نتنياهو إلى روسيا لإفشال صفقة تزويد سوريا بـ«إس 300»

فتح باب التطوع لـ«تحرير الجولان»

مقاتلو الجيش الحر يصلحون أسلحتهم في أحد متاجر دير الزور، شرق البلاد (رويترز)
TT

في وقت أعلنت فيه عدة جهات في دمشق أنها ستشكل وحدات قتالية لاستعادة القسم المحتل من الجولان، أعلن الكرملين أمس أن رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو سيقوم قريبا بزيارة إلى روسيا للقاء رئيسها فلاديمير بوتين، وذلك في أوج الجدل الذي تثيره صفقة تسليم صواريخ روسية مرتقبة لسوريا.

وكانت صحيفة «هآرتس» الإسرائيلية ذكرت في وقت سابق أمس أن نتنياهو سيزور موسكو قبل نهاية مايو (أيار) الحالي لبحث مسألة تسليم موسكو لنظام الرئيس بشار الأسد صواريخ من منظومة «إس 300» الدفاعية. وترى الصحيفة أن نتنياهو «نجح في وقت سابق في إقناع الروس بعدم بيع صواريخ هذه المنظومة لإيران، والآن يريد ضمان عدم تزويد سوريا بها».

وكان وزير الخارجية الروسية سيرغي لافروف أكد، أول من أمس، من العاصمة البولندية وارسو، أن بلاده لا تنوي بيع سوريا منظومات دفاعية متطورة غير تلك التي تم التوقيع على اتفاق بشأنها. وقال لافروف إن «روسيا لا تخطط لبيع أسلحة جديدة، فقد سبق أن وقعت على صفقات، وأعطت سوريا أسلحة، وهي تستكمل الآن إرسال عتاد ضد الصواريخ»، مضيفا أن «روسيا ستلتزم بالاتفاقيات التي تم التوقيع عليها، والتي تتضمن منظومات دفاعية جوية».

وكشفت الغارات الإسرائيلية المتكررة على العمق السوري ضعف الدفاعات الجوية السورية، وعدم قدرتها على مواكبة التطور العسكري الإسرائيلي، فقد أغار الطيران الإسرائيلي في 3 مايو الحالي على مخازن أسلحة في ريف دمشق الشمالي، ثم أغار بعد يومين فقط على مركز البحوث والدراسات العلمية في جمرايا بريف دمشق ومستودعات أسلحة تابعة للفرقة الرابعة واللواءين 104 و105، في أعنف هجوم تشنه إسرائيل على سوريا منذ توقف القتال على جبهة الجولان في 31 مايو 1974.

إلى ذلك، أعلنت «الجبهة الشعبية للتغيير والتحرير»، أمس «اتخاذها قرارا بتشكيل (ألوية الجبهة الشعبية) من أجل العمل على تحرير كل الأراضي المغتصبة وفي مقدمتها الجولان السوري المحتل». وجاء في بيان نشرت وكالة الأنباء السورية «سانا» نسخة منه أن «رئاسة الجبهة الشعبية تفتح باب التطوع أمام كل المواطنين السوريين في تشكيلها المقاوم».‏ وأشارت في بيانها إلى أن «رئاسة الجبهة شكلت القيادة العسكرية لتنفيذ هذه المهمة».‏ وتضم الجبهة التي أعلن عن تأسيسها في شهر يوليو (تموز) 2011 أحزابا سياسية تشارك في الحكومة السورية الحالية، ومنها الحزب السوري القومي الاجتماعي (الانتفاضة) والذي يرأسه علي حيدر وزير المصالحة الوطنية، واللجنة الوطنية لوحدة الشيوعيين السوريين ويتولى رئاستها قدري جميل نائب رئيس مجلس الوزراء للشؤون الاقتصادية، إضافة إلى مجموعة من الشخصيات المستقلة.

في موازاة ذلك، قالت «الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين» (القيادة العامة) إنها ستشكل وحدات قتالية لمحاولة استعادة أراض تحتلها إسرائيل خاصة مرتفعات الجولان. وتعتبر هذه الجبهة، وهي منظمة فلسطينية مقرها دمشق يرأسها أحمد جبريل، من أبرز حلفاء نظام الأسد، إذ يقاتل عناصرها إلى جانب القوات النظامية في مخيم اليرموك جنوب العاصمة.

وقالت الجبهة في بيان لها صدر أول من أمس إن قيادتها تعلن أنها ستشكل ألوية تعمل على تحرير كل الأراضي التي تحتلها إسرائيل خاصة مرتفعات الجولان. وأضافت أن «زعماءها فتحوا الباب أمام جميع المواطنين السوريين للتطوع في تشكيلات المقاومة».

ويطرح إعلان جهتين حليفتين للنظام السوري تشكيل ألوية تحارب لتحرير الجولان أسئلة حول جدية هذه الخطوة وتأثيرها على الصراع الدائر في البلاد. وفي هذا الصدد، يؤكد الخبير الاستراتيجي السوري الدكتور سمير التقي أن «هذه التصرفات تندرج في سياق اللعب الإعلامي لتنفيس الضغوط التي نجمت عن الضربات الإسرائيلية التي استهدفت دمشق منذ فترة قصيرة»، مشيرا في اتصال هاتفي لـ«الشرق الأوسط» معه إلى «وجود عبثية في تفكير الرئيس بشار الأسد لأن اللعب في مسألة الصراع العربي الإسرائيلي من دون مسؤولية قد تكون له تداعيات خطيرة لا تقدر القيادة السورية خطورتها، فحرب 67 اندلعت بعد ضرب أنبوب ماء في إحدى المستوطنات الإسرائيلية». ويوضح التقي أن «إعلان منظمات ليست دولاتية حرب تحرير شعبية، فذلك إقرار من قبل النظام بأنه غير قادر على أن يؤدي دورا وطنيا في تحرير الجولان».

وعن كيفية تعامل إسرائيل مع خطوة تشكيل ألوية لمقاومتها في الجولان أشار التقي إلى أنها «ستقابله بسخرية ومن دون اهتمام». وكانت صحيفة «يديعوت أحرونوت» الإسرائيلية قد أشارت في أحد تقاريرها العسكرية إلى أن «الأسد حين يقول إنه يريد تحرير الجولان فإنه على المسؤولين الإسرائيليين أن يستقبلوا ذلك بالسخرية».

وتشهد الدوائر السياسية والعسكرية الإسرائيلية انقساما حادا حيال الموقف تجاه ما يجري في سوريا؛ فهناك من يتمسك بالأسد باعتبار أن البديل الذي سيخلفه سيكون الأسوأ، وهناك من يرى ضرورة التخلص منه باعتباره جزءا من محور الشر. أما بالنسبة للتدخل الغربي في سوريا فيدافع بعض الإسرائيليين عن هذا الخيار «لإعادة الاستقرار لسوريا»، بينما يرى الطرف الآخر أن التدخل سيغطي على موضوع التسلح النووي الإيراني. أما النقطة الثالثة التي ينقسم حيالها الإسرائيليون فهي التدخل الإسرائيلي في سوريا، فبينما ترى الأغلبية أنه على تل أبيب أن تقف على الحياد التام، يرى البعض ضرورة ضرب بعض الأهداف، وذلك حفاظا على التوازن القائم حاليا في الشرق الأوسط.