محللون مؤيدون للأسد يعزون تقدمه في بعض الجبهات لإعادة هيكلة قواته

عزز قواته بـ60 ألفا من الميليشيات

TT

بدأت القوات الموالية للرئيس السوري بشار الأسد في تحويل الدفة لصالحها في الحرب الدائرة، مدعومة في ذلك باستراتيجية جديدة، ودعم متزايد من إيران وروسيا ومساعدات مقاتلي حزب الله اللبناني. لكن هذه السلسلة من النجاحات للقوات الحكومية في الأسابيع الأخيرة لم تسفر عن انتصارات حاسمة. غير أن محللين عسكريين مقربين من الحكومة أشاروا إلى أن التقدم الجديد جاء في المناطق التي تشكل أهمية استراتيجية، وهو ما يشير إلى مستوى جديد من الإدارة والفعالية غير المسبوقة في أداء الجيش.

هناك توقعات بأن تشهد الحرب، التي تأرجحت كفتها بعنف خلال العام الماضي وتهدد الآن بدخول لاعبين إقليميين آخرين، تحولا في ميزان القوة أكثر من مرة بصورة غير متوقعة قبل أن تنتهي. وتأتي أحداث مثل التفجيرات التي أودت بحياة ما لا يقل عن 40 شخصا في مدينة تركية حدودية، أول من أمس، والغارات الإسرائيلية على دمشق، الأسبوع الماضي، والقرارات التي اتخذتها القوى الخارجية بتسليح الثوار ضمن عدد كبير من المتغيرات التي يمكن أن ترجح كفة الميزان مرة أخرى.

بيد أن المحللين يعتقدون أن الكفة تميل الآن لصالح قوات الرئيس بشار الأسد، وهو ما يتوقع أن يضعه في موقف أقوى لتحديد شروط التفاوض مع المعارضة التي وافقت إدارة الرئيس الأميركي باراك أوباما وروسيا الأسبوع الماضي على رعايتها. وقال تشارلز ليستر، من مركز «آي إتش إس جان للإرهاب»: «إذا استمر الوضع على ما هو عليه، فسوف تكون الحكومة صاحبة النفوذ الأكثر وضوحا. وإذا توقفت الأوضاع على ما هي الآن، فسيتضح جليا أن الثورة لا تشكل خطرا تهديدا وجوديا للنظام.

ويعزو المحللون المؤيدون للأسد التقدم إلى إعادة هيكلة القوات الحكومية التي تمتلك تسليحا أفضل لمواجهة الثوار. فقد تعززت الجيش السوري التقليدي، المرتبك بسبب الانشقاقات والخسائر والمنهك من القتال المتواصل منذ أكثر من عام، بنشر ما يقرب من 60 ألف مقاتل غير نظامي دربوا، ولو جزئيا، على يد حزب الله والمستشارين الإيرانيين.

وينتمي غالبية أفراد قوة الدفاع الوطني للأقلية العلوية التي ينتمي إليها الأسد، وهم أكثر ولاء للأسد من الجنود، بينما ينتمي ضباط الصف والجنود الذين يشكلون غالبية الجيش إلى الطائفة السنية. ويقول سالم زهران المحلل والصحافي الذي يلتقي بشكل منتظم بمسؤولي حكومة الأسد: «يشكل السنة 70 في المائة من الجيش، ولذا يحتفظ النظام بهم في ثكناتهم، أما قوة الدفاع الوطني فتتألف جميعها من الأفراد الموالين النظام».

في هذه الأثناء، سيتمكن النظام من استغلال هذا التفوق التقليدي لاستعراض قوته في المناطق التي لا تزال خاضعة لسيطرة الثوار، بما في ذلك شن الغارات الجوية واستخدام الصواريخ البالستية والمدفعية. وعلى عكس قوات الثوار، التي تلقت إمدادات محدودة من حلفائها من العرب والغرب، تستطيع لقوات الأسد الاعتماد على الإمدادات المتواصلة من السلاح والذخيرة من إيران وروسيا، بحسب حنا.

في الضواحي الشرقية من دمشق التي يحتدم فيها السباق، إحدى المناطق التي تحقق فيها قوات الأسد تقدما على الأرض، يقول مقاتلون في الجيش السوري الحر الذي يعاني قلة التنظيم، إن دمج المقاتلين في صفوف الجيش التقليدي زاد حجم القوة البشرية لجيش لنظام بمقدار الثلث. ويشير الثوار إلى أنه، على الرغم من احتفاظ المقاتلين بغالبية المعاقل التي تمكنوا من السيطرة عليها، خلال العام الماضي، فإن القوات الموالية للأسد كثفت الهجمات عليهم، وعزلتهم عن بقية كتائب الحر، وقطعت طرق الإمداد، حتى تستنفد الوحدات الذخيرة، ويغلب عليهم الإحباط.

ويقول زين الدين الشامي أحد مقاتلي اللواء الأول بالجيش السوري الحر: «نحن لا نعرف الخوف هنا، لكننا قلقون بشأن مستقبلنا. نحن نواجه كل أنوع الأسلحة ولا يمكننا الدفاع عن أنفسنا. نحن بحاجة إلى دعم هائل».

ربما كان العامل الأبرز وراء هذه التقدم تعديل قوات النظام نهجها تجاه الحرب، فبدلا من الانتشار الضعيف لقواتها في محاولة للقتال على عدة جبهات في البلاد، ركز النظام على ما سماه بعض «المحاور»، التي تشكل أهمية خاصة في سيطرته على ميزان القوة، بحسب سوريين وعسكريين على دراية بهذه الاستراتيجية. وتشمل هذه المحاور ضواحي دمشق وشريط الأرض الذي يمتد من الموانئ الساحلية للاذقية وطرطوس، شمال غربي العاصمة، والمدن الرئيسة في البلاد، التي تشكل أهم مسارات الدعم بالنسبة لها. وشدد زهران على أن التركيز الجديد لا يمثل مؤشرا على نية النظام تحرير مناطق واسعة في الشمال والشرق التي يسيطر الثوار على القسم الأعظم منها، الذين يواصلون التقدم في مواجهة المواقع المتناثرة الموالية للنظام. لكن الهدف الرئيس لقوات النظام الآن هو تأمين المركز ثم الأطراف لاستعادة باقي البلاد؛ محافظة تلو الأخرى.

ويتوقف نجاح هذه الاستراتيجية على محافظة حمص، حيث حمل المسلحون السلاح للمرة الأولى ويتدفق مقاتلو حزب الله. فالسيطرة على حمص التي تتقاطع مع 5 محافظات سوريا أخرى و3 دول ستكون نقطة انطلاق لاستعادة السيطرة على الشمال والشرق في الوقت الذي ستحرم فيه قوات الثوار من إمدادات السلاح المقبل من لبنان والعراق والأردن، ويقول زهران: «حمص هي الجزء الحيوي».

* خدمة «واشنطن بوست» خاص بـ«الشرق الأوسط»