الإسلامي المصري ياسر السري لـ «الشرق الأوسط»: خلافات بين قيادات «القاعدة» قبل تنفيذ تفجيرات الرياض

مدير «المرصد الإسلامي» بلندن: الهجمات على المدنيين الأبرياء أصابت التنظيم في مقتل

سيف العدل
TT

يوم الثاني عشر من مايو (أيار) 2013 تحل الذكرى العاشرة لتفجيرات الرياض التي استهدفت 3 مجمعات سكنية (مجمع الحمراء – فينيل - اشبيليا)، يسكنها غربيون ومسلمون، وكانت بداية لأحداث إرهابية استمرت عدة سنوات، تغيرت أمور كثيرة على عدة أصعدة ومستويات جراء موجة الإرهاب تلك الليلة التي لا يمكن أن تنسى، ولقي 34 شخصا حتفهم جراء تفجيرات 12 مايو الشهيرة، التي خلفت 149 جريحا. وأعلنت السعودية مسؤولية 16 منفذا عن تلك الهجمات، أفصحت عن أسماء 14 منهم، وكان الاتصال المشفر الذي تلقاه تركي الدندني، الذي لقي حتفه في 3 يوليو (تموز) 2003، بمثابة إعلان البدء في تنفيذ مخططات تنظيم القاعدة على الأراضي السعودية، التي تشير المعلومات التي تم تأكيدها للصحيفة، أنها سبقت وقتها المفترض بنحو شهرين. ويقول خبير الجماعات الإسلامية ياسر السري مدير «المرصد الإسلامي» بلندن وهو هيئة حقوقية تهتم بأخبار الأصوليين حول العالم: «في 12 مايو 2003 وقعت تفجيرات انتحارية في الرياض، أعلن تنظيم القاعدة مسؤوليته عنها. استهدفت هذه التفجيرات عدة مجمعات يسكنها أجانب، وقبل بدء مجموعة الهجمات كانت الولايات المتحدة الأميركية قد أطلقت تحذيراتها بقرب وقوع ما سمته أعمالا إرهابية قد تستهدف أميركيين في المملكة العربية السعودية، تبعتها الحكومة السعودية بالإعلان عن عدد من القوائم التي تضم عددا من المطلوبين أمنيا وكانت أولى تلك القوائم هي قائمة التسعة عشر مطلوبا».

وتحدث السري الصادر ضده أحكام غيابية بالإعدام والسحن المؤبد من محاكم عسكرية في عهد الرئيس السابق حسني مبارك عن قضيتي «العائدون من ألبانيا»، ومزاعم التورط في محاولة اغتيال رئيس وزراء مصر الأسبق عاطف صدقي عن خلافات بين عدد من قيادات «القاعدة» بالسعودية دبت حول سرعة تنفيذ العمليات، وكذلك تولي قيادة التنظيم بالمملكة، إلا أن زعيم التنظيم الراحل أسامة بن لادن، الذي قتل في أبوت آباد الباكستانية عام 2011، كان قد ولى خالد حاج مسؤولية التنظيم في السعودية، فيما كلف عبد العزيز المقرن قائدا لخلية بالرياض وكذلك تركي الدندني قائدا لخلية أخرى بالرياض، وقد أدت هذه المنهجية إلى خلاف حول خطة العمل بين الدندني والمقرن وذلك بعد وصول رسالة بن لادن بالبدء بالعمل في الداخل، حيث كان الدندني يرى استعجال العمل والتفجيرات لا سيما أن هذه الرؤية متوافقة مع هدف «القاعدة» في إحداث الفوضى داخل البلاد، بينما المقرن كان يرى الانتظار لحين اكتمال التجهيزات.

ويضيف السري: عرضت الخلاف بين الدندني والمقرن على قائد التنظيم بالداخل خالد الحاج الذي كان يميل للرأي الأول (رأي تركي الدندني) لكنه أعطى الخلايا مهلة لإنهاء التجهيزات واستكمال الاستعدادات غير أن النشاط الأمني لرجال الأمن أربك قائد التنظيم مما جعل قائد التنظيم خالد الحاج يصدر أوامر إلى خلية الدندني بالبدء في تنفيذ العمل الذي نتج عنه وقوع الانفجارات الثلاثة بشرق الرياض قبل عشر سنوات، مستبقا بذلك خطة التنظيم في التريث للإعداد وذلك ما اتضح من خلال رسالة يوسف العييري إلى سيف العدل المضبوطة باستراحة حي الأمانة التي كانت تتضمن طلب تأخير العمليات لحين اكتمال خطط التنظيم وتجهيزها. ويكشف الإسلامي المصري أن سيف العدل القائد العسكري لـ«القاعدة» الموجود في طهران تحت الإقامة الجبرية منذ سقوط طالبان في أفغانستان نهاية عام 2001، ليست لديه حرية الحركة والاتصال مع باقي قيادات التنظيم، وبالتالي يمكن اعتبار أن كثيرا من العمليات مرت من خلاله بتوجيه إيراني من الحرس الثوري، أو ربما يكونون مكرهين على تنفيذ تلك التعليمات والتوجيهات بأوامر إيرانية. واعتبر السري أن قيادات وعناصر «القاعدة» في إيران، هم أسرى مكرهون، على أفعال قد لا يكونون موافقين عليها.

يذكر أن سيف العدل هو أحد منفذي اعتداءات نيروبي ودار السلام في 1998 وقد أدرج مكتب التحقيقات الفيدرالي الأميركي اسمه على لائحة المطلوبين لاتهامه بالضلوع في الهجمات التي شنها تنظيم القاعدة على سفارتي الولايات المتحدة في كل من كينيا وتنزانيا عام 1998. وقد عرضت مكافأة قدرها خمسة ملايين دولار للقبض عليه. وكان «سيف العدل» قد انضم إلى صفوف المحاربين الأفغان في معركتهم ضد الغزو السوفياتي في فترة الثمانينات من القرن الماضي. وكان أبرز من ساهموا في التدريب العسكري والاستخباراتي لأعضاء التنظيم. ويرى السري: «كل الناس من المشرق إلى المغرب العربي تكره الانحياز الأميركي إلى إسرائيل، وكل من في قلبه ذرة إيمان يتألم حين يرى أو يسمع أن كتاب الله يحرق هنا وهناك، وليس هناك من في قلبه ذرة إيمان يقبل أن يرى حبيبه المصطفى صلوات الله عليه وسلامه يصور أو يرسم في كاريكاتير مسيء، ولكن فظاعة الخسائر وسط المدنيين المسلمين وسقوط عدد كبير من الأبرياء حدت بغالبية السكان في مناطق النزاعات إلى الشعور بالغضب حيال دموية التنظيم»، مشيرا إلى أن «الهجمات على المدنيين الأبرياء أصابت القاعدة في مقتل». ويوضح أن «أي تنظيم يخسر الكثير باستهدافه المدنيين الأبرياء، فيجب عدم الاستخفاف بشأن الدماء». وناشد الجميع تقويم الخطأ، وتداركه قبل أن يتفاقم، و«الرجوع إلى الصواب، خير من التمادي بالخطأ، والثائب إلى الحق، يرفعه الحق الذي ثاب إليه، ولا ينقص من قدره شيء، بل يزيد». ويكشف السري أن «المقرن الذي قتل في كمين نصب له في حي الملز بالرياض عام 2004 ، شارك في القتال من قبل في الجزائر والبوسنة والقرن الأفريقي، واعتقل في إثيوبيا في أواخر التسعينات عندما كان يقاتل في الصومال وسلم إلى السعودية حيث حكم عليه بالسجن لمدة أربعة أعوام».

لكن السلطات السعودية خففت الحكم على المقرن إلى عامين فقط كمكافأة له لحفظه القرآن، ويوصف المقرن بأنه ذكي وخبير في التكتيكات، والمقرن كان صاحب مواهب منها حيويته الهائلة التي استطاع توظيفها في الحشد خلف «القاعدة». ويقول السري إن تفجيرات مجمع الحمراء كانت بداية لأحداث استمرت عدة سنوات، فخلال عشر سنوات سقط أكثر من (1170) ضحية ما بين قتيل وجريح حيث قتل ما يقارب (120) من المواطنين والمقيمين، فيما جرح نحو (1050) من جنسيات مختلفة. ويتحدث السري عن بداية اكتشاف هذه الخلايا بانفجار في منزل بالرياض بحي الجزيرة حيث كان أحدهم يقوم بتصنيع قنبلة بطريقة بدائية، حيث وقع انفجار في منزل بالرياض بحي الجزيرة شرقي مدينة الرياض نتج عنه وفاة شخص يدعى فهد بن سمران الصاعدي، حيث كان الجاني يقوم بتصنيع قنبلة بطريقة بدائية وانفجرت به وقتلته في الحال.