مسؤول جنوبي لـ«الشرق الأوسط»: الخرطوم متناقضة لأنها أصدرت بيانات برأتنا من دعم المتمردين

جوبا تصف اتهامات الخرطوم لها بدعم متمردين محاولة لتغطية تورطها في اغتيال زعيم قبلي

TT

وصفت دولة جنوب السودان اتهامات الخرطوم لها بدعم متمردي الجبهة الثورية داخل الأراضي السودانية بالباطلة وأنها محاولة لرمي فشلها في حل قضاياها على الآخرين، واعتبرتها تغطية لتورطها في اغتيال سلطان دينكا نقوك في منطقة أبيي المتنازع عليها الأسبوع الماضي، وكان جهاز الأمن والمخابرات السوداني قد اتهم في بيان له في وقت متأخر من مساء أول من أمس جوبا بدعم متمردي الجبهة الثورية وتقل قواتها إلى العمق السوداني.

وجاءت الاتهامات بعد أكثر من 10 من نقل الجبهة المعارضة عملياتها العسكرية في الوسط الغربي للسودان واحتلالها مناطق استراتيجية، ويعتبر هذا أول تصعيد بين البلدين منذ اتفاقهما في مارس (آذار) بسحب قواتهما على نحو 10 كلم شمالا وجنوبا على الحدود وخلق منطقة عازلة ومنزوعة السلاح.

وقال المتحدث الرسمي باسم جيش جنوب السودان فيليب أقوير لـ«الشرق الأوسط» إن اتهامات الحكومة السودانية محاولة جديدة لتغطية تورطها في عملية اغتيال سلطان قبيلة دينكا نقوك في أبيي كوال دينق مجوك الأسبوع الماضي، وأضاف: «يبدو أن الخرطوم شعرت بحرج كبير في تورطها ولذلك تعمل الآن على تضليل الرأي العام الإقليمي والدولي من تلك العملية الجبانة بقتل كوال دينق». وقال: «بعد هجوم الجبهة الثورية على مناطق أم روابة وأبو كرشولا مباشرة أعلنت الخرطوم وفي بيانات رسمية براءة جنوب السودان من تلك العمليات لأنها تعلم أننا ليس لنا أي علاقة بما يحدث في داخل السودان». وأضاف: «الذين يعرفون جغرافية المنطقة سيضحكون من حديث الخرطوم في أننا حركنا قوات من فاريانق إلى أم روابة لأن المسافة شاسعة ولكن النظام السوداني يسعى إلى خلق مناخ من عدم الثقة من جديد بين شعبي البلدين». وتابع: «لكن الاتهامات الأخيرة يوضح بجلاء مدى التناقضات التي تقع فيها الخرطوم وتعليق فشل حلها لقضاياها الداخلية على الآخرين».

واتهم أقوير الجيش السوداني بتحريك قواته في مناطق حدودية مع بلاده، وقال: «خلال الأيام الماضية دفع الجيش السوداني بمزيد من القوات والأسلحة الثقيلة على منطقتي دفرة، وجاو على الحدود مع ولاية الوحدة وعلى أعالي النيل». وأضاف أن التوترات تقودها الخرطوم في أبيي والمناطق الحدودية بتحريك القوات، حاثا الجهات الإقليمية والدولية على النظر في التوترات التي تحدثها الحكومة السودانية. وقال: «لا نرى أي لزوم لهذه التوترات وعلى المجتمع الدولي والإقليمي حمل الخرطوم تنفيذ اتفاقيات التعاون ووقف وضبط قواتها وميليشياتها على الحدود ومنطقة أبيي». وأضاف: «لكن ماذا سنفعل مع الدعايات التي تقودها الخرطوم ومن المستحيل أن نعرف ماذا تريد الحكومة السودانية من تناقضاتها اليومية». وتابع: «أي مواطن عادي في جنوب السودان يعلم أن النظام السوداني يتفق على شيء بالصباح وينقضه في المساء».

وكانت وكالة السودان للأنباء الرسمية قد نقلت في وقت متأخر من مساء أول من أمس اتهامات صادرة من جهاز الأمن والمخابرات السوداني إلى دولة جنوب السودان بأنها تدعم متمردي الجبهة الثورية وحركات دارفور داخل الأراضي السودانية رغم اتفاقية التعاون المشترك بين السودان وجنوب السودان والمصفوفة التي أعلنت لتجاوز العقبات العالقة بين البلدين. وقال بيان جهاز الأمن إن جوبا دعمت المتمردين ضد الخرطوم عقب اتفاق التعاون بإعداد من سيارات الدفع الرباعي سلمت مؤخرا إلى حركة تحرير السودان فصيل مني أركو مناوي ومتمردي قطاع الشمال. وأضاف: «ويجري الآن تسليم إعداد أخرى من السيارات لحركة العدل ورئيس هيئة أركان الجبهة الثورية عبد العزيز الحلو»، مشيرا إلى أن الدعم يشمل توفير كميات من الأسلحة والذخائر واستمرار عمليات التدريب في معسكرات (راجا وطمبرة) في غرب بحر الغزال وغرب الاستوائية ومناطق (نيم وفارينق) في ولاية الوحدة، معتبرا أن ذلك مسعى لتكوين قوة أخرى والدفع بها إلى داخل السودان كما تم مع القوات التي هاجمت مناطق أم روابة وأبو كرشولا. وقال البيان إن الدعم شمل توفير الوقود وفتح مستشفيات عسكرية داخل دولة جنوب السودان لاستقبال جرحى المتمردين السودانيين.

ووفقا لبيان جهاز الأمن والمخابرات الوطني في بيانه فإن حكومة جنوب السودان استخرجت وثائق سفر اضطرارية لعدد من جرحى حركات التمرد ممن تم إخلاؤهم من جنوب كردفان وتم نقلهم إلى مستشفيات ببعض الدول الأفريقية إلى جانب تخصيص منازل ببعض أحياء العاصمة جوبا لاستضافة قادة ميدانيين وعسكريين من حركات دارفور وقطاع الشمال. وقال البيان إن جوبا وفرت أموالا لمقابلة قوات المتمرد عبد العزيز الحلو وقوات مني أركو مناوي إلى جانب سماح سلطات جنوب السودان لقادة المتمردين السودانيين بالتحرك والوجود في منطقة جاو على الحدود بين ولاية الوحدة في جنوب السودان وولاية جنوب كردفان في الأراضي السودانية لتتحرك قيادات التمرد بين مناطق (بانتيو، ربكونا، فارينق، فنجق ونيم) في ولاية الوحدة وذكر البيان الفريق ماج بول مسؤول الاستخبارات بالجيش الشعبي يشرف على عمليات إمداد قوات الحركة الشعبية بالأسلحة والذخائر عبر منطقة (جاو ومعسكر ديدا) في جنوب السودان للنازحين، حيث يتم إيصال الدعم لمتمردي قطاع الشمال باعتباره دعم للجبهة الثورية من أبناء النوبة بالخارج.

واعترف جهاز الأمن والمخابرات السوداني لأول مرة بأن رئيس أركان الجبهة الثورية عبد العزيز الحلو أنه ما زال حيا ولم يقتل أو يصب كما نقل ذكر مسؤولين سودانيين أكثر من مرة طوال الأسبوع الماضي، وقال مدير إدارة الإعلام في جهاز الأمن والمخابرات، إن السلطات تعلم موقع الحلو وإنها تتعامل معه باعتباره إرهابيا ارتكب جرائم إرهابية ضد المدنيين وتورط في أعمال القتل والسلب مما يجعله مطلوبا للعدالة، وأشار إلى أن يد القوات المسلحة والنظامية ستطال المجرمين كافة ممن اعتدوا على المواطنين وخربوا منشآت الدولة.

وشدد مدير إدارة الإعلام بجهاز الأمن على أن السلطات قادرة على ردع كل المتمردين وقوى الشر التي تستهدف أمن البلاد وسلامتها، وأكد أن الأجهزة الأمنية بالبلاد ستظل قوة رادعة ضد كل من تسول له نفسه المساس بمقدرات الشعب وأرواح المواطنين، ونوه بأن المتمرد عبد العزيز الحلو محاصر بحيث لا يستطيع تكرار ما قام به في أم روابة وأبو كرشولا.