عودة الجدل حول شغور منصب طالباني.. وقيادي كردي: برهم صالح البديل الوحيد

القضاء العراقي يطلب من رئيس البرلمان الشروع في اختيار رئيس جديد

جلال طالباني
TT

عاد الجدل مرة أخرى حول منصب رئاسة العراق الذي شغله الرئيس جلال طالباني، الراقد منذ خمسة أشهر في أحد المستشفيات الألمانية، إذ طالبت رئاسة الادعاء العام العراقي أمس رئيس البرلمان أسامة النجيفي بالشروع في الإجراءات القانونية لملء هذا المنصب، فيما أشار مصدر قيادي كردي إلى أن «الترتيبات وعلى عدة مستويات تجري حاليا لحسم هذا الموضوع، وأن الزيارة الحالية التي يقوم بها برهم صالح نائب الأمين العام للاتحاد الوطني الكردستاني إلى إيران تدخل في هذا الإطار».

وكانت رئاسة هيئة الادعاء العام العراقي قد طلبت في بيان أمس من رئيس البرلمان «الشروع في الإجراءات القانونية لملء المنصب الشاغر بسبب غياب الرئيس جلال طالباني منذ مدة طويلة، عبر تنفيذ المادة 72 من الدستور العراقي التي حددت مدة معينة لشغور المنصب، وأن هذا الطلب يستند إلى نص المادة الأولى من قانون الادعاء العام رقم 159 لسنة 1979 المعدل».

وتأتي هذه الدعوة بعد عدة أيام من إعلان الطبيب الخاص للرئيس طالباني، الدكتور نجم الدين كريم، الذي يشغل منصب محافظ كركوك أيضا، أنه سيزور طالباني في مستشفاه، وأنه سيزف «بشرى سارة للعراقيين والكرد من هناك تتعلق بتحسن صحة فخامته». لكن مصدرا كرديا أوضح لـ«الشرق الأوسط»، طالبا عدم الكشف عن هويته، أنه «حتى لو عاد الرئيس طالباني إلى كردستان بصحة جيدة فإنه لن يكون قادرا على العودة إلى منصبه كرئيس للبلاد (...) ولذلك أصبحت الأمور جاهزة اليوم لملء منصبه، وهو بالمناسبة من حصة المكون الكردي وتحديدا للاتحاد الوطني الذي يتزعمه الرئيس طالباني».

وكانت مصادر عديدة أشارت في الفترة الماضية إلى وجود عدد من المرشحين لملء المنصب، وطرحت أسماء عديدة مثل برهم صالح وفؤاد معصوم وأخيرا عدنان المفتي، لكن المصدر الخاص بـ«الشرق الأوسط» أكد أن برهم صالح «لم يعد هو المرشح الأبرز بين هؤلاء، بل أصبح الآن هو المرشح الوحيد».

والمعروف عن برهم صالح، الذي ترأس في وقت سابق وفدا كرديا التقى بنوري المالكي في بغداد لمعالجة المشكلات العالقة بين أربيل وبغداد، حدته وإصراره على الحقوق الدستورية للشعب الكردي، وهذا ما أكده قيادي كردي رافقه في تلك الجولة من المحادثات. وقال القيادي «لم يقدم صالح الذي ترأس الوفد الكردي أي تنازلات للمالكي، ولم يساومه على حقوق الشعب الكردي الدستورية، وهذا أحد أسباب تحفظات المالكي على ترشيحه لمنصب رئيس الجمهورية». لكن المصدر القيادي أشار في تصريحه إلى أن «المالكي رضخ أخيرا للأمر الواقع لسببين، الأول هو الضغط الإيراني المتزايد عليه خلال الأيام الفائتة، والثاني حاجة المالكي إلى وجود رئيس للجمهورية يتحمل جزءا من أعباء الدولة خاصة ما يتعلق بحفظ التوازنات والعمل على تخفيف الصراعات السياسية المحتدمة، فالمالكي يشعر حاليا بالضعف بعد أن استعدى عليه مجمل الأطراف السياسية».

وحول الموقف الإيراني من ترشيح برهم صالح لمنصب رئيس الجمهورية، قال المصدر «الدكتور برهم موجود حاليا في إيران، وأصلا لم تكن هناك أي مناسبة تستدعي تلك الزيارة، لكن زيارته الحالية مهمة للغاية، فهي تأتي بعد زيارة عقيلة الرئيس طالباني السيدة هيرو إبراهيم أحمد إلى طهران، حيث أجرت مباحثات لأول مرة مع كبار قادة الدولة الإيرانية وفي مقدمتهم الرئيس أحمدي نجاد، وحاولت القيادة الإيرانية إقناعها بضرورة ملء هذا المنصب من قبل الاتحاد الوطني، أولا بحكم العلاقة الاستراتيجية التي تربط إيران بالاتحاد الوطني ومن مصلحتها أن تبقى الرئاسة بيد حليفها، وثانيا لأن الصراعات الداخلية تحتاج إلى شخص لإدارة الأمور بما يحفظ العملية السياسية ويضمن سلامتها، وفعلا اقتنعت السيدة هيرو بوجهة النظر الإيرانية، خاصة أنها أعلنت أنها لا تطمح لملء هذا المنصب بدلا من زوجها، وبذلك لم تعد تعارض ترشيح صالح للمنصب، وأعتقد أن وجود برهم صالح في إيران حاليا هو للتباحث معه بشأن هذا الموضوع والحصول منه على تطمينات في ما يتعلق بعدم معاداة إيران، خاصة أن إيران ترى في صالح أنه مؤيد للأميركيين ويحظى بدعمهم، وأعتقد أن إيران نجحت أيضا في إقناع المالكي بقبول برهم رئيسا للجمهورية ودعم ترشيحه للمنصب».

لكن معصوم، القيادي في حزب طالباني، نفى في تصريحات لـ«الشرق الأوسط» أن تكون لزيارة عقيلة طالباني وبرهم صالح علاقة بمنصب الرئيس، وقال إن الموضوع «لم يناقش حتى داخل العراق ومن قبل أي طرف (...) فكيف يناقش خارج العراق؟». وأضاف أن «صحة الرئيس الآن تتحسن بشكل جيد، وأن استجابته للعلاج ممتازة، وأنه يمكن أن يعود إلى حالته الطبيعية في غضون فترة قصيرة، وهي كلها تؤكد عدم دستورية أو قانونية هذا الطلب».

بدوره، اعتبر رئيس اللجنة القانونية في البرلمان العراقي خالد شواني طلب الادعاء العام «مخالفة دستورية». وقال في مؤتمر صحافي مشترك مع نائب رئيس اللجنة أمير الكناني إنه «ليس من صلاحيات الادعاء العام تقديم طلب للنظر في خلو منصب رئاسة الجمهورية الموجه لمجلس النواب»، مشيرا إلى أن قانون الادعاء العام «لا يتضمن مادة قانونية تمنحه هذه الصلاحية».