امتناع الحكومة الكويتية عن حضور جلسات البرلمان يؤجل الأزمة السياسية لأسبوعين

أمير البلاد استقبل رئيس مجلس الوزراء.. ورئيس مجلس الأمة يجتمع اليوم بالنواب

البرلمان الكويتي في إحدى جلساته السابقة (رويترز)
TT

امتنعت الحكومة الكويتية أمس لليوم الثاني على التوالي عن حضور جلسات مجلس الأمة (البرلمان)، ما اضطر رئيس المجلس علي الراشد إلى رفع الجلسة، في مؤشر على استمرار الأزمة السياسية بين الحكومة والبرلمان التي نشبت بعد تقديم خمسة نواب بالبرلمان استجوابين لوزيري الداخلية والنفط، وتقديم وزراء في الحكومة استقالاتهم احتجاجا على طلب النواب.

واستقبل أمير البلاد الشيخ صباح الأحمد في مكتبه أمس رئيس الوزراء الشيخ جابر المبارك، كما كشف رئيس البرلمان علي الراشد عن لقاء جمعه مع رئيس الحكومة، معتبرا أن الأمور بين السلطتين التشريعية والتنفيذية تسير في الطريق السليم. وأضاف الراشد بعد رفعه جلسة البرلمان أمس: «التقيت رئيس الحكومة الشيخ جابر المبارك (أمس) وسأدعو نواب الأمة إلى اجتماع سنعقده غدا (اليوم) في مكتب مجلس الأمة (البرلمان) لشرح تفاصيل اللقاء، وأطمئن الجميع بأن هناك تفهما من رئيس الوزراء، لا سيما أن الاستجواب حق دستوري للنائب ولا يمكن اعتباره صداما، وستبقى الاستجوابات مدرجة على جدول أعمال الجلسة المقبلة، وهناك تنسيق وتفهم من جميع الأطراف ولن يكون إلا الخير، ولن يكون هناك أي طلب حكومي لسحب أي استجواب تم تقديمه لأي من الوزراء».

ونفى الراشد احتمالات إجراء تعديل وزاري، أو رفع الحكومة طلبا للأمير يتضمن تأجيل عقد جلسات البرلمان لمدة شهر بموجب المادة 106 من الدستور، معتبرا ذلك «مجرد شائعات». وأضاف: «هذا الأمر غير مطروح». وعلق الراشد على استقالة الوزراء بأن «هذا الأمر بيد أمير البلاد، وهو من يقرر في هذا الشأن، وإن شاء الله ستسير الأمور بالطريق الأفضل خلال الأسبوعين المقبلين، وهو الموعد المفترض لجلسة البرلمان المقبلة، وسيكون هناك تعاون ولن يحدث صدام بين السلطتين التشريعية والتنفيذية». واستبعد الراشد تأجيل استجوابي وزيري الداخلية والنفط، ثم استردك بالقول: «لكن إذا طرح هذا الأمر فإن القرار سيكون للنواب».

يذكر أن الكويت تشهد أزمة سياسية بين الحكومة والبرلمان الأسبوع الحالي، بعد تقديم خمسة نواب طلبي استجواب بحق وزيري الداخلية الشيخ أحمد الحمود الصباح، والنفط هاني حسين، منتصف الأسبوع، وفي وقت تترقب فيه السلطتان التشريعية والتنفيذية حكما يفترض صدوره من المحكمة الدستورية منتصف الشهر المقبل من شأنه تقرير مصير البرلمان الذي لم يتجاوز عمره ستة شهور.

وانعكست الأزمة السياسية على البرلمان حيث امتنعت الحكومة عن حضور الجلسة العادية المحددة يوم الأول من أمس والمقرر استكمالها يوم أمس، وهو ما دفع برئيس البرلمان علي الراشد إلى رفع الجلسة ليمد الأزمة السياسية إلى نهاية الشهر الحالي، حيث من المقرر أن يعقد البرلمان جلسته العادية المقبلة يوم الثلاثاء 28 مايو (أيار) الحالي.

وقدم وزراء الحكومة الكويتية استقالة جماعية لرئيس الحكومة الشيخ جابر المبارك بعد اجتماع لمجلس الوزراء خلال الأسبوع، احتجاجا على إخلال نواب البرلمان باتفاق سابق لهم على منح الحكومة فرصة للعمل مدتها ستة شهور، وتأجيل تقديم الاستجوابات والمساءلة إلى دور الانعقاد المقبل نهاية أكتوبر (تشرين الأول) المقبل.

وبحثت الحكومة في اجتماعها ثلاثة خيارات لتفادي مواجهة البرلمان، الأول يتمثل بإجراء تعديل وزاري بعد تقديم الوزراء استقالاتهم الجماعية، والثاني رفع الحكومة إلى أمير البلاد الشيخ صباح الأحمد كتاب عدم تعاون مع البرلمان، على أن يختار الأمير بين إقالة الحكومة وحل البرلمان الذي لم يتجاوز عمره ستة شهور، والثالث الطلب من الأمير استخدام المادة 106 من الدستور التي تمكنه من تعليق أعمال البرلمان لمدة شهر لحين صدور حكم المحكمة الدستورية منتصف الشهر المقبل، والذي يتعلق عليه مصير البرلمان.

وتنص المادة 106 من الدستور الكويتي المعمول به منذ عام 1962 على أن «للأمير أن يؤجل بمرسوم اجتماع مجلس الأمة (البرلمان) لمدة لا تتجاوز شهرا ولا يتكرر التأجيل في دور الانعقاد الواحد إلا بموافقة المجلس ولمدة واحدة ولا تحسب مدة التأجيل ضمن فترة الانعقاد».

يذكر أن النائبين يوسف الزلزلة وصفاء الهاشم قدما منتصف الأسبوع الحالي استجوابا لوزير الداخلية الشيخ أحمد الحمود الصباح لمساءلته عن عدم تعاونه مع البرلمان وحدوث انتهاكات للأحكام القضائية وحوادث انفلات أمني وما اعتبره المستجوبان تسترا على المتهمين الكويتيين بقضية الإخوان المسلمين التي تم إلقاء القبض عليهم في الإمارات نهاية العام الماضي، وهو ما اعتبره المستجوبون عرض أمن الإمارات للخطر كون الوزير لم يرد على طلب دولة الإمارات العربية بمعلومات عن المتهمين الكويتيين في الخلية التابعة للإخوان المسلمين الذين ساهموا واشتركوا بالدعم المادي والمعنوي لزعزعة أمن الإمارات واستقرارها، خصوصا أن الجهات الأمنية الإماراتية قدمت تسجيلات صوتية ومرئية ووثائق وأدلة كافية على تورط بعض الكويتيين، إلا أن الوزير بحسب المستجوبين لم يحرك ساكنا لاعتبارات سياسية باعتبار أن من بينهم نوابا سابقين بالبرلمان.

أما استجواب وزير النفط هاني حسين فجاء لمساءلته حول تكبد الكويت غرامة لشركة «الداوكميكال» للبتروكيماويات بعد تراجع الحكومة نهاية عام 2008 عن إبرام صفقة شراكة بين الطرفين بلغ الشرط الجزائي فيها ملياري دولار أميركي، إضافة إلى قيام محطات تزود بالوقود تابعة لإحدى شركات «مؤسسة البترول الكويتية» ببيع خمور ومجلات خليعة، ومخالفة القطاع النفطي مقاطعة إسرائيل بإبرام شراكة أجنبية مع شركة إسرائيلية، وكذلك وجود تجاوزات في الترقيات التي أجريت مؤخرا في القطاع النفطي على مستوى القياديين.