نساء الإرهاب..10 سنوات ما بين دهاليز الإنترنت وسراديب اليمن

غواية الزعامة والشهرة تسقط «حرائر القاعدة»

نساء القاعدة بأسلحتهن
TT

قرابة العشرة أعوام فصلت ما بين القبض على أول وجه نسوي قاعدي في السعودية، زوجة صالح العوفي في عام 2004، وهروب أروى البغدادي إلى اليمن، بحسب تغريداتها مؤخرا؛ تعد كفيلة لتتبّع خطى تنظيم القاعدة في السعودية حتى انصهاره فيما يسمى تنظيم القاعدة في جزيرة العرب، لمحاولات تجنيد مقاتلات بين صفوف التنظيم رغم ضربهم عرض الحائط بفتوى زعيم التنظيم الحالي «الظواهري» وما وجّهته زوجته «أميمة» في ديسمبر (كانون الأول) 2009 من رسالة مفتوحة إلى النساء المسلمات بـ«عدم الالتحاق بالجهاد»، وذلك لأن طريق القتال «ليس سهلا بالنسبة للمرأة، فهو يحتاج إلى محرم؛ لأن المرأة يجب أن يكون معها محرم في ذهابها وإيابها»، ودعتهن إلى «دعم الجهاد بوسائل أخرى».

خريف جديد بدأته سيدات «القاعدة» بانضمام وفاء الشهري (أم هاجر الأزدي) إلى زوجها سعيد الشهري، الرجل الثاني في تنظيم قاعدة الجهاد في جزيرة العرب في الثاني عشر من مارس (آذار) 2009، بعد تسللها وهروبها إلى اليمن لتلحق بشقيقها يوسف وابن أخيها عبد الإله، الذي يعد أصغر مطلوب أمني في العالم أدرج ضمن قائمة الـ85 مطلوبا أمنيا، معلنة انتسابها صراحة للتنظيم في مقالة لها في مجلة «صدى الملاحم» (النافذة الإعلامية للتنظيم) كانت بعنوان «أحقا أسرت يا أم الرباب»، بعد اعتقال أجهزة الأمن سيدة «القاعدة» الأولى بحسب شهادة التنظيم ذاته (هيلة القصير) في عام 2010.

فقبل أن تغادر زوجة نائب تنظيم القاعدة، وفاء الشهري، مسكن والدها بحي النسيم، شرق الرياض، إلى اليمن، مناشدة زوجات الإرهابيين اللحاق بأزواجهن إلى اليمن ومناصرتهم، لتتلقف رسالتها، وعقب عامين، ثاني الهاربات «البغدادي»، بعد توديعها لزوجها في رسالة قصيرة دونتها عبر حسابها في «تويتر»: «زوجي العزيز.. أضحت جراح المسلمين تدميني، فأصبحت بين خيارين؛ إما فراقك والنفير، أو الخذلان والنعيق مع القاعدين».

أروى عصام طاهر بغدادي زوجة السجين ياسين العمري، المسجون منذ 10 أعوام بتهمة الانتماء إلى تنظيم القاعدة، وأم لطفلين، شقيقها محمد البغدادي قتل في إحدى المداهمات، وكان حينها على قائمة المطلوبين أمنيا بتهمة تجنيد صغار السن وتسهيل سفرهم لأماكن مضطربة، فيما قضى شقيقها الآخر أنس عقوبة السجن للأسباب الإرهابية ذاتها، قبل أن يلوذ بالفرار برفقتها.

خضعت البغدادي للمحاكمة بتهمة التورط مع خلايا «الفئة الضالة» بعد مقتل شقيقها في ديسمبر 2010 في نقطة تفتيش «المثلث» بمحافظة وادي الدواسر (600 كيلومتر جنوب العاصمة السعودية الرياض)، إلا أنها خرجت بكفالة في منتصف العام الماضي 2012.

وكان مقررا حضورها جلسات قضائية تعقد لمحاكمتها بعد إطلاق سراحها بكفالة وبقائها بمنزل ذويها، وهي من الأسماء التي وردت في قائمة الأسماء التي طالب بها مفاوض «القاعدة» المطلوب على القائمة الـ85، مشعل الشدوخي، خلال الاتصالات التي أجراها بالسفير السعودي لدى اليمن علي الحمدان، مقابل الإفراج عن الدبلوماسي السعودي المختطف عبد الله الخالدي، والتي ضمت أسماء 9 رجال و6 نساء.

في الفترة ما بين (2001 - 2003) اقتصر دور التجنيد النسوي على ما يسمى (الجهاد الإلكتروني)، وبلغن ذروة نشاطهن في (2004)، وبحسب دراسة لحملة السكينة، فإن 40 في المائة من مواقع أصحاب الفكر المتطرف كانت تديرها نساء وتشرف عليها، وكان لهن دور في التأثير على الآخر أو الزوج ودفعه للانضمام إلى جماعات الفكر الضال، مع تقديم الدعم المعنوي أو التقني لهذه التنظيمات، ومنه مجلة «الخنساء»، والتي صدر أول أعدادها في عام 2004 لتجنيد النساء، ليبرز دور أنثى «القاعدة» على المستوى الفكري والتأصيلي دون الاقتصار على الدعم اللوجستي والخدمات المساندة فحسب، كإعداد المشرب والمسكن وتوفير الراحة للزوج وإيواء رفاقه وخدمتهم.

لتبدأ بتأليف وإعداد الرسائل والكتيبات والمطويات وفق منهج التنظيم، كرسالة حملت عنوان «يا نساء دوركن.. فقد نام الرجال»، نشرها موقع «صوت الجهاد»، لمن أطلقت على نفسها «منى صالح الشرقاوي».

ورغم تراجع (أم أسامة)، مسؤولة تحرير مجلة «الخنساء» الإلكترونية، وهي سيدة مصرية، إثر مناصحتها لما تحمله من أفكار بعد اعتقالها، وبث التلفزيون السعودي اعترافاتها في 14 يوليو (تموز) 2008؛ عاد من جديد سلاح الشبكة العنكبوتية الأنثوي بإعلان السلطات السعودية في 26 من ديسمبر 2010 اعتقال خبيرة الإنترنت صاحبة معرفات (الأسد المهاجر- الغريبة – بنت نجد الحبيبة – النجم الساطع) على شبكة الإنترنت من بين 149 شخصا ضمن 19 خلية، خططوا لتنفيذ اغتيالات بحق رجال أمن ومسؤولين وإعلاميين ومستأمنين.

واعتبرت الجهات الأمنية «الأسد المهاجر»، في العقد الثالث من عمرها، خبيرة في الإنترنت ومجال الحاسوب، وتركز دورها في عملية النشر والتسويق للفكر المتطرف وأبجديات «القاعدة»، وقد أخذ دورها بعدا لوجيستيا وفكريا أكثر من ارتباطه بالدعم المادي أو العسكري، بخلاف زعيمتها «هيلة القصير».

لتؤثر سيدات «القاعدة» دخول التنظيم من أبواب متفرقة، فبينما دخلت وفاء الشهري، أو كما فضلت تسمية نفسها «أم هاجر الأزدي»، «القاعدة» من باب «الأم الروحية»، تسللت هيلة القصير من نافذة «العمل الميداني»، وفي حين اقتحمت «الأسد المهاجر أو بنت نجد» ديار «القاعدة» بحملها حقيبة التنظير الشرعي، فرت «أروى البغدادي» إلى «سراديب القاعدة» باليمن في انتظار دور تتلقفه.

ورغم التباين الاجتماعي بين نسوة «القاعدة» الشهيرات وأدوارهن داخل التنظيم، فإنهن جميعا اشتركن في أسباب الانخراط عبر تناول إرث الفكر المتطرف من زوج أو أب أو أخ، سواء كان ذلك مع «أم الرباب» أو «هاجر الأزدي» أو «البغدادي» أو «الأسد المهاجر»، لتلعب بدورها نون النسوة أدوارا كبيرة في نشر الفكر المتطرف والترويج له بالكتابة والمناظرة والدعوة إليه في الأوساط النسائية، بما في ذلك التمويل وحيازة السلاح.

إلا أن «القاعدة»، بحسب عبد المنعم المشوح، مسؤول حملة السكينة التابعة لوزارة الشؤون الإسلامية؛ لم تنجح بالشكل المطلوب في تجنيد المرأة، فحجم مشاركتها لم يصل للمستوى الذي خطط له رموز التنظيم منذ 2001 – 2003م، حين صدور عدّة فتاوى وبيانات ومجلات تحث على إشراك المرأة في جميع أنواع العمليات، سواء كانت فكرية أو ميدانية.

ورغم فشل «القاعدة» في تجنيد النساء بالشكل المطلوب، فإن المشوح اعتبر المرأة (ورقة رابحة) بالنسبة للتنظيمات المتطرفة يُمكن تحريكها بشكل أفضل وسط المجتمعات. وأضاف أن «القاعدة فشلت في تحقيق استهدافها المرأة بالسعودية، فالمتعاطيات فعليا مع التنظيم عدد قليل جدا، والمتعاطفات لا يمثلن نسبة كبيرة»، مشيرا إلى أن «نسبة التراجع لدى المتعاطفات أكبر».

وبحسب ما أعلنت عنه الداخلية السعودية في وقت سابق، فقد بلغ عدد من أدخلن إلى مركز المناصحة لتصحيح عقيدتهن، 11 امرأة، حكم على واحدة منهن، وهي من أطلق عليها التنظيم نفسه لقب «سيدة القاعدة»، بالسجن 15 عاما، وتبعا للداخلية فإن «غالبية الحالات النسائية مغرر بهن»، مستطردا «غير أنه في حالة واحدة أو أكثر، تأثرت المرأة بالفكر الضال نتيجة تصفح مواقع تخدم أغراض الفئة الضالة».

وبشأن مستقبل تجنيد المرأة والاستفادة منها في أدبيات المتطرفين، يرى المشوح وجود إنتاج فكري متطرف من قبل «القاعدة» أو الجماعات المتطرفة تستهدف المرأة، وهو متوافر ويُعاد إنتاجه الآن بشكل كبير عبر شبكات التواصل الاجتماعي، مضيفا إلى ذلك بحث «القاعدة» والتنظيمات المشابهة عن (الطاقات المُعطّلة)، ويقصدون بهم من لم يستطيعوا الإفادة منهم؛ كالمرأة، والأطفال، والمسلمين الجدد، والذين يطلق عليهم بحسب التنظيم (الذئاب المنفردة).

وأوضح مسؤول حملة السكينة أن مثل هذه المعطيات تؤهّل لتنشيط التجنيد في الأوساط النسائية، مستبعدا تحقيق نجاحات في داخل السعودية. وأضاف قائلا: «وجود حالات متطرفة تمارس العنف، سواء على المستوى الفكري أو الميداني، أمر متوقع، لكنه سيكون محدودا جدا ويمكن وضعه في تصنيف النادر، فالقاعدة منذ 2010 وهي تتجه بشكل كبير إلى أميركا وأوروبا ودول الاتحاد السوفياتي المستقلة، والآن أضافت دول الثورات الجديدة التي تستطيع التحرك فيها وسط الفوضى».

ودعا المشوح إلى أهمية بذل الجهود في عملية التحصين والتوعية داخل الأوساط النسائية، مثنيا على ما اتخذ من إجراءات في سبيل تطوير المدارس النسائية التي تشرف عليها وزارة الشؤون الإسلامية، ووضع الأنظمة التي تضبط عملها، وكذلك إشراك المرأة في صناعة القرارات الذي يؤثر إيجابيا في نمو الروح الوسطية الفاعلة المنتجة ومثله التوسع في توظيفها وعملها، قائلا: «واقع المرأة في السعودية تغيّر كثيرا ويتجه للتغير، والذي نأمل أن يكون في الاتجاه الإيجابي النافع الذي يخدم في النهاية مصلحة الوطن والمجتمع تحت مظلة شرعية وسطية».

ورغم اعتراف التنظيم في السعودية بأدوار سيداته وإعلانه أسماءهن والإشادة بسيرتهن، واصفا نسوته بـ«حفيدات أم عمارة»؛ فإن ذلك لم يمنع من شنّ الحملات الحقوقية لإسقاط كافة التهم الموجهة إليهن وإطلاق «الحرائر» اللائي لا تلائمهن السجون بخلاف كهوف وسراديب «القاعدة» في اليمن. فبحسب ما أتى على لسان محمد الشدوخي، مفاوض التنظيم، قائلا: «أطلقوا جميع المسجونات وسلموهن للتنظيم في اليمن»، من بينهن كانت أروى البغدادي، لتسقط «الزعامة والقيادة والشهرة» بغوايتها من جديد (حرائر القاعدة).

* وفاء الشهري

* في أواخر عام 2009 خرجت «أم هاجر الأزدي» أو وفاء الشهري للانضمام إلى زوجها سعيد الشهري في اليمن، لتكون أول امرأة سعودية تخرج من بلدها وتنضم لتنظيم القاعدة بمساعدة من أخطر امرأة في «القاعدة» هيلة القصير التي ألقي القبض عليها من قبل الجهات الأمنية بعد ذلك في عام 2010.

وكانت الشهري قد غادرت مسكن والدها بحي النسيم شرق الرياض إلى اليمن في أثناء إحدى العواصف الترابية، لتختفي مع أبنائها الثلاثة وتظهر فيما بعد في اليمن عبر حوار بث عبر الشبكة العنكبوتية.

وتزوجت «الشهري» باثنين من المنتمين إلى «القاعدة» بعد طلاقها من زوجها الأول، وهما عبد الرحمن الغامدي الذي قتل في مواجهة مع قوات الأمن السعودية 2004 في مدينة الطائف، ثم بعد ذلك من الرجل الثاني في التنظيم سعيد الشهري، وهو أحد العائدين من غوانتانامو.

* هيلة القصير..

* تبلغ من العمر 37 عاما وتحمل مؤهلا جامعيا، وقد ألقت الأجهزة الأمنية القبض عليها في 6-3-1431هـ بسبب انضمامها لتنظيم القاعدة، ووجه المدعي العام بحقها 18 تهمة منها الانضمام لتنظيم القاعدة، وتقديم خدمات للتنظيم واعتناقها للمنهج التكفيري ومذهب الخوارج. وتضمنت لائحة التهم الموجهة ضد هيلة القصير 18 تهمة من أبرزها جمع أكثر من مليون ريال وذهب وتسليمه لعناصر من تنظيم القاعدة داخل وخارج المملكة، ومساهمتها في القيام بنقل أجهزة اتصال لاسلكي وتمور من منطقة القصيم للمنطقة الجنوبية بهدف توصيلها لعناصر تنظيم القاعدة باليمن، ومن ضمن التهم الموجهة لها التزوير وقد تمت مصادرة حاسب آلي بحوزتها عثر بداخله على معلومات تؤكد تورطها وارتباطها بتنظيم القاعدة.

* أروى بغدادي

* وهي أروى عصام طاهر بغدادي ثاني الهاربات إلى اليمن، متمسكة بالفكر الضال وسبق أن خضعت للمحاكمة، اتهمت بالتورط مع خلايا «الفئة الضالة» بعد مقتل شقيقها محمد في ديسمبر 2010 في نقطة تفتيش «المثلث» بمحافظة وادي الداوسر، وخرجت في منتصف العام الماضي 2012، وكان مقررا حضورها جلسات قضائية تعقد لمحاكمتها، بعدما تم إطلاق سراحها بكفالة، وهي ممن وردت أسماؤهن ضمن من طالب التنظيم بالإفراج عنهن وتسليمهن للتنظيم باليمن، لتنجح بالهروب برفقة أخيها أنس وابنة أخيها وزوجته، تاركة خلفها طفليها اللذين يقبع أبوهما (ياسين العمري) بالسجن أيضا.

* نجوي الصاعدي

* تحمل درجة الماجستير من جامعة الملك عبد العزيز، وهي زوجة خالد الوافي الحربي المعتقل أيضا، عاشت في حي العتيبية في مكة المكرمة وشقيقها هو المطلوب الأمني حامد الصاعدي.

* نجلاء الرومي.. «أم الزبير»

* عرفت حركيا بأم الزبير، يمنيّة الأصل، اتهمت بصلتها الوثيقة بحنان سمكري وأروى بغدادي وهي زوجة متهم تورط في أعمال إرهابية وأودع السجن على خلفية تلك الأعمال.

* حنان سمكري

* اعتقلت في 18/ 1/ 1432هـ، وتم توجيه تهم إليها باعتناق الفكر التكفيري وتدريسه والترويج له في المجتمع النسائي، والتحريض على الخروج على ولاة الأمر، وتأييد الأعمال الإرهابية بالداخل، وإقامة علاقات قوية واتصالات مباشرة مع «القاعدة»، وتلقي التعليمات والتوجيهات من التنظيم في أفغانستان، وجمع التبرعات وإرسالها إلى التنظيم في أفغانستان، وصرف مساعدات مالية وعينية لأُسر المسجونين في قضايا الإرهاب وأُسر المقتولين في مواجهات أمنية مع السلطات السعودية، وتجهيز الشباب المغرر بهم بالمال والهويات المزورة والجوازات وبعثهم إلى مناطق القتال.

وحرضت ابنيها تركي ونواف وأرسلتهما إلى مناطق القتال في العراق وأفغانستان، وكونت خلية إرهابية في الداخل وزجت ابنها القاصر «اليزن» في التستر وإيواء المطلوبين أمنيا واستئجار الشقق السكنية لهم وتسهيل عملية تعليمهم داخل مدن المملكة مستغلة كارت العائلة الخاص بزوجها، وفصل أبنائها من المقاعد الدراسية في المدارس الحكومية وتحريمها من ناحية منظورها الشرعي، وتزويج عدد من الفتيات المغرر بهن بمساجين في قضايا إرهابية ومن ضمن الفتيات إحدى بناتها والمتزوجة من السجين حاتم محمد اللهيبي المعتقل حاليا في سجن ذهبان.

* هيفاء الأحمدي

* اعتقلت في 18 يونيو (حزيران) 2011م، حيث كان نشاطها بارزا في العمل مع أسر المعتقلين السياسيين لسنين طويلة في سجون المباحث العامة.