جولة أولى مرتبكة في إعادة «محاكمة القرن».. وإرجاء نظر القضية إلى 8 يونيو

مبارك بدا أقل ثقة من ظهوره السابق ورفض طلبا من محامين كويتيين بالدفاع عنه

سيدة من أنصار الرئيس المصري السابق حسني مبارك أمام محكمة الجنايات المركزية في القاهرة الجديدة أمس (أ.ب)
TT

في جولة أولى مرتبكة من جولات إعادة محاكمة الرئيس المصري السابق حسني مبارك في قضايا قتل المتظاهرين في ثورة «25 يناير (كانون الثاني)»، قرر المستشار محمود الرشيدي رئيس محكمة جنايات القاهرة، أمس، تأجيل نظر القضية إلى جلسة 8 يونيو (حزيران) لفض الأحراز. وبدا مبارك خلال الجلسة التي سادتها الفوضى أقل ثقة من ظهوره السابق، ورفض طلبا لمحامين كويتيين بالدفاع عنه.

وفي نهاية أولى جلسات القضية المتهم فيها مبارك ووزير داخليته حبيب العادلي و6 من كبار مساعديه بقتل المتظاهرين إبان ثورة «25 يناير» قبل عامين، قرر المستشار الرشيدي أيضا ضم قضية مبارك ونجليه (علاء وجمال) ورجل الأعمال حسين سالم (هارب)، المتهمين في قضايا فساد مالي واستغلال نفوذ، إلى قضية القتل لينظرا بوصفهما قضية واحدة، وخلا قرار المحكمة من الإشارة إلى حبس مبارك، لكن السلطات الأمنية أعادته إلى محبسه لكونه محتجزا على ذمة قضايا أخرى.

وعقدت جلسة المحاكمة أمس بمقر أكاديمية الشرطة كالمعتاد، وسط إجراءات أمنية مشددة ومشادات بين أنصار مبارك وأهالي الضحايا داخل وخارج القاعة، وانتقادات لأسلوب إدارة المستشار الرشيدي للجلسة، حيث بدا أقل حزما وصرامة من سابقه المستشار أحمد رفعت الذي أصدر في يونيو من العام الماضي حكما على مبارك والعادلي بالسجن مدى الحياة لإدانتهما بالتهم التي تتصل بقتل المتظاهرين، وبرأ الضباط الستة الآخرين. كما أسقط تهم استغلال النفوذ عن مبارك وابنيه وسالم لتقادمها.

وأثبت رئيس المحكمة حضور المتهمين بالنداء عليهم. وظهر الارتباك على القاضي حيث أخطأ في ذكر اسم علاء مبارك أثناء إثبات حضوره الجلسة وناداه: «عباس» محمد السيد حسني مبارك، قبل أن يتدارك الأمر. كما بدا مرتبكا أيضا لدى إثباته حضور محامي الدفاع.

وفقد القاضي السيطرة على وقائع الجلسة خاصة مع احتشاد عشرات المحامين المدعين بالحق المدني الذين احتجوا على طلب مقدم من اثنين من المحاميين الكويتيين للدفاع عن مبارك.

وسأل القاضي مبارك عما إذا كان يوافق على حضورهما للدفاع عنه أم لا، فرد الرئيس السابق قائلا: «أفوض موكلي الأستاذ فريد الديب»، وعندما سألت المحكمة الديب قال: «نشكرهم»، في إشارة إلى رفض الطلب.

وبدا الرئيس السابق مبارك أقل ثقة من ظهوره في الجلسة السابقة التي قرر خلالها قاضي المحكمة التنحي عن نظرها لتتم إحالتها إلى الهيئة الجديدة برئاسة المستشار الرشيدي. وأثارت ابتسامة مبارك وتلويحه خلال الجلسة السابقة الكثير من الجدل، الذي وصل إلى ساحة المجلس التشريعي الذي علق نوابه على مظهر مبارك، وهو ما تقرر بعده وضعه مجددا في مستشفى سجن طرة، بعد أن كان محتجزا في مستشفى المعادي العسكري. وتلا المستشار مصطفى خاطر ممثل النيابة العامة أمر إحالة المتهمين في القضيتين، وقدم مذكرة بتحقيقات تكميلية مع المتهمين بموجب أدلة جديدة تضمنها تقرير تقصي الحقائق الصادر عن اللجنة التي شكلها الرئيس محمد مرسي، وتحقيقات نيابة الثورة التي تشكلت مؤخرا بموجب إعلان دستوري أصدره الرئيس مرسي في نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي. وأقرت المحكمة وصول حرز بتحقيقات تكميلية، عبارة عن صندوق متوسط الحجم، وأرجأت فضه لحين جلسة فض أحراز القضية كاملة. وسألت المحكمة المتهمين الحاضرين، كلا على حده، عن التهم المنسوبة إليهم، فأنكروها جميعا مرددين «لم يحدث».

وكان مبارك والعادلي قد طعنا أمام محكمة النقض على الحكم بسجنهما، وطعنت النيابة العامة على الحكم ببراءة الضباط الستة وإسقاط تهم استغلال النفوذ عن مبارك وابنيه وسالم. وقررت محكمة النقض قبول الطعون وإعادة المحاكمة.

وقال المستشار الرشيدي خلال جلسة أمس إنه قضى 40 عاما من عمره في القضاء، وإن أحدا لن يفيده عند دخوله القبر، في محاولة للطمأنة على سير القضية وضمان حكم عادل، مضيفا: «إننا أبناء وطن واحد أكلنا وشربنا على ترابه.. ولن أغادر منصة القضاء إلا إلى قبري، وإن القضاء لا شأن له بالسياسة أو الشأن العام».

وحينما حيا المدعون بالحق المدني القاضي، رد قائلا: «من يمدحني اليوم يذمني، وأنا لا أقبل ذلك أو ذاك».

وتابع قائلا إنه منذ أن تسلم أوراق القضية قبل 23 يوما، يبذل وأعضاء المحكمة قصارى جهدهم في قراءة القضية التي بلغت أوراقها حاليا نحو 55 ألف ورقة، مشيرا إلى أنه بصدور حكم محكمة النقض، لا يصح إضافة مدعين جدد بالحق المدني، وأنه سيكتفي بالمدعين الذين أثبتوا حضورهم في جلسات المحاكمة السابقة.

واعترض المحامون المدعون بالحق المدني على سوء معاملة أفراد الأمن، وقال محمد الدماطي وكيل نقابة المحامين نائب رئيس المجلس القومي لحقوق الإنسان في كلمة وجهها للقاضي إنه إذا كانت هذه هي سياسة التعامل معهم، فلتتنحَّ المحكمة عن نظر القضية نتيجة لعدم المساواة مع محامي الدفاع عن المتهمين الذين يلقون معاملة أفضل، حسب قوله.

ورفع القاضي الجلسة للاستراحة، وبعد نحو ساعة استأنف الجلسة بقرار ضم قضيتي قتل المتظاهرين والفساد المالي في قضية واحدة، كما قرر تأجيل نظر القضية إلى جلسة 8 يونيو المقبل للنظر في طلبات المحامين، وفض أحراز القضية، وطلب من النيابة العامة النظر في طلبات مقدمة من محامي مبارك ونجليه بإطلاق سراحهم من الحبس الاحتياطي على ذمة القضية.