«الحر» يتقدم في مطاري منغ ودمشق الدولي ويفقد السيطرة على ريف القصير

مقاتلون: كثافة القصف على داريا وجوبر اضطرنا للانسحاب حفاظا على المدنيين

TT

تتفاوت التقديرات بشأن تقدم الجيش السوري الحر في معارك تلف أنحاء سوريا منذ 27 شهرا؛ إذ مقابل إعلان نظام الرئيس بشار الأسد استعادة سيطرته على مواقع خسرتها في وقت سابق في محافظات حلب وحماه وحمص وريف دمشق، تؤكد المعارضة أن قواتها تحقق مزيدا من التقدم، خصوصا في جبهات دمشق ودرعا، وأن ما يثبط تقدمها في بقية المناطق هو «قلة السلاح ومواقع المعارك المكتظة بالسكان».

وتشير خارطة التطورات في سوريا إلى تقدم محدود للجيش السوري الحر في دمشق وحلب ودرعا، بعد أن تحقق التطور الأكبر خلال الشهرين الماضيين على جبهتي دير الزور والرقة. وفي المقابل، برز تطور لافت لتقدم الجيش النظامي في ريف القصير، بعد دخول المعركة، التي يشارك فيها حزب الله إلى جانب القوات النظامية شهرها الثاني. وعدا ذلك، تقول المعارضة إن استعادة سيطرة القوات الحكومية على بساتين كفرسوسة وتخوم داريا والمعضمية، وأحياء حلب المتاخمة لمطار النيرب «بسبب انسحاب مقاتلي الحر حفاظا على أرواح المدنيين».

وعلى جبهة حلب، سجل للجيش الحر تقدم ملموس في مطار منغ العسكري، إذ سيطرت قوات المعارضة على المدرج ونقاط الحراسة ومواقع حمايته. ويؤكد عضو المجلس الأعلى لقيادة الثورة في حلب ياسر نجار لـ«الشرق الأوسط» أن «القوات النظامية لم تعد تسيطر في المطار إلا على 3 أبنية متلاصقة؛ هي مبنى الإدارة، ومبنى الحركة، ومضافة الطيارين». ويشير النجار إلى أن «برج المراقبة متوقف عن الحركة، وبات المطار بأكمله معطلا، بعدما ضرب الطيران الحربي النظامي كامل مدرجات المطار، غير آبه لجنوده المحاصرين فيه». وفي الجبهة الشرقية لحلب، التي تدخل منطقة الديرية من ضمنها، إلى جانب مشفى الأمراض العقلية، يقول النجار إن الجيش الحر «نفذ عمليات نوعية». أما الجبهة الشمالية، فشهدت «محاولة من القوات النظامية لاستعادة السيطرة على اللواء الـ80 التي فقدت السيطرة عليه قبل فترة، لكنها فشلت».

ويحصل التقدم الوحيد للقوات النظامية، بحسب النجار، «على الجبهة الجنوبية، إذ استعاد منطقة الشيخ سعيد والنيرب، كونه الممر الوحيد لمطار حلب الدولي في النيرب، وما لبث أن انسحب الجيش النظامي منها، لكن المنطقة لا تزال تحت سيطرته، كما سيطر على مبنى الإسكان في الشيخ سعيد، الذي يتعرض لقصف بقذائف الهاون من قبل الجيش الحر». وفي قلب المدينة، يبدو أن هناك هدنة غير معلنة بين الطرفين المتقاتلين، رغم أن الجيش الحر «يسيطر على نحو 70 في المائة من المدينة»، كما يقول النجار. ويشرح: «غداة كل تقدم للجيش الحر، يضطر للانسحاب بسبب مشكلة الذخيرة، حيث لا يستطيع تعويض ذخيرته التي يفقدها أثناء الهجوم، ما يضطره للانسحاب»، لافتا إلى أن ذلك «وقع فعلا على جبهتي مطار النيرب ومطار كويريس».

وفي دمشق، حققت قوات المعارضة تقدما ملموسا على جبهة المطار، بموازاة انسحابها من بعض المواقع في الغوطة الغربية. ويؤكد القيادي الميداني المعارض في الجبهة الجنوبية النقيب علاء الباشا لـ«الشرق الأوسط»، أن الجيش الحر «يسيطر على منطقة قصر المؤتمرات في المنطقة القريبة من النزهة، على خط مطار دمشق الدولي، كما أحرز تقدما في عدرا عبر سيطرته على بعض النقاط العسكرية». ويشير إلى تقدم للحر في مخيم اليرموك والمناطق المتاخمة له، من ضمنها السيطرة على شارع 30 بعد مواجهات أفضت لسيطرة المعارضة على المنطقة.

أما على جبهة داريا، فينفي الباشا أن يكون الجيش الحر فقد السيطرة على المنطقة، إذ يؤكد أن «انسحابنا من بساتين كفرسوسة والمعضمية وبساتين داريا، كان تكتيكيا، بعدما كثف الجيش النظامي القصف المدفعي ودفع بتعزيزات إلى المنطقة». وقال إن الانسحاب «كان بهدف الحفاظ على أرواح الثوار». ويشار إلى أن المنطقة «لا تزال تشهد اشتباكات ومعارك كر وفر، وهو ما يحدث على جبهة جوبر وسوق الهال، حيث جرى الانسحاب بهدف حماية أرواح المدنيين». وإلى الجنوب، سجلت سيطرة قوات المعارضة على مرصدين للجيش السوري في القنيطرة، من أصل 4 مراصد لمراقبة الجولان. وفي درعا، جنوب البلاد، أعلنت المعارضة تقدمها على جبهة خربة غزالة. ويقول الباشا إن الجيش الحر «يسيطر على كامل أحياء المدينة، كما يسيطر على الأوتوستراد القديم الذي يربط دمشق بالحدود مع الأردن». لكن المعارضة، وتحديدا مقاتلي لواء اليرموك، «اضطروا للانسحاب من معبري (ناصيف) و(جابر) الحدوديين مع الأردن بعد السيطرة عليها» كي لا تقع مشكلة دبلوماسية بين الأردن وسوريا. ويؤكد الباشا أن الإنجازات التي تحققت خلال الفترة الأخيرة، تمثلت في تنفيذ عمليات اغتيال بحق ضباط كبار، بينهم «مدير سجن صيدنايا» وقائد لواء أبو العباس المعروف بـ«أبو عجيب».

ومقابل الإنجازات والإخفاقات، لا تزال جبهة إدلب على حالها، رغم الاشتباكات المتفرقة التي تحدث، والقصف الجوي لمواقع المعارضة. وتقول مصادر الجيش الحر في إدلب لـ«الشرق الأوسط»، إن المعارضة «تحشد للسيطرة على المدينة». وتشير المصادر إلى أن مقاتلي المعارضة في إدلب وحماه «التحموا في معركة (الجسد الواحد)، ما اضطر الجيش النظامي لتوجيه ضربات عنيفة بالمدفعية وسلاح الجو، وخصوصا على منطقة حمشايا والمنطقة الشرقية في حماه التي أجبر القصف فيها المعارضة على الانكفاء بعد السيطرة عليها».

وذكرت وكالة الأنباء السورية (سانا) أن القوات النظامية سيطرت أمس على بلدات خطاب والقصابية وتل حسن وزور جديد وزور المسالق وزور الناصرية في ريف حماه. وفي حمص، أعلنت المعارضة سيطرتها على قرية ابل بريف حمص، وهي بوابة حمص الجنوبية، مقابل خسارتها مواقع كثيرة في ريف القصير، وسط تحذيرات من سقوط هذه المنطقة بأكملها، ما يسهل سيطرة النظام على حمص بأكملها.

وتواصلت الاشتباكات في القصير والقرى الواقعة شرق المدينة بين الجيشين الحر والنظامي، بعد سيطرة القوات النظامية على القرى الجنوبية المتاخمة للحدود اللبنانية، والغربية والشمالية المتاخمة لأوتوستراد طرطوس - دمشق. وإذ تؤكد مصادر معارضة من المدينة لـ«الشرق الأوسط» أن بعض أحياء القصير «تحولت إلى كتلة من الركام نتيجة القصف العنيف الذي تتعرض له»، تشير إلى وصول تعزيزات من الجيش الحر إلى محيط المدينة للقتال إلى جانب مقاتلي المدينة، لافتة إلى أن التعزيزات «أرسلها لواء الإسلام وكتائب معارضة أخرى».

وتؤكد المصادر أن المنطقة تشهد «معارك كر وفر بين الجيشين النظامي والحر»، مؤكدة أن المعارضة «تستشرس لعدم سيطرة القوات الحكومية على المنطقة وريفها الشرقي، لأنه ذلك من شأنه أن يسهل سقوط مدينة حمص بأيدي النظام»، علما أن ريف القصير يعتبر ممرا آمنا للمسلحين المعارضين الذين يقاتلون في حمص، كون المنطقة ريفية وغير مأهولة، وتتيح لهم الاستراحة وشن الهجمات على القوات النظامية.