خبراء: حكم الرئيس المصري ينقصه «التفاهم» مع مؤسسات محورية بالدولة

دبلوماسي أوروبي: «الإخوان» لا يواجهون معارضة منظمة

صورة لمصريات يوقعن على استمارة تطالب بانتخابات رئاسية مبكرة مأخوذة من صفحة حملة «تمرد» على «فيس بوك»
TT

لا يواجه الرئيس المصري محمد مرسي، القادم من جماعة الإخوان المسلمين، معارضة سياسية منظمة مثل تلك التي أطاحت بسلفه حسني مبارك، لكن خبراء يرون أن حكمه المستمر منذ نحو عشرة أشهر ينقصه على ما يبدو «التفاهم» مع مؤسسات محورية في بلاده.

ويتخوف الغرب عامة من انخراط مصر، التي يمر منها أهم ممر ملاحي دولي، في محور معاد للغرب وإسرائيل، مع تزايد هيمنة الإسلاميين على الحكم وانفتاح هؤلاء الحكام على إيران وحركة حماس.

وفي ناد يرتاده دبلوماسيون وساسة وعسكريون متقاعدون، على نهر النيل، يدور الحديث عن فشل التيار المدني بمصر ودول ما يسمى بـ«الربيع العربي»، في مواجهة الخطاب المتطرف الذي يكبح الحريات ويقصي المرأة ويتخذ إجراءات من شأنها أن تلغي الديمقراطية التي أتت بالتيارات الإسلامية إلى الحكم.

ويقول دبلوماسي أوروبي طلب التحدث دون ذكر اسمه، لـ«الشرق الأوسط» إن القوى المدنية التي يقودها الدكتور محمد البرادعي، وسياسيون مخضرمون آخرون مثل عمرو موسى، الأمين العام السابق للجامعة العربية، لم يتمكنوا حتى الآن من استثمار سخط قطاع من المصريين على حكم الإسلاميين.

وكان لحكام مصر السابقين، القادمين من المؤسسة العسكرية، مواقف واضحة طيلة الثلاثين سنة الماضية من الأمن في سيناء والعلاقة مع قطاع غزة وإيران والخليج والحدود مع السودان وغيرها. وفي الوقت الحالي يقول الخبراء إنه يمكن ملاحظة نوع من الغموض تجاه هذه القضايا.

ويقول اللواء سامح سيف اليزل، مدير مركز الجمهورية للدراسات الاستراتيجية بالقاهرة: «شيء جديد على الحياة السياسية في مصر ألا يكون رئيس الجمهورية ذا خلفية عسكرية. نحن لا نقول: إنه ينبغي أن يكون كذلك، حتى لا يتم فهم حديثنا خطأ». ويوضح: «نحن نتحدث عن أمر واقع.. الرئيس الحالي ليست لديه خبرة عسكرية على الإطلاق، وفي هذه الحالة تكون هناك مرحلة لتعلم النواحي العسكرية وكيفية الاستماع إلى الألفاظ والتعبيرات العسكرية».

ويواصل سيف اليزل قائلا: «هذا قد يكون ما يحدث حاليا.. يضاف إلى ذلك أن مرحلة ما بعد الثورة تحدث تفاعلات كثيرة يتخللها أحيانا تضخيم لبعض الأمور». ويضيف أنه «من الأفضل في الأمور السياسية ذات الصبغة العسكرية، مثل الوضع في سيناء أو قضية حلايب وشلاتين، أو غيرهما، أن يكون هناك تعاون أكبر مما هو عليه (بين الرئاسة والجيش)».

والتحدي الثاني الذي يلوح أمام الرئيس مرسي، ظهور بَوْن واسع بين «الإخوان»، وتوجهات مؤسسة الأزهر ومعها قطاع من التيار السلفي. وتثور مخاوف من هيمنة الرئاسة وجماعة الإخوان على مؤسسة الأزهر، باعتباره عقبة في طريق طموحات الجماعة، لكن الدكتور محمد مهنا، عضو المكتب الفني لشيخ الأزهر عضو مجلس الشورى، يقول إن «الأزهر بعراقته وتاريخه ومنهجه العلمي الأصيل أعرق وأكبر وأرسخ من هذه المخاوف».

وعما إذا كان يتوقع أن يحدث تقارب واسع بين مصر وإيران في حال تولي شخصية إخوانية موقع شيخ الأزهر، يوضح الدكتور مهنا قائلا: «بصفتي الشخصية، أكاد أجزم أن هذا لن يحدث.. ولن يتولى مشيخة الأزهر شيخ غير أزهري».

ومع ذلك لا يرى الدكتور مهنا مستحيلا بشأن محاولات «الإخوان» السيطرة على الأزهر، ويقول: «ليس هناك مستحيل في هذا الأمر، لكنه أمر بعيد المنال.. شيخ الأزهر لن يكون إلا أزهريا»، مشيرا إلى أن موقف الأزهر ينطلق من منطلقات علمية دينية لا علاقة لها بالسياسة.

ووسط الحديث عن «نقص التفاهم» بين الرئاسة ومؤسسات محورية في الدولة، ظهرت قضية محاولة «أخونة القضاء» لتعكس وجود مشكلة بين الرئيس وجماعته مع المؤسسة القضائية التي يوجد تحت أيديها ملفات لم تفتح بعد، أو في طور التحقيق، تشمل قضايا مفصلية، مثل تزوير انتخابات الرئاسة، واستعانة الإسلاميين بعناصر من حركة حماس وحزب الله للهروب من السجون حول القاهرة أثناء «ثورة 25 يناير» 2011. وغيرها.

ويقول حافظ أبو سعدة رئيس المنظمة المصرية لحقوق الإنسان إن سلوك الجماعة تجاه القضاء عبارة عن «هجوم سياسي». ويضيف: «الموضوع بسيط، وهو الرغبة في إخلاء أماكن 3500 قاض تريد جماعة الإخوان أن تضع أعضاءها مكانهم». ويطالب القضاة أن يكون رئيس الدولة حكما بين السلطات، كما يقول القاضي صلاح الشاهد، الذي يرأس محكمة في مدينة المنصورة شمال القاهرة ويشغل عضوية مجلس إدارة نادي القضاة.

والتقى الرئيس بقيادات قضائية لتهدئة حدة الخلافات بين الرئاسة والمؤسسة القضائية، لكن الشاهد يقول: «في كل مرة يلتقي فيها القضاة مع رئيس الدولة، تخرج الرئاسة وتقول إنها تحترم القضاء، لكن لا يوجد فعل.. كله كلام».

وتقول قيادات جماعة الإخوان إن ما يتردد في وسائل إعلام محلية عن خلافات بين الرئاسة وعدة مؤسسات في الدولة غير صحيح، مشيرة إلى أن الرئيس مرسي، عبَّر أكثر من مرة عن التعاون الوثيق بين الرئاسة وكل من الجيش والأزهر والقضاء وغيرها من المؤسسات.