وثائق مسربة: متقاعدو الجيش يحصلون على 4677 دولارا شهريا

حملة الاحتجاج على السياسات الاقتصادية والاجتماعية تتجدد في إسرائيل

TT

بعد هدوء دام سنتين كاملتين، قررت قيادات اجتماعية ونقابية وسياسية في إسرائيل تجديد حملة الاحتجاج الشعبي على سياسة الحكومة الاقتصادية والاجتماعية، بإطلاق مظاهرات أمام منزل رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو، ووزير المالية الجديد يائير لبيد. ولم تكن وزارة الدفاع الإسرائيلية بمنأى عن النقد، إذ اتهم كبار المسؤولين في وزارة المالية، وبشكل غير مسبوق، قيادة الجيش الإسرائيلي بالتبذير المالي غير المسؤول وبتوفير «الرفاهية الزائدة» للجنود والضباط عند التقاعد.

وتسعى الحكومة الإسرائيلية لخفض عجز بقيمة 20 مليون شيقل، أي ما يعادل 5.6 مليون دولار أميركي، من خلال خطة تقشف تشمل جميع الوزارات، ومنها وزارة الدفاع، لمحاولة خفض ميزانية الجيش بنسبة 4 في المائة. لكن الجيش رفض تقليص ميزانيته، متذرعا بأجواء الحرب التي تلوح في منطقة الشرق الأوسط، مما دفع مسؤولين في وزارة المالية لتسريب جداول رواتب متقاعدي الجيش إلى وسائل الإعلام، لتوضيح حجم الرفاهية التي ينعم بها متقاعدو الجيش الإسرائيلي.

ويتضح من البيانات المسربة حصول المتقاعد من الجيش الإسرائيلي على ما يعادل 2 إلى 3 أضعاف ما يحصل عليه موظفو بقية أجهزة الدولة؛ فوقا لرواتب التقاعد في سنة 2012، يحصل ضابط الجيش المتقاعد (معدل الأعمار في التقاعد بالجيش 46 عاما) على راتب بقيمة 16605 شواقل، أي 4677 دولارا أميركيا في الشهر، ويحصل ضابط المخابرات (معدل تقاعدهم 56 عاما) على 17058 شيقلا، أي ما يعادل 4805 دولارات في الشهر، ويحصل ضابط سلطات السجون والشرطة على 10908 شواقل، 3072 دولارا. أما المعلم، الذي ينهي خدمته بعمر 59 عاما، فإن راتبه التقاعدي لا يزيد عن 5318 شيقلا، 1498 دولارا. وفي حين تحسب رواتب التقاعد لموظفي الدولة بنسبة يبلغ حدها الأقصى 70 في المائة من الراتب الشهري، تحسب للجيش بنسبة 76 في المائة من المعاش.

ويقول النائب عن حزب العمال ايتسيك شمولي في حديث مع «الشرق الأوسط» إنه يعتقد أن يائير لبيد وزير المالية، كشف حقيقته كممثل لأصحاب الرساميل الكبيرة في الدولة، وليس الطبقات والشرائح الوسطى كما يدعي، مضيفا: «لقد فوجئت الساحة الحزبية عندما حصل حزب لبيد (يوجد مستقبل) على هذا العدد الكبير من الأصوات في الانتخابات الأخيرة، وتحول إلى ثاني أكبر الأحزاب. ولكن هذه الأصوات جاءت إليه لأن جمهور حملة الاحتجاج في صيف 2011، كان يرى فيه تعبيرا عن مطلب التغيير؛ تغيير السياسة وتغيير الوجوه في صفوف القيادة».

وأشار شمولي إلى أن السياسية المالية التي يتبعها لبيد ضربت عرض الحائط بما كان يتمنى الناخب الإسرائيلي، مؤكدا أنه «وبقدر وجع الضربة التي تلقاها الجمهور، سيخرج الإسرائيليون إلى الشوارع لكي يطالب مرة أخرى بإسقاط الحكومة والحكام واستبدال بهم قادة توجد في قلوبهم رحمة، وفي عقولهم فهم لحاجات الناس ومعاناتها»، على حد وصفه.

وبالفعل، بدأت المظاهرات الساخطة على الأداء الحكومي بمشاركة عشرات في عدة بلدات، الليلة قبل الماضية، وستتوج بمظاهرة يتوقع أن تكون كبيرة، في تل أبيب، مساء اليوم. وتقول مفجرة حملة الاحتجاجات في صيف 2011، دفني ليف، إنها لا تستبعد الوصول إلى مظاهرة ضخمة على غرار مظاهرة أغسطس (آب) 2011 التي ضمت 400 ألف مواطن، في حال تم «إدارة هذه المعركة كما يجب».

من جانبه، قال ايتسيك الروف، وهو أحد قادة حملة صيف 2011 إن وزير المالية لم يوجه «صفعة» لحملة الاحتجاج، بل غرس «سكينا» في ظهر المتظاهرين الذين صدقوه وصوتوا لهم بمئات ألوفهم.

وتشير استطلاعات الرأي إلى أن 38 في المائة من الناخبين يؤكدون أنهم لن يصوتوا لحزب «يوجد مستقبل» في الانتخابات المقبلة، بينما قال 65 في المائة من العينة إن زعيم الحزب حنث بوعوده. وتأتي هذه التطورات في أعقاب بنود في موازنة الدولة للسنتين المقبلتين، تفرض فيها ضرائب جديدة وتلغى فيها عدة امتيازات للشرائح الفقيرة. ففي الموازنة الجديدة، قرر وزير المالية ورئيس الوزراء سد عجز مالي بقيمة 20 مليون شيقل، أي ما يعادل 5.6 مليون دولار أميركي، من خلال الإجراءات التالية: رفع ضريبة الدخل بنسبة 1.5 في المائة، ورفع نسبة ضريبة القيمة المضافة من 17 في المائة اليوم إلى 18 في المائة، وتقليص مخصصات تأمين الأولاد بنسبة 22 في المائة لعائلة فيها ولد واحد، حتى 65 في المائة لعائلة فيها 6 أولاد فصاعدا، إضافة إلى إلغاء الإعفاء الضريبي لربات البيوت، بحيث يدفعن ضريبة الصحة والتأمين القومي، ورفع نسبة الجمارك على البضائع باهظة الثمن، وإلغاء نقطة استحقاق في الضريبة لمن يحملون شهادة جامعية، ورفع نسبة ضريبة الشركات 1 في المائة ولتصبح 26 في المائة، وفرض ضرائب على شراء شقة إضافية، وإلغاء الإعفاء من ضريبة القيمة المضافة للسياحة، وتقليص القوى العاملة في سلك خدمات الدولة بنسبة 2 في المائة، وخفض ميزانية التربية والتعليم بمبلغ مليار ونصف المليار شيقل، وخفض ميزانية المواصلات بمبلغ 1.2 مليار شيقل.

وسربت المالية معلومة أخرى تثير الدهشة، وهي أن صندوق التقاعد في إسرائيل يحتوي على 675 مليار شيقل، منها 60 في المائة للعاملين في الجيش والمخابرات، والبقية لكل العاملين في إسرائيل مجتمعين. وتشكل رواتب التقاعد ما قيمته 9 في المائة من ميزانية الجيش. وكل ضابط في الجيش برتبة رائد فما فوق، يصبح مليونيرا، لأن قيمة تعويضاته تكون 1.2 مليون شيقل، 310 آلاف دولار.

ويعتبر مسؤولو المالية هذه المبالغ ضخمة للغاية وتدل، كما قال أحدهم لصحيفة «هآرتس»، أمس، على أن «مصاريف الجيش الباهظة لا تقتصر على الاحتياجات الأمنية، مثل السلاح والتدريبات والذخيرة والبنى التحتية، بل هناك مصاريف كبيرة لا نجد لها وصفا سوى أنها تبذير معدوم المسؤولية ويصل إلى حد الرشوة والفساد».