صينيون يمطرون أوباما بالتماسات لحل مشكلات داخلية في بلادهم

آلاف التوقيعات لقضايا تجمع بين الجدية والطرافة وغالبيتها تعكس الإحباط من حكومة بكين

بائعة ترتب حلوى التوفي في محلها بسوق في مدينة هوايبي بمقاطعة انهوي. وتشير التماسات قدمت لموقع البيت الأبيض إلى أن كثيرا من الصينيين يريدون حل تظلمات تخص هذه الحلوى (رويترز)
TT

يريد بعض الصينيين من الرئيس الأميركي باراك أوباما، التدخل لوقف بناء مصفاة لتكرير النفط في منطقة بجنوب بلادهم، وآخرون يريدون منه تأييد حلوى التوفي، وإعادة فتح تحقيق جنائي عمره 18 عاما يخص قضية تسمم. وتصل بعض المطالب لدرجة الطلب من الرئيس الأميركي، إذا لم يكن يمانع، تحريك القوات الأميركية لتحرير هونغ كونغ.

وفي تحول غريب ومحرج دبلوماسيا، أمطر مواطنون صينيون موقع البيت الأبيض على الإنترنت، على مدى الأسبوع بالتماسات رسمية، الكثير منها موجه ضد حكومة بلادهم. تبدو بعض الالتماسات جادة والأخرى تافهة ومضحكة، وبعضها يجمع بين الجد والطرافة.

وبينما بلغ عدد التوقيعات أكثر من 70 ألفا في مختلف الالتماسات المقدمة بحلول مساء الخميس، فإن بعض تلك الالتماسات قدم من دون شك من باب الدعابة، لكن مستخدمي الإنترنت بالصين يقولون إن تلك العرائض تعكس الشعور الصادق لدى الناس بالإحباط مع نوع القمع الذي يمارسه الحكم في بلادهم.

وعلى الرغم من حظر التعليقات التي تنتقد الحكومة على منتديات الإنترنت في الصين، فإن عاصمة كل مقاطعة تضم مكتبا لقبول الالتماسات، ويسافر الآلاف من المواطنين الصينيين إلى بكين سنويا من أجل الإبلاغ عن مخالفات المسؤولين المحليين لـ«مكتب الدولة الخاص بالرسائل والزيارات»، وهو مكتب رفيع المستوي. إلا أن المعترضين غالبا ما يكونون بلطجية جرى تحريكهم أصلا من قبل نفس أولئك المسؤولين المحليين. يجري احتجاز المعترضين في «مواقع سوداء»، وفي بعض الأحيان يتعرضون للضرب، ثم يعادون إلى مقاطعاتهم الأصلية، وهي ممارسة موثقة وتعد بحد ذاتها موضع انتقاد من قبل المنظمات المدافعة عن حقوق الإنسان.

لذا، عندما تعرض موقع قبول الالتماسات التابع للبيت الأبيض إلى عملية قرصنة تنقله إلى الموقع الموازي لتوتير في الصين، وجد بعض أولئك المحبطين الصينيين ضالتهم بشكل مفاجئ. تتعلق الحالة التي أطلقت الشرارة، باعتداء لم تفسر تداعياته منذ نحو عقدين من الزمن، طال طالبة جامعية تدعى تشو لينغ. في عام 1995، باتت تشو مصابة بإعاقة شديدة نتيجة تسمم بمادة الثاليوم السامة. كانت رفيقتها في غرفة السكن، سان ووي، التي تملك فرصة الوصول إلى مادة الثاليوم في الجامعة، قد اعتبرت مشتبها بها في القضية. لكن ما حدث هو أن هذه المرأة، كانت حفيدة لمسؤول رفيع المستوى يعتقد أن لديه علاقات وثيقة مع رئيس الدولة آنذاك جيانغ زيمين. لم يتم توجيه أي تهمة، واختفت سان ووي عن الأنظار.

وتجدد الحديث عن هذه القضية التي طال عليها الزمن، الشهر الماضي، بعدما تعرض طالب آخر لتسمم في حالة منفصلة. وتحولت التعليقات إلى شيء من المرارة مع تذكر المدونين لحالة سان، مستشهدين بها كمثال على شخصية غنية ذات صلات جيدة يمكن أن تنجو حتى لو ارتكبت جرائم عنف. وتبدو مثل هذه الشخصيات هدفا مثاليا لحالات الاستياء هذه الأيام في الصين.

بدأت الحكومة بفرض الرقابة على اسم تشو على الإنترنت، ما دفع شخصا أو جهة ما لتقديم التماس إلى البيت الأبيض يطلب ترحيل سان من الولايات المتحدة، حيث يعتقد الكثير من المدونين أن المرأة المعنية تعيش هناك.

وبعد ذلك بقليل، لجأ سكان بمدينة كونمينغ الجنوبية كانوا منعوا من تنظيم اعتراض على الإنترنت ضد مصنع للمواد الكيميائية، إلى نفس التكتيك. وحث آخرون على إحياء ذكرى الذين قتلوا في الاحتجاجات الطلابية في ساحة تيانانمن في عام 1989، وهو أحد المواضيع التي تخضع للرقابة الشديدة في الصين.

وتزامنا مع مطالبة بعض الملتمسين، أول من أمس، الولايات المتحدة بفرض حظر على الفطائر المقلية الصينية، أرسل مدونون آخرون تغريدات تفيد بأن البيت الأبيض قد يبدأ بتصفية شكاويهم، كما ظلت الحكومة الصينية تفعل معهم لفترة طويلة.

وعلق مدون صيني تم تعليق مدونته الأربعاء بقوله إن «الصينيين حبسوا أصواتهم لمدة طويلة». وأضاف المدون: «لو كان لدينا فقط مزيد من الفرص للتعبير عن النفس فإننا سنصبح تدريجيا أكثر وأكثر نضجا».

ويقول مسؤولون في البيت الأبيض إن عدد الالتماسات المقبلة من الصين يمثل نسبة صغيرة جدا من أكثر من 200 ألف التماس تم إرسالها حتى الآن. ولا توجد دلائل على أن الحكومة الصينية تحد من وصول الالتماسات من داخل الصين إلى الموقع الإنترنتي.

ويتعهد البيت الأبيض بالرد على أي عريضة تجمع أكثر من 100 ألف توقيع في غضون 30 يوما، وهو رقم قد تم تجاوزه كثيرا عدد الموقعين على الالتماس الخاص بحالة تشو. لكن البيت الأبيض قد يجد حرجا دبلوماسيا في كيفية التصرف الآن. ولم يرد مسؤولو وزارة الخارجية الأميركية التعليق.

* خدمة «واشنطن بوست» خاص بـ«الشرق الأوسط»