إدارة أوباما تبرر اختراقها لاتصالات الإعلام بالتحقيق في «تسريبات خطرة»

وزارة العدل: تحركنا ضد سجلات وكالة «أسوشييتد برس» حدد بفترة زمنية منطقية ولا يشمل مضمون المحادثات

TT

اضطرت الإدارة الأميركية للدفاع عن الحرب التي تشنها ضد تسريب مفترض لمعلومات سرية، وبررت وضع يدها، في خطوة مثيرة للجدل، على سجلات الاتصالات الهاتفية لأكبر وكالة أنباء أميركية بحالة «تعرض الأميركيين للخطر».

وكانت وكالة «أسوشييتد برس»، المعروفة اختصارا بـ«أ.ب»، قد نددت الاثنين الماضي بـ«تدخل كثيف وغير مسبوق» لوزارة العدل التي وضعت يدها سرا عام 2012 على شهرين من سجلات الاتصالات الهاتفية للوكالة وعدد من صحافييها. وردا على حملة انتقادات أعلن وزير العدل إريك هولدر أنه تم وضع اليد سرا على سجلات الاتصالات الهاتفية ضمن تحقيق بشأن ثغرة أمنية وضعت أرواح الأميركيين في خطر. وقال هولدر خلال مؤتمر صحافي مساء أول من أمس: «عملت مدعيا عاما منذ عام 1976 وأقر بأن هذا كان من التسريبات الأكثر خطورة إن لم يكن الأخطر»، مضيفا: «إنه تسريب خطير، بالغ الخطورة». وتابع: «هذه ليست مبالغة. إن (هذا التسريب) يعرض الأميركيين للخطر. وأعتقد أن محاولة تحديد المسؤول عنه كانت تتطلب تحركا هجوميا» من دون أن يحدد ما إذا كان الإجراء شمل وسائل إعلام أخرى.

وبحسب وكالة «أ.ب»، فإن التحقيق الذي استوجب وضع اليد على سجلات الاتصالات الهاتفية يتعلق بمقالة حول عملية لوكالة «سي آي إيه» في اليمن أحبطت في ربيع 2012 مخططا لـ«القاعدة» يهدف إلى تفجير قنبلة في طائرة متوجهة إلى الولايات المتحدة.

وأوضح جيمس كول مساعد الوزير الذي أمر بهذا الإجراء في رد على وكالة الأنباء أن تنظيمات الوزارة تنص على «وضع اليد على سجلات هاتفية لمنظمات إعلامية في ظروف معينة فقط»، ونظرا إلى «طبيعة هذا التحقيق الجنائي حول معلومات بالغة السرية»، فإن إجراء وضع اليد على السجلات «حدد بفترة زمنية منطقية ولم يشمل مضمون الاتصالات». ورد غاري برويت رئيس مجلس إدارة «أسوشييتد برس» بأن الإجراء شمل اتصالات «ما يزيد على مائة صحافي»، متسائلا: «كيف يمكن الاعتبار أن هذا التحقيق كان ضيق النطاق؟».

واعتبر السيناتور الديمقراطي هاري ريد أن هذا الإجراء «لا يقبل الاعتذار»، وقال: «أجد صعوبة في الدفاع عما قامت به وزارة العدل. لا مجال على الإطلاق لتبريره».

كما ندد رئيس منظمة «مراسلون بلا حدود» كريستوف دولوار بـ«انتهاك فاضح للضمانات الدستورية». واعتبر «الاتحاد الأميركي للحريات المدنية» الإجراء بمثابة هجوم على حرية الصحافة التي يفترض أن يكون بوسعها إطلاع الجمهور «بعيدا عن خطر التعرض للمراقبة بشكل غير مبرر». وقال ديفيد بوزن اختصاصي قوانين الأمن القومي في جامعة كولومبيا: «أشعر بالدهشة لتوسيع مدى البحث سعيا عن سجلات اتصالات (إيه بي)» متحدثا عن «تفسير واسع النطاق» لصلاحيات الوزارة.

وأكد المتحدث باسم البيت الأبيض جاي كارني الثلاثاء الماضي أن الرئيس باراك أوباما «يؤيد بحزم فكرة عدم إعاقة الصحافة»، لكنه لفت في الوقت نفسه إلى أنه «ينبغي التصرف بحيث لا تتعرض معلومات سرية لتسريبات، لأن ذلك قد يهدد مصالح أمننا القومي»، داعيا إلى «إيجاد نقطة توازن».

وعملت إدارة الرئيس أوباما بشكل نشط على ملاحقة التسريبات المتعلقة بملفات سرية. وأفادت جمعية «برو بوبليكا» بأن الإدارة تقدمت بست دعاوى قضائية استنادا إلى القانون حول التجسس الذي يعود إلى الحرب العالمية الأولى، متخطية بذلك أي رئاسة أخرى. وفي هذا السياق حكم على عميل سابق في «سي آي إيه» جون كيرياكو في يناير (كانون الثاني) الماضي بالسجن سنتين ونصف السنة لكشفه اسم عميل سري شارك في استجوابات حساسة لموقوفين يشتبه بأنهم من عناصر «القاعدة». وفي يونيو (حزيران) المقبل، تبدأ محاكمة الجندي برادلي مانينغ الذي يواجه عقوبة السجن مدى الحياة لتسريبه عشرات آلاف الوثائق السرية إلى موقع «ويكيليكس».