السفير الأميركي في دمشق يزور الشمال «المحرر» ويلتقي بضباط «الحر»

المعارضة اعتبرت الخطوة اعترافا بسلطتها

TT

في تطور لافت على صعيد التعاطي الأميركي مع الملف السوري، قام السفير الأميركي في دمشق روبرت فورد بزيارة سرية إلى شمال حلب التقى خلالها رئيس المجلس العسكري للجيش السوري الحر العقيد عبد الجبار العكيدي، مسلما إياه شحنة من المساعدات غير العسكرية. وأكد العكيدي لـ«الشرق الأوسط» أنه التقى السفير الأميركي أول من أمس عند معبر باب السلامة الحدودي مع تركيا حيث تسلم منه مساعدات ذات طابع إنساني، مشيرا إلى أن «الجيش الحر اصطحب السفير في جولة على أحد المعابر الحدودية لرؤية علم الاستقلال والثورة يرفرف فوقه»، لافتا أن «معظم الأحاديث مع الدبلوماسي الأميركي دارت حول إمكانية تقديم الإدارة الأميركية معونات عسكرية للمعارضة كي تحدث تحولا ميدانيا ضد نظام بشار الأسد».

وتنظر المعارضة السورية إلى المنطقة التي دخلها السفير الأميركي كـ«أراض محررة» تخضع لسلطتها، الأمر الذي يدفع نجيب الغضبان سفير الائتلاف المعارض لقوى الثورة والمعارضة السورية في أميركا إلى اعتبار الزيارة «بمثابة اعتراف من قبل الإدارة الأميركية بالقوى المعارضة على الأرض لأنها الجهة التي تدير هذه المناطق والبديلة عن نظام بشار الأسد»، وقال الغضبان لـ«الشرق الأوسط» إن زيارة فورد تمت بالتنسيق مع مكتب الائتلاف المعارض في أميركا، مشيرا إلى أن «دخول فورد إلى سوريا يأتي في سياق التزام أكبر بدأت تبديه الإدارة الأميركية حيال المسألة السورية من أجل زيادة الدعم الإغاثي والسياسي في ظل النقاش عن إمكانية تقديم دعم عسكري». وكشف عن «ضغوط كبيرة داخل الكونغرس تطالب بتسليح المعارضة السورية لا سيما بعد ارتفاع وتيرة المجازر التي يرتكبها نظام الرئيس بشار الأسد بحق المدنيين السوريين».

وأكد العكيدي أن «فورد نقل للمعارضة أن نقاشا جديا يدور داخل دوائر القرار الأميركي لتحقيق هذه الغاية»، لكنه رفض الإفصاح عن طبيعة المساعدات التي تسلمها من السفير الأميركي.

وتعتبر هذه هي الزيارة الأولى التي يقوم بها فورد منذ مغادرته دمشق أواخر 2011 بسبب الضغوط التي تعرض لها من قبل السلطات الرسمية، إذ أغضب فورد السلطات السورية لأنه زار مرارا مدنا شملتها حركة الاحتجاج وأعمال القمع كحماه وداريا، والتقى فيها متظاهرين، فاتهمته بالمشاركة بتأجيج العنف في البلاد. وإثر ذلك، قيدت دمشق بشكل رسمي تحركات السفراء الغربيين بمحيط جغرافي لا يتجاوز 25 كيلومترا من مقر عملهم وإقامتهم بدمشق.

وقد هاجم فورد نظام الأسد بشدة في بيان نشره على موقع «فيس بوك»، في بداية الثورة السورية، مقللا من قيمة الذرائع التي تسوقها السلطات لقمع المتظاهرين حينئذ، مما دفع موالين للنظام إلى التجمع أمام مكتب المعارض السوري حسن عبد العظيم، المنسق العام لهيئة التنسيق الوطنية السورية، الذي كان يزوره فورد في دمشق، وألقوا الطماطم والبيض على سيارات السفارة الأميركية.

ووفقا لتقارير إعلامية، اقتصرت المساعدات التي أتى بها فورد على 65 ألف وجبة جاهزة، تأتي كجزء من مساعدات «غير قاتلة» بقيمة 123 مليون دولار ستقدمها الإدارة الأميركية على مراحل للمعارضة السورية. وتتحفظ الولايات المتحدة الأميركية على تقديم السلاح إلى المعارضة السورية المسلحة خوفا من وصولها إلى جماعات جهادية متطرفة.

وشدد الغضبان على أن «الإدارة الأميركية حددت وجهتها بما يخص الموضوع الميداني السوري بالتعامل مع (المجلس العسكري الأعلى) الذي يرأسه اللواء سليم إدريس في إطار دعمها لخط الاعتدال الذي يضمن انتقال سوريا إلى بلد ديمقراطي»، مشيرا إلى أن «المساعدات التي قدمها السفير الأميركي في حلب تأتي في هذا السياق». وبحسب الغضبان فإن «فورد يمسك بالملف السوري في الخارجية الأميركية بسبب خبرته في هذا الشأن، وكان له دور في دعم المعارضة وتحديدا الائتلاف الوطني».

كما وجه فورد أمس رسالة إلى الشعب السوري، بثت عبر مواقع التواصل الاجتماعي، أكد فيها أن موقف الإدارة الأميركية «لم يتغير» من المسألة السورية، وأنها لا تزال مصرة على «تنحي الأسد والتقدم نحو عملية انتقال السلطة». وتوجه فورد بالتعازي لذوي ضحايا المجازر التي «قام بها النظام السوري في بلدة البيضا وقراها».

وتعقيبا على أسئلة يتداولها السوريون حول الموقف الأميركي بعد التقارب الروسي - الأميركي الأخير، قال فورد: «أتكلم بكل صراحة؛ الموقف الأميركي لم يتغير، نحن قبل سنتين أعلنا أن بشار الأسد فقد شرعيته وعليه أن يتنحى ويسير نحو انتقال سياسي»، مكررا جملة: «على الأسد أن يتنحى» 3 مرات.