الجمعية العامة تحمل النظام مسؤولية العنف وتعترف بالائتلاف طرفا في العملية السياسية

المعارضون اعتبروه تقويضا للجهود.. والمؤيدون قالوا إنه للتاريخ والقيم الإنسانية

ممثلو الولايات المتحدة لدى الجمعية العامة قبل التصويت على قرار الادانة أمس (أ.ب)
TT

أدانت الجمعية العامة للأمم المتحدة انتهاكات نظام الرئيس بشار الأسد وحملته مسؤولية استمرار العنف في البلاد، وذلك بتبني مشروع قرار عربي بغالبية 107 أصوات مقابل رفض 12 دولة، وامتناع 59 دولة عن التصويت. وشهدت جلسة التصويت شدا وجذبا بين الدول الأعضاء حيال مشروع القرار، الذي تقدمت به قطر وعدد من الدول العربية لإدانة نظام الأسد بارتكابها انتهاكات لحقوق الإنسان وللمطالبة بالاعتراف بالائتلاف الوطني السوري ممثلا عن الشعب السوري في أي عملية انتقال سياسي.

وبدأت الجلسة بكلمة لرئيس الجمعية فوك جيرميك قال فيها إن الشعب السوري «وقع في براثن عنف دام ومتصاعد»، مضيفا أن نحو 80 ألف شخص قتلوا في سوريا منذ بدء أعمال العنف قبل أكثر من عامين، معظمهم من المدنيين. وأضاف جيرميك أن بعض التقديرات تشير إلى وجود نحو 4 ملايين نازح داخل سوريا، وأن مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين سجلت نحو 1.5 مليون لاجئ سوري في دول الجوار.

وأبدي كل من مندوب روسيا وإيران وجنوب أفريقيا وكوريا الشمالية وكوبا معارضتهم لمشروع القرار ودعوا الدول الأعضاء بالجمعية العامة إلى التصويت ضده. وحذرت روسيا من أن التصويت لصالح القرار سيؤدي إلى تقويض الجهود الدولية للتوصل إلى حل سياسي للأزمة السورية في ضوء تعاون الولايات المتحدة وروسيا لعقد مؤتمر دولي لبحث الأزمة. فيما أوضح مندوب المملكة العربية السعودية والولايات المتحدة وتركيا دعمهم لمشروع القرار ودعوا الدول إلى التصويت لصالحه باعتباره تصويتا للتاريخ والحرية والقيم الإنسانية، وتحفظت دول أخرى مثل الهند والبرازيل، وأبدت دول أخرى أبرزها الأرجنتين ودول أميركا اللاتينية رغبتها في تعديل مسودة القرار والأخذ في الاعتبار اعتراضات الدول الأعضاء والحد من لغة الاعتراف بالائتلاف الوطني السوري بأنه الممثل الشرعي للشعب السوري.

ويحمل القرار الحكومة السورية مسؤولية تواصل العنف، وذلك لاستخدامها الدبابات والطائرات والصواريخ البالستية في قصف المناطق المدنية والانتهاكات الممنهجة لحقوق الإنسان، كما يدين العنف أيا كان مصدره. ويعرب القرار على لسان الدول الموقعة عليه عن القلق الشديد من احتمالات قيام الحكومة السورية باستخدام الأسلحة الكيماوية داعيا إلى الوصول غير المقيد لمحققي الأمم المتحدة إلى داخل سوريا والدفع لتحقيق انتقال سياسي يقوده السوريون مع الائتلاف الوطني السوري ممثلا للشعب السوري ومحاورا فعالا وضروريا في عملية الانتقال السياسي في سوريا. ويرحب مشروع القرار بالقرارات التي أصدرتها جامعة الدول العربية بهدف التوصل إلى حل سياسي للأزمة السورية لكنه لا يتطرق لقرار الجامعة وأعطت بموجبه الدول العربية حق تقديم العون العسكري للمعارضة السورية.

وقد صوتت الدول الأعضاء بالجمعية العامة للأمم المتحدة التي تضم 193 عضوا على مشروع القرار بعد قيام عدد كبير من مندوبي الدول الأعضاء بإلقاء كلمتهم.

وخلافا لقرارات مجلس الأمن الملزمة قانونا، فإن قرارات الجمعية العامة للأمم المتحدة لا تكتسب الصفة الإلزامية إذ يعد القرار في حال الموافقة علية قرارا غير ملزم لكنه يعد قرارا أخلاقيا يعكس إجماع المجتمع الدولي على إدانة العنف.

وفي سبيل الحشد للتصويت لصالح القرار، شدد مسعد بن حمد آل ثاني سفير قطر إلى الأمم المتحدة على ضرورة أن تصوت الدول لهذا القرار لإدانة العنف موضحا أن القرار يتحلى بالموضوعية والإنصاف وإدانة كل أعمال العنف أيا كان مصدرها، مضيفا «إن قراءة متعمقة لنص القرار ستكشف أنه يسعى لدعم الجهود لحقن دماء السوريين ومساندة الجهود الدولية والدبلوماسية وحماية النازحين واللاجئين ووضع حد لإفلات المسؤولين عن العنف من العقاب». وقال سفير قطر: «مشروع القرار يلتزم بمبدأ سيادة الدولة وعدم استخدام القوة والقرار ليس ذريعة للتدخل العسكري، بل يدعو إلى تقديم المساعدة للشعب السوري لأن ما يحدث في سوريا أمر غير مقبول ليس فقط لاعتبارات إنسانية وإنما لاعتبارات حفظ الأمن والسلم الدولي».

من جانبه، شن بشار الجعفري مندوب سوريا إلى الأمم المتحدة هجوما شديدا على القرار متهما الدول المقدمة لمشروع القرار بأنهم لا يسعون لحل سياسي للأزمة بل لتغيير النظام. وألقى الجعفري بمسؤولية العنف على الجماعات الإرهابية المرتبطة بتنظيم القاعدة التي تسعى لتأسيس خلافة إسلامية مجاهدة وتقوم بانتهاكات موثقة لحقوق الإنسان وعمليات خطف لرجال دين إسلامي ومسيحي وهدم للمعالم الأثرية والرموز الفكرية.

واتهم الجعفري عواصم عربية وغربية برعاية وتمويل المعارضة السورية، قائلا إنه «كلما لاح في الأفق ملامح حل للأزمة السورية تتسارع خطوات بعض الدول لإجهاض هذا التوجه ورسالتهم أن الحل السياسي غير مسموح به في سوريا» واعتبر الجعفري القرار سباحة ضد التيار في ضوء التقارب الأميركي الروسي الذي رحبت به سوريا.

وانتقد الجعفري عدم ورود كلمة إرهاب في مشروع القرار ومنح الائتلاف الوطني السوري صفة دولية بما يقطع الطريق أمام أي حل سلمي للأزمة واعتبر ذلك انتهاكا واضحا لميثاق الأمم المتحدة وأحكام القانون الدولي. وأيدت مندوبة الولايات المتحدة مشروع القرار مشيرة إلى تبعات الأزمة السورية على دول الجوار التي تتحمل أعباء اقتصادية وسياسية وأمنية باستضافتها لعدد كبير من اللاجئين وقال: «لقد أعلنت الولايات المتحدة وروسيا عن عقد مؤتمر يضم المعارضة والنظام للتوصل إلى حل سلمي للأزمة السورية وهذا القرار يتماشى مع المبادرة وأن الحل السياسي هو أفضل حل ولذا ندعم هذا القرار».

ورفض المندوب الروسي مشروع القرار موضحا أنه لا يستهدف البحث عن حل سياسي للأزمة السورية وإنما الدفع من خلال الأمم المتحدة لاستبدال الحكومة الرسمية في سوريا وأنه يركز على تحقيق أهداف سياسية محدودة ويمهد الطريق لانتقال السلطة للائتلاف السوري الذي تم تشكيله بمعونة دول أجنبية. وقال المندوب الروسي إن «مشروع القرار يسعى لتقويض المبادئ العالمية وتقويض سيادة سوريا خصوصا أن الجانب الأكبر من المجتمع السوري لا يزال يؤيد حكومته ونحن نسعى إلى حل دولي قائم على اجتماع دولي يستند إلى قرارات جنيف ولسنا بحاجة إلى مبادرات تلهينا عن هذا الهدف وندعو لسحب القرار والتصويت ضد المشروع».