موجة غضب في مصر بسبب توقيف مؤسس «6 أبريل» بتهمة مقاومة السلطات

مساعدة مرسي للشؤون السياسية: لا يمكن إنكار دوره الوطني

الناشط السياسي أحمد ماهر مؤسس حركة شباب 6 أبريل في مصر لدى اعتقاله من قبل الشرطة المصرية في مطار القاهرة الدولي أول من أمس (إ.ب.أ)
TT

أثار قرار توقيف الناشط السياسي أحمد ماهر، مؤسس حركة شباب 6 أبريل في مصر، بتهمة مقاومة السلطات وإهانة وزير الداخلية اللواء محمد إبراهيم، موجة من الغضب في الأوساط السياسية. وقال مصدر مطلع في مؤسسة الرئاسة لـ«الشرق الأوسط» إن «الرئيس محمد مرسي يولي القضية عناية خاصة، وإنه طلب إيضاحات بشأنها من السلطات المعنية»، فيما علقت مساعدة الرئيس للشؤون السياسية بأنه «لا يمكن إنكار دور ماهر الوطني».

ويضع توقيف ماهر مؤسسة الرئاسة في حرج، بحسب مراقبين، حيث كان ماهر من أبرز المساندين للرئيس مرسي في الجولة الثانية من الانتخابات الرئاسية، ولعبت الحركة التي أسهم ماهر في تأسيسها دورا كبيرا في ثورة 25 يناير (كانون الثاني).

وعلقت الدكتورة باكينام الشرقاوي، مساعدة الرئيس للشؤون السياسية، على قرار توقيف ماهر قائلة عبر تغريدة لها على موقع التواصل الاجتماعي «تويتر» أمس «الوطن يتسع للاختلاف ويزدهر بحرية التعبير»، وتابعت «لا يمكن نسيان الدور الوطني لأحمد ماهر ولا الإسهام الثوري لـ(6 أبريل)». فيما قال وزير الداخلية، أمس، إنه لا يحمل ضغينة تجاه أحد، وهو في طريقه لإنهاء هذه القضية - أي قضية ماهر.

وبدت السلطات القضائية مرتبكة في التعامل مع ملف قضية ماهر، وصدرت تصريحات متضاربة بشأن إحالة ماهر لمحكمة الجنح، وتصريحات أخرى بشأن إخلاء سبيل الناشط البارز. ووضع المستشار طلعت عبد الله، النائب العام، نهاية للجدل وقرر إخلاء سبيل ماهر على ذمة التحقيقات التي تباشرها معه النيابة العامة على خلفية المظاهرات التي جرت أمام منزل وزير الداخلية في أواخر مارس (آذار) الماضي.

وقال المستشار محمد غراب، المحامي العام الأول لنيابة استئناف القاهرة، إن «القضية لا تزال رهن التحقيق، وإنه لم يصدر فيها القرار بالتصرف حتى الآن»، نافيا صدور أمر بإحالة ماهر وآخرين إلى المحاكمة الجنائية. وباشرت نيابة مدينة نصر (شرق القاهرة) التحقيق مساء أول من أمس الجمعة مع ماهر، وأمرت بحبسه احتياطيا لمدة 4 أيام وترحيله إلى سجن مزرعة طرة، بعد أن تم توقيفه من قبل سلطات مطار القاهرة أثناء عودته من الولايات المتحدة الأميركية على طائرة نمساوية. ويتهم نشطاء مصريون سلطات بلادهم والحزب الحاكم بالسعي إلى فتح ملفات قديمة تخول لها توقيفهم بعد أن اتسعت هوة الخلافات بين نظام الرئيس مرسي، الذي ينتمي لجماعة الإخوان المسلمين، وشباب الثورة. وقال حزب الحرية والعدالة الحاكم في بيان له «قد نختلف مع بعض ممارسات حركة 6 أبريل، لكننا لا نقبل أن يتم القبض على أحمد ماهر كناشط سياسي، ولا نعتقد أن اعتقاله من المطار يلائم التهم الموجهة إليه».

وعاد ماهر إلى القاهرة مساء أول أمس، بعد أن ألقى كلمة في مؤتمر عقدته مؤسسة «ذا نيو أميركا» بواشنطن في السادس من مايو (أيار) الحالي، بعنوان «مصر في المرحلة الانتقالية»، وقال فيها إن «جماعة الإخوان تستخدم الخدمات العامة، التي تقدمها الدولة، لصالح أغراضها الانتخابية، في حين أن المعارضة لا تتمتع بهذه الميزة». وأضاف ماهر خلال المؤتمر أن منظمات المجتمع المدني الدولية «يبدو أنها لا تريد منح أموال لدعم مصر مثلما كانت تقدم قبل ثورة 25 يناير عام 2011».

وكانت حركة 6 أبريل قد توعدت السلطات بالتصعيد إذا تمت إحالة ماهر للمحاكمة، وقالت إنجي حمدي، عضو المكتب السياسي للحركة، لـ«الشرق الأوسط»، إن الحركة ترفض أي تدخل للرئاسة أو وزير الداخلية للإفراج عن أحمد ماهر، وتابعت «مستمرون في حشدنا ومواصلة فعالياتنا لحين الإفراج عن جميع المعتقلين».

وبينما قال سياسيون إن القبض والإفراج عن ماهر رسالة لكل من يدعو للاحتشاد ضد النظام الحالي، وجه الدكتور محمد البرادعي، المنسق العام لجبهة الإنقاذ المعارضة، تحية تقدير لماهر وغيره من شباب الثورة، مضيفا عبر تغريدة له على موقع التواصل الاجتماعي «تويتر»، أمس، أن «النظام المستبد الذي يلجأ إلى القمع والترهيب للقضاء على حلم الثورة.. هو نظام إلى زوال»، وعلق قائلا «وتتساقط الأقنعة».

وأشار الناشط السياسي حازم عبد العظيم إلى أن التحقيق مع مؤسس 6 أبريل بمثابة رسالة يبعث بها النظام الحالي لكل من يحاول الحشد ضده. وقال عبد العظيم إن حملة إرهاب النشطاء السياسيين مستمرة في ظل الدعوات المتصاعدة للحشد الجماهيري والمطالبة بإسقاط النظام الحالي، مشيرا إلى أن التهم الموجهة للنشطاء تشبه ما كان يفعله النظام السابق مع معارضيه.

وفي السياق ذاته، رصدت مجلة «فورين بوليسي» الأميركية ردود فعل حقوقيين وخبراء سياسيين التقوا الناشط السياسي ماهر خلال زيارته لواشنطن. ونقلت المجلة عن نانسي عقيل، مديرة مكتب منظمة «فريدوم هاوس» في مصر، قولها إن اعتقال ناشط «6 أبريل» يظهر عدم رغبة الحكومة في العمل حتى مع الأعضاء الأكثر تقبلا لهم في المعارضة، مضيفة «القبض على أي ناشط أمر مثير للقلق، لكن اعتقال ماهر أكثر أهمية لأنه كان واحدا من أشد المؤيدين للرئيس مرسي قبل وبعد انتخابه».

وقال المحلل السياسي الأميركي البارز مارك لينش إن «اعتقال نشطاء المعارضة يشير فقط إلى الحاجة العاجلة لإجراء إصلاح حقيقي لقطاع الأمن في مصر».