وزير الخارجية الفرنسي في تونس اليوم وباريس تتمسك بإنجاز عملية الانتقال السياسي

مصادر دبلوماسية فرنسية: لسنا مع فريق ضد آخر

TT

يقوم وزير خارجية فرنسا لوران فابيوس اليوم بزيارة رسمية إلى تونس تدوم يوما واحدا يلتقي خلالها رؤساء الجمهورية والحكومة والجمعية الوطنية التأسيسية (البرلمان) وقادة أحزاب المعارضة ونظيره التونسي عثمان جرندي. وتأتي هذه الزيارة فيما تستمر تونس في مواجهة مشاكل سياسية وأمنية واقتصادية حادة فضلا عن صعوبات في الاتفاق على دستور جديد، وتحديد أجندة للانتخابات الرئاسية والتشريعية القادمة.

ويحمل فابيوس رسالة «أساسية» إلى تونس قوامها، وفق مصادر دبلوماسية فرنسية رفيعة المستوى، التأكيد على «ثقة» فرنسا بعملية الانتقال السياسي في تونس، والتعبير عن «الدعم والتضامن» مع التونسيين مع تأكيد الدعوة للتمسك بالقيم العالمية مثل التداول السلمي الديمقراطي للسلطة، وممارسة الحريات العامة على مختلف أنواعها وحقوق المرأة.

ولا تعتبر باريس أن الزيارة «مؤشر دعم» لفريق ضد آخر وهو ما يعكسه لقاء الوزير الفرنسي بقادة المعارضة الرئيسيين. وبأي حال، تريد باريس، من جانب، إبراز «اهتمامها» بتونس التي هي شريكها الاقتصادي والاستثماري الأول فضلا عن العلاقات الوثيقة بها منذ عقود. وتحرص، من جانب آخر، على تحاشي إعطاء الانطباع بأنها تتدخل في شؤون تونس الداخلية الأمر الذي ترفضه الحكومة والمعارضة على السواء.

وتبدو باريس كمن «يمشي على بيض». ففي شهر فبراير (شباط) الماضي، أثار تصريح لوزير الداخلية الفرنسي مانويل فالس تحدث فيه عن «الفاشية الإسلامية» في تونس موجة احتجاجات على الضفة الأخرى من المتوسط. ويذكر المراقبون أن فرنسا لم تعبر عن دعمها للثورة التونسية إلا في مرحلة متأخرة. ووصفت المصادر الفرنسية تونس بأنها «مختبر الثورات العربية». وتريد باريس أن تبرز أنها «لا تقف مع جهة ضد أخرى بل إنها تقف إلى جانب تونس وإلى جانب تحقيق عملية الانتقال السياسية» مع إقرار الدستور وإجراء الاستحقاقات الانتخابية المقررة.

ويتناول الوزير فابيوس مع المسؤولين التونسيين ملف العلاقات الثنائية بمختلف وجوهها، والمرحلة الانتقالية، والملفات الإقليمية التي تهم الطرفين. وأنيطت به مهمة التحضير للزيارة الرسمية المرتقبة للرئيس فرنسوا هولاند لتونس أوائل يوليو (تموز) المقبل، التي ستكون الثالثة إلى بلدان المغرب العربي بعد الجزائر ديسمبر (كانون الأول) الماضي والمغرب أبريل (نيسان).

ونوهت المصادر الفرنسية بالجهود «التوافقية» التي تقوم بها الجمعية الوطنية التأسيسية للوصول إلى مشروع نص دستوري رغم وجود عدد من الفوارق في المقاربات الخاصة بموقع الإسلام وحقوق المرأة أو الإشارة إلى الصهيونية على أنها نوع من «العنصرية»، وفق قرار سابق للأمم المتحدة يعود لعام 1975. وتقدر باريس أن الجمعية التأسيسية ستقر «نظاما مختلطا» يتقاسم فيه رئيس الجمهورية الصلاحيات مع الحكومة بحيث لن يكون محض رئيس بروتوكولي.

وتراهن باريس على الانتخابات التشريعية المقبلة وعلى شفافيتها وعلى عملية الانتقال السياسي من أجل اجتياز تونس إشكالية الإسلاميين - العلمانيين. وتصف مصادرها زعيم حزب النهضة راشد الغنوشي بأنه «رجل براغماتي» وأنه يريد «إسلاما براغماتيا» يأخذ بعين الاعتبار واقع تونس السياسي «تعدد الأحزاب والتوجهات» والاقتصادي «أهمية السياحة والعلاقة مع بلدان الغرب» فضلا عن حاجته لاحترام أصول اللعبة الانتخابية مخافة أن يخسر التقدم الذي حققته حركة النهضة في الانتخابات السابقة والتي جعل منها القوة السياسية الأولى في تونس.

وتعتبر باريس أن المسؤولين التونسيين يعون جيدا حاجتهم لفرنسا ولأوروبا بشكل عام ولحاجتهم للمساعدات التي يمكنهم الحصول عليها من أجل مواجهة الأزمة الاقتصادية الحادة التي تعاني منها بلادهم. وخلال العامين الماضيين، قدمت فرنسا ما يساوي 180 مليون يورو من المساعدات والقروض والأموال لتمويل مشاريع مختلفة.

أما في موضوع السلفيين المتطرفين الذين ما زالوا يملكون السلاح ويهددون الدولة، فنقلت المصادر الفرنسية عن مسؤولين تونسيين رهانهم على العملية السياسية وعلى قيام «إجماع سياسي» بين القوى المختلفة لوضع حد لهذه الظاهرة. غير أن الدولة «لا تريد اليوم مواجهة مباشرة» قبل الوصول إلى إجماع حول المسائل العالقة مثل الدستور والنظام السياسي وقانون الانتخابات.