منصب الرئيس طالباني بين العواطف ونصوص الدستور

الصحافة التركية تشير إلى وفاته ومصدر قيادي بحزبه يؤكد عودته خلال أسبوع

الرئيس العراقي جلال طالباني («الشرق الأوسط»)
TT

تضاربت الأنباء مجددا حول صحة الرئيس العراقي جلال طالباني، بين تأكيد موته إكلينيكيا، وتحسن صحته إلى درجة قد يتمكن من خلالها من العودة إلى كردستان.

وفي خضم هذا الجدل، تبرز المسألة القانونية المتعلقة بشغور منصب رئيس جمهورية العراق لفترة تجاوزت حدها الدستوري. فالمادة «72» من دستور العراق تنص في الفقرة «ج» على أنه «في حالة خلو منصب رئيس الجمهورية لأي سببٍ من الأسباب، يتم انتخاب رئيسٍ جديد لإكمال المدة المتبقية لولاية رئيس الجمهورية». بينما تؤكد الفقرة الثالثة من المادة «75» أنه «يحل نائب رئيس الجمهورية محل رئيس الجمهورية عند خلو منصبه لأي سبب كان، وعلى مجلس النواب انتخاب رئيس جديد، خلال مدة لا تتجاوز 30 يوما من تاريخ الخلو».

ولكن يبدو أن مسألة العواطف الشخصية تلعب دورها لحد الآن في عدم التفكير ولو مجرد التفكير بملء منصبه الشاغر بشخص آخر، على الرغم من أن هذا المنصب هو من حصة الأكراد، والقيادة الكردية متمثلة بالحزبين الرئيسين؛ الديمقراطي الكردستاني بزعامة رئيس الإقليم مسعود بارزاني، والاتحاد الوطني بزعامة طالباني، لم تتجرأ إلى الآن على الحديث عن شغل هذا المنصب انتظارا لتطورات الوضع الصحي للرئيس طالباني الراقد حاليا في أحد المستشفيات الألمانية.

وفي ظل شحة التقارير وامتناع الطاقم الطبي المشرف على علاج الرئيس، وكذلك طبيبه الخاص الدكتور نجم الدين كريم، عن التصريح بمزيد من التفاصيل عن وضعه الصحي، فتحت الأجواء مجددا أمام تكهنات وتصريحات متناقضة حول التطورات الصحية للرئيس طالباني. فقد أشارت الصحف التركية، نقلا عن مصادر محلية إلى وفاة طالباني، لكن طبيبه الخاص الدكتور كريم أكد في تصريح رسمي يوم أمس أن «الرئيس بصحة جيدة»، مؤكدا في تصريح نشره الموقع الإعلامي لحزب الاتحاد الوطني الذي يقوده طالباني أن «ما تناقلته بعض وسائل الإعلام بشأن صحة الرئيس طالباني عار عن الصحة، ولا أساس له»، مؤكدا أن صحته جيدة وفي تحسن مستمر يوما بعد يوم.

ودعا كريم وسائل الإعلام إلى توخي الدقة عند نشر الأخبار والتأكد من صحتها، لأن ذلك يخالف المعايير والأصول المهنية.

وأضاف: «مرة أخرى أحب أن أطمئن الشعب الكردي والجميع بأن صحة الرئيس طالباني جيدة جدا ومستقرة، وسأتوجه قريبا إلى ألمانيا، وسأزور فخامة الرئيس طالباني، ومن هناك سأعلن عن خبر سار للجميع».

ودعا الدكتور نجم الدين إلى عدم تصديق ما ينشر عن صحة الرئيس طالباني من أي جهة أو شخص، ما عدا ما يصدر عن الفريق الطبي، مشيرا إلى أنه هو المخول فقط بالتصريح عن صحة الرئيس طالباني.

وبحسب قيادي في حزبه، أكد لـ«الشرق الأوسط» مشترطا عدم ذكر اسمه أن «تصريحات الدكتور كريم مطمئنة، وأنه سيذهب إلى ألمانيا في غضون الأيام القليلة المقبلة»، وبحسب ما أعلنه، فإن صحة الرئيس طالباني جيدة جدا، وعندما أعلن أنه سيزف بشرى سارة لشعبه أثناء وجوده في ألمانيا، فمن المحتمل أن يعود مع طالباني إلى كردستان في غضون الأسبوع المقبل يرافقهما فريق طبي ألماني للإشراف على فترة النقاهة التي سيدخل بها الرئيس مع عودته إلى كردستان، وأضاف: «إن الصورة ستتضح تماما خلال الأسبوع المقبل، وسيوضع حد للتكهنات وتضارب الأنباء حول صحة الرئيس».

وفي ظل الغياب الطويل (5 أشهر) للرئيس طالباني عن منصبه الرسمي كرئيس للجمهورية، أثيرت أيضا مسألة بديله في الرئاسة، وهي المسألة التي ما زالت العواطف تتغلب عليها إلى الآن، في حين أن هناك نصوصا دستورية عالجت مثل هذه الحالات، وهناك مدة محددة لشغور المنصب حسب الدستور، ويفترض أن يتم ملء المنصب بعد الغياب الطويل للرئيس، لكن خبيرا قانونيا هو عضو بمجلس النواب العراقي أكد لـ«الشرق الأوسط»، طالبا بدوره عدم الكشف عن اسمه لحساسية الموضوع: «صحيح هناك مدة محددة في المادتين 72 و75 من الدستور، ولكن أيا من المادتين لم تحدد أسباب الخلو، فالنص الدستوري يؤكد على ضرورة ملء المنصب خلال 30 يوما من خلوه، ولكنه لم يحدد أسباب الخلو؛ هل بسبب المرض أو الاستقالة أو الوفاة أو بصدور حكم قضائي يمنع الرئيس من ممارسة مهامه الرئاسية، ولذلك فإن الرئيس طالباني مريض حاليا، وهو مثل جميع الأشخاص معرض للمرض لفترة قصرت أم طالت، ولكن من المحتمل أن يستعيد كامل عافيته، ولذلك لا يجوز ملء منصبه وهو ما زال على قيد الحياة»، وأضاف: «في حالة واحدة يمكن الحديث عن ملء منصبه؛ إذا تقدم هو بنفسه بالاستقالة، أو تأكد عجزه عن ممارسة مهامه بتقرير طبي مصادق عليه».

ويشير القيادي بحزب طالباني إلى أن «هذا الوضع يعتبر مريحا لكتلة دولة القانون التي أصبحت السلطات التنفيذية برمتها بيدها، خاصة مجلس الوزراء الذي يديره نوري المالكي، ورئاسة الجمهورية التي أصبحت تدار من قبل خضير الخزاعي».