الحوار الوطني في اليمن بين التحدي والإنجاز

نائبة أمين عام الحوار: 9 فرق عمل شكلت ودشنت مرحلة النزول الميداني

TT

مع بدء النزول الميداني لفرق مؤتمر الحوار الوطني اليمني إلى المحافظات والمدن المختلفة، دخلت البلاد في مرحلة مهمة للبحث عن جذور وحلول لمشكلاتها المزمنة.

ويعد مؤتمر الحوار الوطني الحدث الأبرز في تاريخ البلاد منذ الإطاحة بالرئيس السابق علي عبد الله صالح، إثر ثورة شعبية في 2011، وينظر اليمنيون إلى المؤتمر الذي انطلق في 18 مارس (آذار) الماضي، بمشاركة 565 شخصا، يمثلون مختلف التكوينات السياسية والاجتماعية، كطوق نجاة لإخراجهم من أزماتهم الاقتصادية والسياسية. ويبحث مؤتمر الحوار الوطني، 9 قضايا أساسية هي: القضية الجنوبية، قضية صعدة، قضايا وطنية، بناء الدولة، الحكم الرشيد، بناء الجيش والأمن، استقلالية الهيئات، الحقوق والحريات، التنمية الشاملة.

تقول الدكتورة أفراح الزوبة النائبة الأولى للأمانة العامة للحوار: «ليس هناك حل لليمنيين إلا بالخروج بنتائج تحقق تطلعات الشعب من خلال هذا المؤتمر». وتضيف الزوبة في تصريح لـ«الشرق الأوسط»: «يجب على جميع المشاركين في مؤتمر الحوار، وهم من مختلف المكونات السياسية والاجتماعية والفكرية، أن يتنافسوا في كيفية خدمة اليمن، لأن الحوار طريقنا الوحيد لتحقيق ذلك».

وتشير الزوبة إلى أن مؤتمر الحوار يسير من نجاح إلى نجاح، وتقول: «منذ انتهاء الجلسة الأولى وتكوين 9 فرق عمل، انطلقت الفرق لإعداد خطط عملها، وتم إعداد برامج محاضرات لهم عبر استقدام خبراء دوليين ومحليين لمساعدتهم في بلورة رؤاهم».

ومع بدء النزول الميداني، تقول الزوبة: «هذه مرحلة مهمة لفرق العمل، وهي عملية استقصاء وجمع قاعدة بيانات لكل فريق حول القضية التي يمثلها، وقد بدأت بالنزول إلى مؤسسات الدولة، لدراسة وضعها، كما نزلت بعض الفرق إلى بعض المحافظات مثل، تعز، وإب، وعمران، وحضرموت».

وتوضح الزوبة: «كل فرق العمل ستقوم بالنزول الميداني للمحافظات، حيث ستقدم فرق العمل شرحا لطبيعة وهدف مؤتمر الحوار، للقطاعات المجتمعية، والاستماع لتصوراتهم حول الحلول التي يقترحونها، وما احتياجاتهم»، مؤكدة أن الفرق الميدانية ستعمل خلال الأسبوعين المقبلين استكمال عملها في كل مدينة، وجمعها ودراستها ومناقشة ما توصلت إليه تمهيدا لصياغته في شكل قرارات لكل فريق، ويتم تقديمها إلى الجلسة العامة التي ستعقد في 8 يونيو (حزيران) المقبل.

أما عن التحديات التي يوجهونها، فتقول الدكتورة أفراح الزوبة، إن أبرزها «تحديات لوجيستية، فعدد المشاركين كبير، الذين هم من خلفيات فكرية وسياسية ومجتمعية مختلفة، وهناك في بعض الفرق صعوبة في الثقة بالآخر، لكننا مع استمرار عمل فرق العمل تتلاشى هذه الصعوبة، ويقترب المختلفون من بعضهم بشكل كبير».

ومع اقتراب موعد انتهاء عمل فرق العمل المحددة بشهرين، فإن أهم القضايا التي يعتبرها أغلب المشاركين أساسا لحل مشكلات اليمن كلها، بدأت فرق عملها المتخصصة في دراستها ومناقشة الأفكار المقدمة من المكونات السياسية والمجتمعية، وأبرزها القضية الجنوبية، وقضية صعدة، حيث قدمت الأحزاب والمكونات رؤيتها كل على حدة، لجذور كل قضية واهم الحلول الممكنة للوصول إلى رؤية توافقية، وإقرارها.

ويرى الدكتور فارس السقاف عضو مؤتمر الحوار الوطني ومستشار الرئيس اليمني لشؤون الدراسات الاستراتيجية والبحث العلمي أن القضية الجنوبية تحتل الصدارة في مؤتمر الحوار، وهي المفتاح للمشكلة الوطنية بكاملها.

ويضيف السقاف في تصريح لـ«الشرق الأوسط»: «الحوار هو وسيلة للوصول إلى مستقبل للبلاد، ونحن أمام تحدٍّ؛ إما النجاح أو البديل الذي سيكون أسوأ».

ويرى السقاف أن الكثير من التحديات التي وضعت أمام مؤتمر الحوار، تم تجاوزها، ويقول: «كان هناك من يراهن على أن مؤتمر الحوار لن ينعقد، لكنه انعقد، ثم وجدت بعض التعقيدات، مثل انسحاب ممثلين عن بعض المكونات، وتم استبدال آخرين بهم، والحوار مستمر إلى أن نصل إلى طريق النجاح وتحقيق ما يطمح إليه الشعب».

ويؤكد السقاف أن «الأمل معقود على نجاح الحوار، ما دمنا مستمرين فيه، بعيدا عن العنف».

إلى ذلك، يعتبر القيادي في الحراك الجنوبي الصحافي هشام باشرحيل، أن الحراك الجنوبي الذي يشارك في مؤتمر الحوار حقق تقدما كبيرا، بما قدمه من تصورات واضحة تعكس نبض الشارع. ويقول باشرحيل في تصريح لـ«الشرق الأوسط»: «الحراك الجنوبي ليس هو الممثل عن الجنوب، وأيضا المكونات الأخرى لا تمثل الشمال، لكن كلنا هنا جئنا لعكس نبض الشارع، ونقل هموم الشعب».

ويرى أن «ممثلي الحراك نجحوا في تقديم القضية الجنوبية، كما هي على الواقع، وحققوا نقلة نوعية لعرض القضية للمجتمع الدولي، على الرغم من أن الأحزاب السياسية لم تقدم في تصوراتها عن القضية ما هو مأمول منها».

ويتابع باشراحيل: «نحن مطمئنون على القضية الجنوبية لأنها قضية شعب وحقوق، وكما يقال لا يضيع حق وراءه مطالب»، مؤكدا أن «الحوار السلمي هو خطوة إيجابية، لأن لغة العنف لا تصل إلى نتيجة». ويأمل القيادي الجنوبي من «المجموعة الدولية ومؤتمر الحوار، بالخروج برؤية لإنصاف الجنوبيين، وأن يمتثل الجميع لإرادة الشعوب».

وعن التحديات يقول باشراحيل: «هناك تضييق على الشفافية فيما يجري داخل مؤتمر الحوار، وعدم اطلاع المواطنين على ما يجري داخله»، مطالبا بأن يتم «بث جلسات للفرق عبر قناة تلفزيونية وإذاعية متخصصة على مدار الساعة، لأنه من المهم أن يعرف المواطن ما يدور، من أجل أن يقوم بدوره في مساعدة فرق العمل للوصول إلى حلول».

وبين التحديات والصعوبات يتقدم الحوار الوطني في اليمن لإنجاز مرحلة النزول الميداني التي ستعقبها جلسة عامة، ستستمر لمدة شهر، يستمع فيه أعضاء المؤتمر إلى توصيات اللجان المكلفة بالنزول الميداني، ثم فيما تبقى من مدة الشهور الـ6 المخصصة للحوار، يتم مراجعة التوصيات والتوافق عليها والعودة للميدان، إن استحق الأمر، مرة أخرى.