سكان الريحانية يشيعون ضحاياهم.. ويصبون غضبهم على اللاجئين السوريين

بعضهم طالب الحكومة بإعادة النظر في سياستها الخارجية.. وآخرون بالرد

TT

شيع سكان بلدة الريحانية التركية أمس ضحايا الهجوم بسيارتين ملغومتين الذي وقع أول من أمس في شارعين مزدحمين قرب المركز التجاري في البلدة، مما أدى إلى مقتل 43 شخصا في البلدة وإصابة أكثر من مائة.

ووقع الانفجاران في ساعات الظهيرة الأولى مما أسفر عن تناثر الكتل الخرسانية وتحطم السيارات في البلدة التي تقع في إقليم هاتاي جنوب تركيا، حيث يوجد الآلاف من اللاجئين السوريين. ودمرت المطاعم والمقاهي وتناثرت الأشلاء في أنحاء الشوارع. وامتد الدمار لمسافة ثلاثة مبانٍ على الأقل من موقع التفجيرين.

وما زال مسؤولو الطب الشرعي ينقبون وسط الأنقاض بحثا عن أدلة قد تفضي إلى منفذه، في وقت وجهت فيه الحكومة التركية أصابع الاتهام إلى النظام السوري بضلوعه في تنفيذ الهجوم في البلدة الواقعة قرب الحدود السورية.

وحل الغضب محل الرعب والألم غداة الهجوم، إذ صب سكان البلدة جام غضبهم على اللاجئين السوريين الذين باتوا تحت حراسة الشرطة التركية.

وقال النجار أحمد كسكين (36 سنة) تحت مطر غزير غمرت سيوله الحفر التي أحدثها الانفجار حول مقري البلدية والبريد:: «لا بد من أن يرحلوا»، مشيرا دون تردد إلى المذنبين. وأضاف: «لم يكن ليقع كل هذا لو لم يأتوا إلى هنا»، مؤكدا: «لقد منحناهم اللجوء، هذا ليس معقولا».

وعلى غرار أحمد يشعر الكثير من سكان الريحانية بأنهم خدعوا بالسوريين البالغ عددهم 25 ألفا الذين استقروا منذ سنتين في مدينتهم. وخلافا لما يجري في المدن التركية الحدودية الأخرى أو في مخيمات اللاجئين التي أقامتها الحكومة التركية، كان السوريون في الريحانية يتمتعون بحرية تنقل نسبية، وكان معظمهم يستأجر منازل حتى إن بعضهم أقام تجارته هناك.

وقال التاجر أحمد اتلار (50 سنة) الذي كان يتناول الغداء مع عائلته عندما وقع الانفجار الثاني وكسر كل زجاج منزله: «لا أتذكر في حياتي أنني شاهدت مثل ذلك! لم يتوصلوا حتى إلى التعرف على الجثث»، في إشارة إلى ضحايا الهجوم المزدوج، مؤكدا: «كلما وقعت جريمة سواء كانت رصاصا أو مخدرات أو سرقة فإننا نفكر بالتأكيد في السوريين»، حسب ما أوردته وكالة الصحافة الفرنسية.

ولم يكتم سكان الريحانية غضبهم واندلعت حوادث السبت مع مجموعات من الشبان الغاضبين العازمين على الثأر من السوريين، ما اضطر الشرطة إلى إطلاق النار في الهواء قبل أن ينفذوا ما كانوا يعتزمون القيام به.

ولم تسلم السيارات التي تحمل لوحات سورية في وسط المدينة من ذلك الغضب، فكسر زجاجها الأمامي وأصيبت بأضرار وأصبحت كلها تقريبا تحمل آثار الرد.

ومن باب الوقاية أصبحت الشرطة التركية تراقب عن كثب داخلي الشوارع التي يسكنها الكثير من السوريين والتي قطعت مداخلها بحواجز من البلاستيك الأصفر. وفي دليل على هذا التوتر لزم معظم اللاجئين منازلهم خشية التعرض لأعمال انتقام.

ومن السوريين القلائل الذين تجرأوا على الخروج وقف محمد الموراي الذي نزح عن مدينته إدلب مع أفراد عائلته السبعة الأسبوع الماضي ويعمل نادلا في دكان الحلواني القريب من البريد الذي انفجرت أمامه السيارة الثانية، ينتظر الزبائن وهو يشعر بشيء من التوتر. وقال: «إنني منزعج قليلا لكنني متيقن أن كل شيء سيكون على ما يرام بالنسبة لي»، مؤكدا أن «عائلتي ستبقى في المنزل لفترة ما، لكن يجب علي أن أخرج لكسب القوت».

وطالب سكان الريحانية الحكومة بتشديد إجراءات الأمن، وقال عصمت جوز: «نشعر بالضيق والخوف هنا. نريد أن تطبق الحكومة إجراءات أمنية كاملة هنا وأن تسيطر على كل من يعبر إلى تركيا وتعيده إلى سوريا. نريد الأمن مرة أخرى»، بينما قال يالجين باس: «تركيا تقول إن الفاعل قد يكون المخابرات السورية، لكن متى يتم إعلان ذلك رسميا فعلى تركيا أن تشرع في حملة عبر الحدود وأن ترد».