حزب بارزاني يكسب حليفا في مطالبته بطرح دستور كردستان على الاستفتاء الشعبي

السكرتير العام لـ«الاشتراكي الكردستاني»: انتخاب الرئيس بالاقتراع المباشر هو الخيار الصحيح

TT

لم يعد الحزب الديمقراطي الكردستاني بزعامة رئيس الإقليم مسعود بارزاني وحده من يطالب بطرح الدستور على الاستفتاء الشعبي. ففي تطور مفاجئ دعا الحزب الاشتراكي الكردستاني (نائبان في البرلمان ووزير واحد في حكومة الإقليم)، بخلاف معظم القوى والأحزاب الكردستانية، إلى طرح الدستور على الاستفتاء الشعبي.

وقال محمد الحاج محمود، السكرتير العام للحزب الاشتراكي الكردستاني، في تصريح لـ«الشرق الأوسط»، إن حزبه يؤيد موقف الحزب الديمقراطي الكردستاني الداعي إلى طرح مشروع الدستور على الاستفتاء وعدم إعادته إلى البرلمان، مؤكدا أنه «في حال إعادة المشروع إلى البرلمان وتغيير النظام السياسي الحالي إلى النظام البرلماني، عندها فإن كردستان ستظل لخمسين سنة أخرى تحت رحمة الحزبين الحاكمين الحاليين على اعتبار أنهما يحظيان بالأغلبية البرلمانية، وهما من يقرران انتخاب رئيس الإقليم، وبذلك فإن فرص المنافسة الديمقراطية ستنعدم تماما». وأضاف «في الانتخابات الرئاسية السابقة التي جرت بأسلوب الاقتراع المباشر من الشعب، كانت هناك فرصة للمنافسة، وظهر عدد من المنافسين في مختلف مناطق كردستان من كفري وكويسنجق وأربيل، وكل أخذ حصته من التصويت، وهذه هي الديمقراطية الحقيقية التي تعطي فرصا متساوية لجميع المواطنين من دون استثناء، ونحن نحبذ هذه الصيغة الديمقراطية، لأن منصب الرئاسة ليس حكرا على حزب أو تحالف حزبي معين، بل هو منصب يهم جميع أفراد الشعب، وعليه فإن من حقهم أن ينتخبوا رئيسهم وليس تفويض الأمر بحزبي الأغلبية البرلمانية، رغم أن البرلمان يمثل الشعب، ولكن من دون وجود منافسة حقيقية لن تكتمل الديمقراطية».

والمفارقة في هذه المسألة هي أن الحاج محمود كان هو العضو البرلماني الوحيد الذي عارض انتخاب رئيس الإقليم عن طريق الاقتراع المباشر عندما طرحت الفكرة على البرلمان عام 2005، وكانت الأكثرية مع هذه الفكرة، واليوم انقلبت الآية حيث تطالب تلك الأكثرية بإعادة انتخاب الرئيس إلى داخل البرلمان، وهذا ما يعارضه الحاج محمود اليوم.

وأشار سكرتير الحزب الاشتراكي إلى أن «الذين أيدوا في السابق دعوة انتخاب الرئيس من قبل الشعب ما كانوا يتوقعون فوز بارزاني بالمنصب، ولكن عندما وجدوا الشعب يصوت له تراجعوا اليوم، وهذا دليل على أن هناك عوامل شخصية وحزبية تقف وراء هكذا مواقف، ولكن علينا أن نغلب المصلحة العليا للشعب فوق المصالح الذاتية والحزبية». وبسؤاله عما إذا كان موقفه هذا نابعا من ضغوطات من حزب بارزاني، أكد محمود «نحن لن نرضخ للضغط من أي طرف كان، لكننا نضع مصلحة شعبنا فوق أي اعتبار آخر، ولذلك نؤيد طرح الدستور على الاستفتاء وإجراء الانتخابات بالاقتراع المباشر، وليتنافس المتنافسون إذا أرادوا فالساحة مفتوحة أمام الجميع». وعما إذا كان سيرشح نفسه لمنافسة بارزاني على المنصب إذا ما ترشح قال «من المحتمل أن أرشح نفسي، الوقت مبكر حاليا، ولكن هذا الاحتمال وارد بالنسبة لي».

وبهذا الموقف يكون هناك حتى الآن مرشحان لمنافسة بارزاني هما قادر عزيز سكرتير حزب الغد الذي أعلن ترشحه إذا ما دعمته أحزاب المعارضة الكردية، ومحمد الحاج محمود سكرتير الحزب الاشتراكي، مما يعني أن الانتخابات الرئاسية المقررة في 21 سبتمبر (أيلول) المقبل ستكون حامية والمنافسات شديدة.

وفي سياق متصل، وردا على الموقف الجديد الصادر عن الاتحاد الوطني الكردستاني بزعامة الرئيس العراقي جلال طالباني الداعي إلى ضرورة إيجاد توافقات وطنية حول مشروع الدستور قبل التفكير في طرحه على الاستفتاء الشعبي، قال عبد الوهاب علي المتحدث الرسمي باسم المجلس القيادي للحزب الديمقراطي الكردستاني بزعامة بارزاني في محافظة السليمانية، في تصريح لـ«الشرق الأوسط»، إن «مشروع هذا الدستور قطع مراحله التشريعية كافة من دون أي اعتراضات سابقة، أولا كتب مشروع الدستور من قبل عشرات الخبراء القانونيين والمتخصصين بالفقه الدستوري، ثم طرح على المناقشة الشعبية، وطبعنا مليون نسخة منه وزعناها على مختلف شرائح المجتمع، وكل أدلى بدلوه في ما يتعلق بهذا المشروع، ثم عرضنا المسودة على عشرات المؤسسات والمراكز البحثية والثقافية والقانونية، ومن هناك ظل داخل البرلمان لأكثر من 6 أشهر إلى حين جرت المناقشات المستفيضة حوله، ثم عرض على التصويت البرلماني فنال الإجماع بواقع 97 صوتا من أصل 105 أعضاء كان سبعة منهم بإجازات رسمية، ولم يعترض عليه سوى عضو واحد، وهكذا صادقت على المشروع أعلى سلطة تشريعية في الإقليم، فهل يحتاج الأمر إلى المزيد قبل طرحه على الاستفتاء بعد أن قطع كل هذه المراحل؟». وأضاف «حتى لو بقينا وحدنا في الساحة فإننا سنصر على اللجوء إلى الشعب ليعطي كلمته الأخيرة بشأن هذا الدستور، ولا يهمنا ماذا ستكون نتائج هذا الاستفتاء، سواء كان لصالحنا أو ضدنا، فنحن في الحزب نفتخر بأننا كنا وما زلنا نحترم خيارات شعبنا في المسائل المصيرية ومنها مسألة الدستور الذي هو عقد سياسي واجتماعي لتنظيم شؤون الإقليم».

وبسؤاله عن أسباب الإصرار على عدم تغيير شكل النظام السياسي في الإقليم وهو مطلب المعارضة وبعض الأطراف الأخرى، قال المتحدث «إذا راجعتم الدستور فإنكم ستجدون أنه يشير في المادة الأولى إلى أن (كردستان العراق هي إقليم ضمن الدولة العراقية الاتحادية، ونظامه السياسي برلماني جمهوري ديمقراطي يستند إلى التعددية السياسية وإلى أساس فصل السلطات والتداول السلمي للسلطة عبر انتخابات عامة مباشرة سرية ودورية)، وهذا في حد ذاته يرد على كل الذين يحاولون تغيير شكل النظام السياسي إلى النظام البرلماني». وختم علي تصريحه بالقول «المشكلة أن رئيس الإقليم لم يطلب إلى الآن تمديد ولايته ولا تأجيل الانتخابات، حتى إنه لم يحسم موقفه بعد من مسألة الترشح للانتخابات، وعليه فإن ما يثار حاليا لا يعدو سوى مزايدات سياسية من هذا الطرف أو ذاك».