوباما الأسبوع المقبل. وكشف أردوغان عن «معلومات» حملتها الاستخبارات التركية تؤكد أن النظام السوري استعمل أسلحة كيماوية ضد معارضين ومدنيين سوريين.

وكشف مصدر رسمي تركي أن وزارة الخارجية التركية تعد تقريرا موثقا يحمله معه وزير الخارجية أحمد داود أوغلو الذي سيرافق رئيس الوزراء رجب طيب أردوغان إلى الولايات المتحدة، حول استعمال السلاح الكيماوي في سوريا، وقال المصدر لـ«الشرق الأوسط» إن هناك معلومات جمعتها السلطات التركية من استخباراتها، ومن شهادات أدلى بها مصابون سوريون عولجوا في المستشفيات التركية، بالإضافة إلى شهادات من مقاتلين حول استعمال النظام لأسلحة كيماوية.

وأكد المصدر أن الملف يتضمن أيضا نتائج تحاليل عينات من دماء مصابين عولجوا في تركيا، بالإضافة إلى عينات تربة جمعها معارضون سوريون من المناطق المشكوك بإصابتها بالأسلحة الكيماوية. وقال المصدر إن النتائج التي خلصت إليها التقارير تفيد بأن النظام استخدم أنواعا معينة من الأسلحة المحرمة دوليا، من بينها قنابل عنقودية وأنواع من الأسلحة الكيماوية المحدودة التأثير، رافضا الكشف عن تفاصيل محددة بهذا الشأن.

وتحدثت مصادر تركية عن وجود 12 مصابا سوريا في تركيا «تأكدت إصابتهم بأعراض غير تقليدية»، ملمحة إلى تعرض المصابين الذين يخضعون للعلاج في تركيا لإصابة بأسلحة كيماوية. وقالت وكالة «الأناضول» التركية للأنباء إن تركيا أرسلت فريقا من ثمانية خبراء إلى الحدود مع سوريا لفحص الجرحى الذين جاءوا من الحرب الأهلية بحثا عن آثار لأسلحة كيماوية أو بيولوجية.

وتحدث أردوغان ليل أول من أمس لشبكة «إن بي سي نيوز» الأميركية تمهيدا لزيارته للعاصمة الأميركية، حيث أكد قوله إن قوات الرئيس السوري بشار الأسد أطلقت صواريخ تحمل أسلحة كيماوية على خصومه متجاوزة بذلك الخط الأحمر الذي حدده الرئيس الأميركي باراك أوباما «منذ فترة طويلة». وقال أردوغان: «من الواضح أن النظام استخدم أسلحة كيماوية وصواريخ. استخدموا نحو 200 صاروخ وفقا لأجهزة مخابراتنا». وقال أردوغان حين سئل عن الأدلة التي لدى تركيا: «توجد صواريخ بأحجام مختلفة. وتوجد وفيات نجمت عن هذه الصواريخ. وتوجد حروق كما تعلمون.. حروق خطيرة وتفاعلات كيماوية». وأضاف: «يوجد مرضى تم إحضارهم إلى مستشفياتنا أصيبوا بهذه الأسلحة الكيماوية»، وأعلن أن تركيا ستطلع مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة على معلومات المخابرات في هذا الشأن.

وكانت السلطات التركية أعلنت أول من أمس أنها كثفت فحوص الأسلحة الكيماوية التي تجريها على مصابي الصراع في سوريا الذين يصلون إلى بلاده لضمان محاسبة مرتكبي مثل هذه الهجمات. وأكدت أنقرة أنها بدأت في الأسبوع الماضي فحص عينات دماء من مصابين سوريين نقلوا عبر الحدود للعلاج لتحديد ما إذا كانوا ضحايا هجوم بأسلحة كيماوية. وقالت بعض الصحف إن معهد الطب الشرعي الذي يجري فحوصا لعينات الدم عثر على آثار الريسين، وهو مادة شديدة السمية يمكن استخدامها في الحرب الكيماوية، لكن داود أوغلو قال إن من السابق لأوانه استخلاص نتائج.

وفي سياق آخر، أعلن لافروف من وارسو أمس أن بلاده ماضية قدما في تسليم صواريخها للدفاع الجوي إلى سوريا. وأضاف وزير الخارجية الروسي أن سلاح «إس - 300» هو «سلاح دفاعي حتى تتمكن سوريا من الدفاع عن نفسها ضد الغارات الجوية»، لكن رون بن يشاي، الناطق الأسبق بلسان الجيش الإسرائيلي، قال إن مخاوف روسيا من احتمالية تزويد المجتمع الدولي المعارضة السورية المسلحة الساعية لإسقاط نظام الأسد بأسلحة نوعية، دفعتها لإخراج «ورق ضغط»، متمثلة بتفعيل صفقة سلاح قديمة مع نظام الأسد، وذلك بغية مساومة الولايات المتحدة والقوى الغربية لناحية تسليح المعارضة السورية.

ووفقا لتقديرات بن يشاي فإن مخاوف روسيا من تدخل عسكري أميركي أو غربي وشيك على سوريا دفعها إلى سحب إحدى «أوراق الضغط الفعالة» لديها، وهي تفعيل الصفقة التي أبرمتها مع دمشق عام 2010 والقاضية بتسليم دمشق منظومة دفاعية من بطاريات صواريخ «إس - 300» التي يصل مداها إلى مائتي كيلومتر، مما سيصعب عمل أي قوات جوية أجنبية تعتزم شل القدرات العسكرية لنظام الأسد.