عاكست الأحوال الجوية يوم أمس وصول أول دفعة من مقاتلي حزب العمال الكردستاني التركي المحظور (بي كي كي) المنسحبين من داخل الأراضي التركية نحو الأراضي العراقية بإقليم كردستان، وفقا لمبادرة السلام التي أطلقها زعيم الحزب عبد الله أوجلان، بعد أن كان مقررا أن تصل تلك الدفعة عصر أمس مدينة العمادية بمحافظة دهوك المتاخمة للحدود التركية وأن يعقد قادتها مؤتمرا صحافيا للإعلان عن وصول الدفعة.
وقال مصدر بالمركز الإعلامي لقوات الدفاع الشعبي وهو الجناح العسكري لحزب العمال الكردستاني في اتصال مع «الشرق الأوسط» أن «العملية تأجلت بسبب سوء الأحوال الجوية بالمنطقة».
وحسب المصدر يتوقع وصول هؤلاء المقاتلين الذين يشكلون الدفعة الأولى من مجموعات تبلغ أعدادهم بحدود خمسة آلاف مقاتل منتشرين في الحدود العراقية التركية المشتركة إلى العمق التركي بمحاذاة البحر الأسود. وأوضح أنه «بحلول الليل (أمس) أو صباح الغد (اليوم الثلاثاء) ستصل الدفعة الأولى وسنعلن عن ذلك في مؤتمر صحافي سيعقد بهذا الشأن لنقل الحدث بالصوت والصورة».
يذكر أن قيادة الكردستاني أصدرت أوامرها لمقاتلي الحزب المنتشرين داخل الأراضي التركية بالانسحاب تنفيذا للشق الثاني من مبادرة السلام التي أطلقها أوجلان، تليها الخطوة الثالثة وهي وضع السلاح مقابل اعتراف الدولة التركية بدستورها بالوجود الكردي وبحقوق شعبه الثقافية والسياسية.
ويتوقع حسب مصادر خاصة بـ«الشرق الأوسط» أن تستقر القوات المنسحبة في المنطقة التي يسميها الحزب بمنطقة (حماية ميديا) وهي المنطقة التي تمتد على امتداد سلسلة جبال قنديل التي كانت منذ عشرات السنين خاضعة لسيطرة الأحزاب الكردية المعارضة لكل من العراق وتركيا وإيران باعتبارها تقع على المثلث الحدودي، وفيها معسكرات سابقة لحزب العمال كانت تأوي المقاتلين أثناء فصلي الخريف والشتاء، ومنها كانوا ينطلقون إلى داخل تركيا ابتداء من فصل الربيع وامتدادا لفصل الصيف لشن عمليات قتالية ضد الجيش التركي.
وتثير مسألة عودة هؤلاء المقاتلين إلى داخل أراضي إقليم كردستان مخاوف الحكومة العراقية التي اعترضت على ذلك، ولكن قيادة حزب العمال الكردستاني طمأنت الحكومة العراقية بأن هذا الانسحاب لا علاقة له بالحكومة العراقية، وأن اتفاقا عقد بين الحزب وقيادة إقليم كردستان لتحديد مواقع انتشار تلك القوات بعد الانسحاب والتي ستكون ضمن مناطق قيادة الحزب بجبل قنديل ولا يقتربون من المدن.
وفي غضون ذلك، أعلنت رئاسة أركان الجيش التركي أمس أنها لا تملك معلومات أو سجلات تظهر انسحاب أعضاء حزب العمال الكردستاني والذي كان من المتوقع بدء انسحابهم من الأراضي التركية الأربعاء الماضي.
وقالت رئاسة الأركان في بيان على موقعها الإلكتروني وأوردته وسائل إعلام محلية، أن طائرات من دون طيار تقوم بحملات استطلاع ولا توجد معلومات تشير إلى أي نشاط لعناصر حزب العمال الكردستاني المتمركزة في تركيا.
وكان قائد الجناح العسكري لحزب العمال الكردستاني مراد قرايلان وعدد من نوابه قد أعلنوا في مؤتمر صحافي في نهاية الشهر الماضي عقدوه في جبال قنديل، معقل الحزب في شمال العراق، أن عناصر ستبدأ الانسحاب من الأراضي التركية بحلول الثامن من الشهر الحالي، وأضافوا أن الحزب سيفي بوعده بشأن الانسحاب دون تردد.
وتجدر الإشارة إلى أن حزب العمال الكردستاني مصنف في تركيا والاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة على أنه منظمة إرهابية.
ويقاتل الحزب منذ ثمانينات القرن الماضي من أجل استقلال الأكراد عن تركيا أو الحصول على حكم ذاتي في المناطق الكردية بالبلاد.
وتشكو منظمات كردية من التمييز الممنهج ضد الأكراد، الذين يشكلون خمس عدد السكان، من قبل الدولة التركية.