العثور على ناجية بعد 17 يوماً تحت الأنقاض في بنغلاديش

مسعفون: كنا نزيل الركام وسمعنا فجأة نداء «أرجوكم خلصوني.. أرجوكم»

عناصر الإنقاذ أثناء انتشالهم المرأة رشمة قرب دكا أمس بعد بقائها 17 يوما تحت الأنقاض (أ.ف.ب)
TT

انتشل المسعفون أمس ناجية من بين أنقاض المبنى الذي انهار قرب العاصمة البنغلاديشية دكا قبل أكثر من أسبوعين، في حدث مذهل أنجزه هؤلاء بعد سماعهم نداءات الاستغاثة التي أطلقتها المرأة بعد أيام عدة لم يسحبوا فيها إلا جثثا.

وبعد ساعات على إعلان الحصيلة المأساوية بسقوط أكثر من ألف قتيل معظمهم من عمال النسيج في كارثة انهيار مبنى «رنا بلازا»، تمت تغطية عمليات الإنقاذ على شاشات التلفزيون المحلية بشكل مباشر وتجمعت أعداد كبيرة من الناس في المكان، في حين دعا خطباء صلاة الجمعة في البلاد أمس بتحسن الوضع الصحي لهذه المرأة. وعقب عملية الإنقاذ تم نقل الناجية إلى سيارة إسعاف قريبة. وقد نجحت المرأة بإرسال بسمة خجولة إلى الحضور الذين بدا عليهم تأثر شديد. وقال مسؤول فرق الإنقاذ أحمد علي إن الناجية رشمة كانت عالقة في فجوة بين عمود وقوس بناء. وأضاف أنه تم تحديد مكانها بسبب ندائها المتكرر بعد 17 يوما من أعمال الإنقاذ. وتابع أحمد علي «ربما كان لديها احتياطي من الماء، أو شربت من المياه التي تم ضخها في الأنقاض».

من جانبه، أشار ضابط في الجيش شارك في عملية الإنقاذ إلى أن المرأة الناجية تم العثور عليها واقفة بين الأنقاض. وقال لقناة «سوموي» الإخبارية: «رأينا بداية أنبوبا يتحرك. قمنا بسحب ركام. لقد وجدناها واقفة. أعطيناها غذاء وقمنا بطمأنتها على نجاتها. لقد أمضينا 45 دقيقة في إنقاذها. قمنا بإخراجها مستخدمين مطارق صغيرة ومناشير وحفارات».

وقال أحد المسعفين، من دون أن يذكر اسمه، لقناة «سوموي»: «أثناء قيامنا بإزالة الركام، نادينا بأعلى صوتنا علنا نجد ناجين. عندها أتانا صوتها قائلا: أرجوكم خلصوني، أرجوكم». كما أفاد مسعف آخر بأن هذه الناجية نجحت في الحصول على الغذاء خلال 15 يوما لكن مخزون الطعام استنفد قبل يومين. وأضاف الرجل العامل ضمن فريق الإنقاذ: «لقد قالت إنها لم تأكل منذ يومين. لقد قالت إنها كانت تأكل البسكويت وإنها وجدت مكانا آمنا وبعض الهواء والنور».

وأكد مستشار لرئيسة الوزراء شيخ حصينة أن المرأة الناجية ستتم معالجتها في مستشفى عسكري قريب. وقال المستشار محبوب الحق شكيل إن «رئيسة الوزراء أكدت أننا أمام حدث غير مسبوق. إنها تتابع الوضع ووجهت تهنئة للمسعفين».

ويعتبر إنقاذ هذه المرأة من أكثر الأحداث المذهلة خلال الأيام الماضية لكن فترة الـ17 يوما التي قضتها المرأة الناجية تحت الأنقاض ليست الأطول بعد الكوارث.. ففي 12 ديسمبر (كانون الأول) 2005، عثر على امرأة تبلغ 40 عاما بين أنقاض منزلها في إقليم كشمير الباكستاني بعد شهرين على زلزال.

وكانت حصيلة أسوأ حادث صناعي في بنغلاديش ارتفعت إلى أكثر من ألف قتيل بعد العثور على عشرات الجثث تحت أنقاض سلم مبنى مشاغل الحياكة المنهار بالقرب من دكا الشهر الماضي، والذي لجأ إليه العمال على الأرجح للهرب أو الاحتماء. وقال الضابط في الجيش صديق العالم سكدر الذي يشرف على عمليات الإنقاذ، أمس، إن الحصيلة ارتفعت إلى 1041 قتيلا بعد العثور على عشرات الجثث خلال ليل الخميس/ الجمعة في المبنى الذي كان يضم تسعة طوابق. وبلغ العديد من الجثث درجة من التحلل لم يبق معه منها سوى الهيكل العظمي بعد 17 يوما من المأساة، في حين تفوح من المكان رائحة كريهة يضطر معها عمال الإنقاذ إلى ارتداء أقنعة واقية واستخدام مزيلات الرائحة. وقال صديق العالم إن ذلك يعني أن هناك المزيد من الجثث تحت الأنقاض. وأضاف: «عثرنا على عدد كبير من الجثث في باب السلم وتحت السلالم. عندما بدأ المبنى ينهار، أسرع العمال إلى السلام للهرب أو ظنا منهم أنها ستحميهم». وتابع: «كلما أزحنا طبقة من الإسمنت، وجدنا تحتها كومة من الجثث».

وكان في المبنى أكثر من ثلاثة آلاف عامل خلال انهياره الذي حدث في خمس دقائق. وكان هؤلاء يعملون بأقل من 30 يورو في الشهر في صنع الألبسة لماركات عالمية مثل البريطانية «برايمارك» والإسبانية «مانغو» والإيطالية «بنيتون». وتم التعرف على بعض الجثث من الهاتف الجوال في جيب صاحبها أو بطاقة العمل حول رقبتهم. وقالت السلطات إنه تم انتشال 2437 شخصا أحياء من بين الأنقاض ومن بينهم ألف أصيبوا بجروح خطيرة، وبعضهم تم بتر أطرافهم لإخراجهم.

وتوصل تحقيق أولي إلى أن ارتجاجات ناجمة عن مولدات كهربائية ضخمة على سطح المبنى أدت إلى انهيار المبنى الذي ظهرت فيه تصدعات قبل يوم من الكارثة. وقال مهندس مبنى «رنا بلازا» إنه صمم ليضم مكاتب تجارية وليس مصانع وآلات ثقيلة، كما تمت إضافة طوابق إليه.

وأوقفت الشرطة 12 شخصا بينهم مالك المبنى وأربعة من أصحاب المشاغل لأنهم أرغموا العمال على العمل رغم التصدعات في الجدران التي لوحظت قبل يوم من انهياره. وسلطت هذه الكارثة الأضواء على «مصانع البؤس» في قطاع النسيج الذي يعد ركيزة الاقتصاد في بنغلاديش حيث يعمل العمال بأجر زهيد وفي ظروف بائسة. وتعد بنغلاديش ثاني بلد مصدر للنسيج في العالم بعد الصين. وتمثل هذه الصناعة أكثر من 40 في المائة من اليد العاملة في هذا البلد و80 في المائة من صادراتها. وتدر هذه الصناعة 20 مليار دولار سنويا على البلاد.