أنقرة تؤكد أن هجوم الريحانية نفذ بسيارتين تركيتين فخختا بمتفجرات سورية

ارتفاع عدد الضحايا. وأردوغان يصف نفي تورط دمشق بـ«الكذبة»

TT

ارتفع عدد ضحايا تفجيرات تركيا إلى 49 شخصا، أمس، مع العثور على جثتين إضافيتين وسط الأنقاض التي خلفها انفجاران هائلان وقعا، السبت الماضي، في ساحة بلدة الريحانية (ريحانلي) الحدودية مع سوريا، بينما كان رئيس الوزراء التركي رجب طيب أردوغان يحسم أمره في اتهام سوريا، بقوله إن تورط نظامها في التفجير «أمر لا شك فيه»، ووصف نفي دمشق تورطها في هجوم الريحانية بـ«الكذبة».

وأكد أن تركيا لن تحجم عن الرد المناسب على الهجوم، لكنه أشار أيضا إلى أن حكومته ستتعامل وفق ضبط النفس.

وقال أردوغان للصحافيين في أنقرة أمس: «لن نسقط في الفخ السوري، لكننا سنتخذ الرد المناسب عند اللزوم». وحذر من التكهنات بشأن عشرات الألوف من اللاجئين السوريين الذين عبروا الحدود إلى تركيا، مؤكدا أن الهجومين لا صلة لهما بالمعارضة السورية، لكن هناك «عصابة» تحاول أن تلقي اللائمة على المعارضة السورية واللاجئين.

وقال إن تورط سوريا في الهجوم غير قابل للشك. وأضاف أن «الحادث، بكل تأكيد، له صلة بالنظام»، مضيفا أن «عالمهم (النظام السوري) مبني على الأكاذيب». وشدد أردوغان مجددا على أن تركيا لن تستدرج إلى الحرب السورية، لكنها لن تتردد في الرد عند الضرورة.

وقال: «سنتخذ الخطوات الضرورية في المستقبل، لكننا لن نخدع. إلا أننا سننتقم عندما يكون ذلك ضروريا، ولسنا خائفين من ذلك. يتعين أن يدرك الجميع هذا».

وبدوره، رفض وزير الداخلية معمر غولار «محاولة البعض إلصاق تهمة التفجيرات بالجيش السوري الحر و(القاعدة)». وقال: «إنني كوزير أقول إن المنظمة المنفذة للتفجيرات لها علاقة مباشرة مع النظام السوري والمخابرات السورية، ونعرف هذا من الفعاليات التي قامت بها تلك المنظمات في الماضي».

وأشار إلى أن «المواد المستخدمة في التفجيرات أدخلت إلى هاتاي عن طريق المهربين، أما السيارات التي استخدمت فقد تم شراؤها من تركيا، وعلى أسماء مواطنين، وأنشأت بعض الورش الميكانيكية أقساما خاصة لوضع المتفجرات بها، كما أن البعض نقل تلك العربات من الورش إلى مكان التفجير مقابل أجر».

وعلى الرغم من التعتيم الإعلامي بقرار قضائي تركي على التحقيقات، كشفت بعض المصادر أن المتفجرات وضعت في رؤوس صواريخ لزيادة حدة الانفجار، أما السيارات التي استخدمت في التفجير فهي سيارات جديدة اشتريت قبل عام، ولم تنزل إلى الطرق إلا يوم التفجيرات».

وقالت مصادر تركية مطلعة لـ«الشرق الأوسط» إن المتهمين الـ9 الموقوفين لدى السلطات التركية اعترفوا بأنهم كانوا يعدون للتفجير منذ شهر. وأشارت المصادر إلى اعترافات موثقة لهؤلاء تفيد بانتمائهم إلى تنظيم يسعى إلى «تحرير الإسكندرون» وهم يطلقون على أنفسهم اسم «المستعجلون».

ومجموعة «المستعجلون» فرع من حركة يسارية متطرفة سرية تأسست في 1972، وعرفت باسم حزب جبهة التحرير الشعبي الثوري في تركيا كانت ناشطة في أواسط السبعينات. وبعد حملة القمع التي تبعت الانقلاب العسكري في 1980، أوقفت المجموعة التي تتبنى الفكر الماركسي أنشطتها، ولجأ زعيمها مهراج (مهراتش) أورال الملقب بعلي الكيالي، المتحدر من محافظة هاتاي (جنوب) التركية الحدودية، إلى سوريا.

ومجموعة اجيلجيلر التي تحظى بدعم الأقلية العلوية التي ينتمي إليها الرئيس السوري بشار الأسد، قاتلت (بحسب الصحافة التركية) إلى جانب الجيش السوري ضد مقاتلي المعارضة السورية في مناطق عدة قريبة من الحدود التركية، خاصة اللاذقية. وتقول بعض المصادر إن المجموعة كانت وراء مذابح بانياس قبل أسبوعين، وإن «حزب الله وإيران والمنظمات النصيرية تدعمه بالمال والسلاح».

ويظهر الكيالي، وهو بلباس عسكري سوري، في أشرطة فيديو بثت على الإنترنت، في تشييع أحد أعضائها الذين سقطوا في المواجهات مع تركيا، وهو يتحدث عن «سوريا الوطن الأم»، وعن الاحتلال التركي لإقليم الإسكندرون، وعن ضرورة قتال «العصابات الإرهابية التكفيرية التي تعيث فسادا في الأرض السورية».

وفي غضون ذلك، عثرت السلطات التركية، أمس، على ضحيتين جديدتين تحت أنقاض المباني التي دمرها الهجوم المزدوج بالسيارة المفخخة في الريحانية، في حين لا يزال عدد من الأشخاص في عداد المفقودين. ووجدت الجثتان في أحد مجاري الصرف الصحي بالقرب من المنطقة التي انفجرت فيها السيارتان. بينما كانت الرافعات لا تزال تعمل لسحب الأنقاض من المكان.