تجدد الأزمة بين القضاة والمجلس التشريعي في مصر.. على الرغم من وعود رئيس الدولة

«القضاء الأعلى» علق مؤتمر العدالة ردا على مناقشة البرلمان قانونا مثيرا للجدل

TT

دخلت الأزمة بين السلطتين القضائية والتشريعية في مصر «نفقا مظلما»، بعد أن أعلن مجلس القضاء الأعلى أمس تعليق الجلسات التحضيرية لـ«مؤتمر العدالة» الذي كان من المقرر أن يرعاه رئيس الدولة. وجاء موقف «القضاء الأعلى» ردا على تحديد المجلس التشريعي جلسة عاجلة لمناقشة مشروع قانون السلطة القضائية المثير للجدل، الذي يعزل عمليا أكثر من 3000 قاض، وترفضه الغالبية العظمى من القضاة.

وقال مجلس القضاء الأعلى في بيان أمس إنه تقرر تعليق الأعمال التحضيرية لمؤتمر العدالة، لحين وضوح الرؤية بشأن ما يدور في مجلس الشورى (المجلس التشريعي) عن قانون السلطة القضائية، وأن مجلس القضاء سوف يدرس كل ما يرد إليه من بدائل للخروج من هذه الأزمة.

وقال المستشار ماهر البحيري، رئيس المحكمة الدستورية العليا، لـ«الشرق الأوسط» إن القرار جاء بعد التنسيق مع رؤساء الجهات والهيئات القضائية، لكنه فضل عدم التعليق على قرار المجلس التشريعي بمناقشة القانون لحساسية منصبه.

وتفجرت الأزمة بين القضاة والمجلس التشريعي، الذي تهيمن عليه جماعة الإخوان المسلمين، في أبريل (نيسان) الماضي، بعد أن طالبت الجماعة في مظاهرات حاشدة بما سمته «تطهير القضاء». ودفع حزب الوسط - الحليف للإخوان - بمشروع قانون لتعديل ثلاث مواد في قانون السلطة القضائية، أهمها خفض سن تقاعد القضاة إلى 60 عاما بدلا من 70 عاما.

وسعى الرئيس مرسي إلى تخفيف حدة الأزمة والتقى بشيوخ القضاء نهاية الشهر الماضي، وتم التوافق على عقد مؤتمر للعدالة تحت رعاية الرئيس. وأرجأ المجلس التشريعي نظر مشروع القانون، لكنه عاد أول من أمس إلى طرح مناقشة القانون، وهو ما اعتبره القضاة استباقا لنتائج المؤتمر.

وجاء قرار مجلس القضاء بتعليق الأعمال التحضيرية للمؤتمر الذي كان مقررا أن يتم برعاية الرئيس محمد مرسي المنتمي لجماعة الإخوان، عقب ساعات من قرار نادي قضاة مصر بمقاطعة مؤتمر العدالة.

وقال المستشار سامح السروجي، عضو مجلس إدارة نادي القضاة، لـ«الشرق الأوسط» أمس، إن «قرار مجلس القضاء الأعلى جاء سريعا؛ لأنهم أدركوا ما تتعرض له السلطة القضائية من فخاخ للإيقاع بها». وأشار السروجي إلى أنه لا يوجد أي تواصل حاليا بين نادي القضاة ووزير العدل الجديد المستشار أحمد سليمان.

وأعلن نادي القضاة في بيان له أمس أنه «على غير ما قُطع من عهود وأُعطي من وعود، فاجأ مجلس الشورى الجميع بمعاودة طرح مشروع القانون المشبوه مرة أخرى، وحدد جلسة 25 مايو (أيار) لعرضه على المجلس». وقرر النادي مقاطعة المؤتمر، كما طالب وزير العدل الجديد بمقاطعة المؤتمر أيضا نزولا على رغبة القضاة.

وشدد نادي القضاة على أن «كل من يعصف بإرادة القضاة ويخرج عن إجماعهم ويشارك في هذا المؤتمر يُسأل عن مشاركته بصفة شخصية؛ أيا كان موقعه»، مؤكدا أن «القضاة لم يفوضوا أحدا مهما كانت صفته في تمثيلهم في هذا المؤتمر، وأن كل من يعمل على خلاف ذلك يكون خارجا عن إجماعهم مبددا لوحدتهم، أما عن القانون المشبوه فإن قضاة مصر مطمئنون ومن خلفهم شعب مصر إلى أنه لن يرى النور».

واعتبر الفقيه الدستوري الدكتور محمد نور فرحات قرار المجلس التشريعي بمناقشة قانون السلطة القضائية «دليلا جديدا على أن الحزب الذي ينتمي له الرئيس مرسي (الحرية والعدالة الذراع السياسية لجماعة الإخوان) لا يلتزم بعهود تقطعها الرئاسة»، مشيرا إلى أن هناك افتقارا في الحزب لآليات التنسيق مع الرئيس مرسي، الذي كان رئيسا للحزب.

من جانبه، قال المتحدث الرسمي باسم جماعة الإخوان إن «الجماعة تنأى بنفسها عن الدخول في هذا الجدال حتى لا يتم تسييس القرار»، معتبرا أن قرار مجلس القضاء الأعلى شأن قضائي خاص.

وكان المستشار أحمد مكي وزير العدل السابق قد استقال من منصبه احتجاجا على مناقشة مشروع القانون. ووعد وزير العدل الجديد المستشار سليمان بعدم تمرير قانون السلطة القضائية من دون توافق الأطراف جميعها على نصوصه.